منتزهات وطنية برسوم .. المفهوم والتطبيق
رسوم المنتزهات الوطنية ليست ظاهرة جديدة، بل هي ظاهرة عالمية قديمة، وممارسات في كل دول العالم، فمثلا نشرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، دراسة في 1998 عن أفضل الممارسات في فرض رسوم على المستخدمين للخدمات الحكومية تضمنت إرشادات ودراسات حالة. لكن بداية هل هناك فرق بين الرسوم والضرائب، وما هو ذلك الفرق إن وجد؟ والإجابة عن هذا السؤال واضحة جدا، فهناك فرق بينهما.
فالضرائب إيرادات عامة، ليس لها ارتباط بخدمة معينة، فضريبة القيمة المضافة مثلا تدفع بمجرد شراء السلع و الخدمات أيا كانت هذه السلع، ولا يوجد خدمة مرتبطة مباشرة بقيمة الضرائب لأنها تدفع من أجل قيام الدولة بالخدمات العامة، ولهذا فإنها (محاسبيا) ترحل إلى الإيرادات العامة (الميزانية).
لكن رسوم الخدمات ترتبط مباشرة بالخدمات، فلا تدفع الرسم إلا من أجل الخدمة نفسها، فإذا لم تكن بحاجة للخدمة فلا تدفع الرسم، مثل رسوم العبور، فلا تدفع الرسم إلا عندما تعبر الطريق أو الحدود.
هذا هو الفارق الرئيسي بينهما، لكن بعض الرسوم تعد نوع من أنواع الضرائب، وبعضها تصنف رسوما للخدمة، والفرق هنا دقيق جدا، فإذا كانت الرسوم تدفع مباشرة للإيرادات العامة، ولا تبقى بيد الجهة التي تقاضت الرسم، وإذا لم يكن هناك علاقة بين الرسم وبين تكلفة الخدمة فإن هذين الشرطين يجعلان من الرسم نوع من أنواع الضرائب، أما إذا كانت الرسم يبقى بيد الجهة التي استقطعته، وقيمته تعادل قيمة تكلفة الخدمة فإنه في هذه الحالة يصنف كرسم خدمة (فقط). هذه المقدمة ضرورية لفهم رسوم المنتزهات وهل نوع من الضرائب أم رسوم خدمات وماذا يترتب على ذلك.
بعيدا عن الضرائب، وفقا لدراسة قام بها صندوق كالي (The Cali Fund) فإن الرسوم التي يتم دفعها من قبل السياح عادة تنقسم إلى رسوم الدخول يتم فرضها لدخول المناطق المحمية ورسوم الامتياز التي تفرض على الشركات ("أصحاب الامتياز") التي تُقدم خدمات داخل المناطق المحمية - مثل الإقامة والطعام - لتشغيل هذه الامتيازات التجاري، والتراخيص والتصاريح التي تفرض على الشركات الخاصة العاملة داخل المناطق المحمية أو خارجها (مثل مُنظمي الرحلات السياحية، والمرشدين السياحيين، وسفن الرحلات البحرية) والأفراد المشاركين في أنشطة ترفيهية مُحددة (مثل الغوص، وصيد الأسماك، والتخييم) مقابل التراخيص أو التصاريح. وتشمل رسوم استخدام الزوار 4 مجموعات من أصحاب المصلحة ذوي الصلة أولهم مديرو المناطق المحمية وعادةً ما يكون مديرو المناطق المحمية موظفين حكوميين، ولكن يمكن أن يكونوا منظمات غير حكومية أو منظمات/أعضاء مجتمعية.
وتدفع أهداف الحفاظ على البيئة هؤلاء المديرين في المقام الأول، ويجب على المديرين ضمان توافق رسوم المستخدمين بالخدمات المرتبطة بها، مثل نظافة وسهولة الوصول والتنقل بين أماكن الإقامة داخل المناطق المحمية، مع أهداف الحفاظ على البيئة العامة للمناطق المحمية ودعمها لها.
