ملاحظات لوزارة الصحة
أتساءل: هل لدى وزارة الصحة معايير واضحة لتحديد حاجة المواطنين من الخدمات الصحية في مدن المملكة التي يمكن في ضوئها اعتماد المشاريع الجديدة والتوسعات في المستشفيات القائمة وافتتاح مراكز صحية جديدة؟ أقول هذا لأنني لا أرى الوزارة تعتمد شيئا من ذلك, ولعل نقص عدد الأسرة في المدن الكبيرة على حساب المدن الصغيرة دليل على ذلك, وبلغة المختصين فإن نسبة عدد الأسرة إلى عدد السكان في المدن الصغيرة أعلى منها في المدن الكبيرة، وحتى أكون أكثر وضوحا سأضرب لكم مثالاً عن مدينة ما يبلغ عدد سكانها 20 ألف نسمة يقام فيها مستشفى بسعة 100 سرير أي بالمعدلات التي تعرفها الوزارة سرير لكل 200 مواطن، وإذا طبقنا هذه النسبة على مدينة مثل الرياض ينبغي أن يكون عدد الأسرة فيها 20 ألف سرير, أي نحو 40 مستشفى سعة كل واحد منه 500 سرير, بينما الموجود فعلاً أقل بكثير وربما لا يتجاوز ربع هذه النسبة.
يا ترى لماذا أخفق كثير من الوزارات في تطبيق معايير أكثر عدالة في تقديم خدماتها؟ ففي مدينة مثل الرياض يقطنها نحو أربعة ملايين نسمة يوجد مكتب واحد للعمل وإدارة واحدة للاستقدام وإدارة واحدة للجوازات ومكتب وحيد للخطوط السعودية ومثله للمواليد والوفيات والأحوال المدنية والضمان الاجتماعي في حين ينبغي أن يكون فيها عشرات من تلك المكاتب والإدارات قياسا بحجمها وعدد ساكنيها.
أعود إلى موضوع وزارة الصحة لأقول إن شريحة مهمة من المواطنين في مدينة الرياض يعتمدون على المستوصفات والمستشفيات الخاصة ويدفعون من حسابهم الخاص قيمة الخدمات الطبية التي كان من الممكن أن توفرها لهم وزارة الصحة، ولعلها تطلعنا على إحصائية تبين عدد المستوصفات الخاصة مقارنة بالمستوصفات الحكومية في مدينة الرياض أو عدد المراجعين للمستوصفات الخاصة مقارنة بالمستوصفات الحكومية لكي يقوم الدليل على ضعف الخدمات الصحية في مدينة الرياض، كما أن كثيرا من السكان يراجعون المستشفيات الجامعية والعسكرية في وقت يراجع فيه إخوانهم في المدن الأصغر المستشفيات الحكومية دون طوابير الانتظار التي أسهمت في انكفاء المواطنين عن مستشفيات الوزارة في المدن الكبيرة.
من العدل أن توزع موازنة الوزارة على المواطنين أينما كانوا بالتساوي قدر الإمكان عن طريق استخدام معايير معروفة في مجال الخدمات الصحية لا أن يكون اعتماد المشاريع الجديدة حسب أقدمية الطلب أو غيره، فإذا كانت الوزارة قد أنشأت مستشفيات راقية في مدن مثل: القويعية, شقراء, محايل عسير, رفحا, النعيرية, المجمعة, ورماح, وغيرها كثير, وهي مدن صغيرة في عدد سكانها, فينبغي أن تكون في مدينة مثل الرياض 100 مستشفى و500 مركز صحي.
ولعلي أذكر المسؤولين في الوزارة بنتائج دراسة أعددتها ونشرت في صحيفة "الوطن" قبل سنوات حول الخدمات الصحية توصلت فيها إلى أن ميزانية الوزارة تكفي للتأمين الطبي على جميع المواطنين في أرقى مستشفيات القطاع الخاص، ومع ذلك لا يلجأ كثير منهم, خصوصا في المدن الكبيرة إلى مستشفياتها, بسبب الزحام والبعد وطول مدة المواعيد وغيرها, وهذا أمر ينبغي على الوزارة أن تدركه وأن تعمل على علاجه، عن طريق وضع استراتيجية مستقبلية للخدمات الصحية تركز على إيصالها بعدالة إلى جميع المواطنين وفي كل مكان حتى لو اقتضى الأمر التفكير جديا في تخصيص خدماتها وتوفير التأمين الطبي للمواطنين.
وحتى لا يتم فهم ما كتبته بشكل خاطئ فأنا مع إيصال جميع الخدمات إلى جميع مدن المملكة وقراها, وهي متساوية لدي في الحقوق كما الواجبات إلا أن العدالة في التوزيع بسبب تركيز الوزارات على تضخيم مشاريع المدن الكبيرة أو إيفائها حقها كاملاُ أسهم في نقص الخدمات في المدن الكبيرة وحرم شريحة واسعة من المواطنين من الخدمات الصحية المجانية التي تسعى حكومتنا الرشيدة إلى إيصالها للجميع .
<p><a href="mailto:[email protected]">Fax_2752269@yahoo.com</a></p>