ثانيا: الأعمال والأنشطة التجارية المرتبطة بالسياحة وتشمل قطاعات مثل: خدمات الطعام؛ الفنادق والإقامة؛ شركات الطيران؛ صيد الأسماك الرياضي، والغطس، والغوص السطحي، وغيرها من الأنشطة الترفيهية؛ ومن ذلك بيع الهدايا التذكارية وغيرها من منتجات التجزئة، وتسعى هذه الأعمال عمومًا إلى تعظيم أرباحها وتقليل رسوم الاستخدام المطلوبة منها.
ثالثا: المجتمعات المحلية التي تسعى لتوفير عمالة كبيرة للشركات المرتبطة بالسياحة، ويمكنهم الاستفادة، ولو بشكل غير مباشر، عندما تُحقق هذه الشركات أقصى أرباحها. رابعا السياح الذين ينقسمون عمومًا إلى فئتين: أجانب ومحليون.
وعادة توجد فروق كبيرة في الدخل بين هاتين الفئتين. فالرسوم التي تدفع عند بوابات المنتزهات غير تلك التي تدفع مقابل خدمات الترفيه و السياحة داخل المنتزه، ولا بد أن تكون رسوم الدخول للمنزه موجهه أساسا من أجل تغطية تكاليف صيانة المنتزه ومن ذل تكلفة إدارته (أجور الموظفين والعمال) وتكلفة خطط التطوير، لكنه يجب أن تتعدى ذلك وإلا أصبحت نوع من الضرائب، لان الفرق بين رسم المستخدم والضريبة هو الارتباط بتكلفة الخدمة.
فالضريبة تحدد وفقا لاحتياجات الميزانية العامة للدولة بين رسم المستخدم وفقا لتكلفة الخدمة، عندما تزيد يزيد الرسم عن التكلفة فإنه لا يمكن (كمحاسبة) أن نفسر الفرق كربح، بل هو ضريبة، وهذا صحيح سواء تم إدارة المنتزه من قبل جهة حكومية أو من قبل جهة خاصة، ذلك أنه لا بد من تحديد سعر الدخول بناء على تكلفة الإدارة فقط ومن ضمنها ربح مضمون لمن يدير المنتزه.
وعلى هذا فإن رسم الدخول تحدده الجهة الحكومية عند طرح المنافسة، وفي العادة فإن كامل إيرادات الدخول التصاريح تذهب من أجل تطوير المنتزه وتحسين خدماته ومنافسته من أجل مان ازدهار اقتصاد المنطقة التي يعمل فيها.
ينبغي أن تُشكِّل هذه السلطة إطارًا عامًا لتطبيق رسوم المستخدمين، ولا ينبغي أن تُحدِّد مبلغًا دقيقًا للرسوم الواجب تطبيقها. وهذا يسمح بتعديل الرسوم دون الحاجة إلى تفويض تشريعي إضافي.
ينبغي النظر في إجراء مشاورات مع المستخدمين عند فرض رسوم جديدة أو تعديلها بشكل كبير. يُسهم ذلك في اطلاعهم على مبررات هذه الرسوم وتجنب أي سوء فهم. علاوة على ذلك، تُعدّ آراء المستخدمين مفيدة في تصميم وتنفيذ نظام فوترة فعّال وكفؤ. يجب توضيح أن هذه المشاورات تُعدّ منتدىً لمناقشة أفضل السبل لتطبيق رسوم المستخدمين، وليس لمناقشة وجوب تطبيقها. ينبغي أن تُجرى المشاورات بسرعة مع تحديد موعد مُسبق لاختتامها.
تُوجّه الأسئلة المتعلقة بتطبيق أنظمة فوترة المستخدمين في أغلب الأحيان إلى موظفي الخطوط الأمامية. لذلك، ينبغي أن يكون مبرر فرض رسوم المستخدمين وتشغيل النظام واضحًا لموظفي الخطوط الأمامية.
باحث اقتصادي وأكاديمي