التمور .. من إنتاج موسمي الى استثمار دائم
محصول التمور في بلادنا له شأن كبير في الماضي والحاضر ونأمل أن يكون له شأن أكبر في المستقبل عن طريق تحويله إلى استثمار دائم بدل أن يظل محصولاً موسمياً يملأ موائدنا في مثل هذه الفترة من كل عام حيث يباع بسعر مرتفع في فترة قصيرة ثم يتدنى السعر لدرجة أن يتحول إلى إهداء مجاني وكما قال أحدهم منذ أيام كل ما قرع جرس الباب علِمنا أن هدية التمور بأنواعها وألوانها قد وصلت.
والحمدلله على هذه النعم وهذا التواصل في مجتمعنا الذي تعود منذ عصر الآباء والأجداد أن التمر أغلى هدية وأن المزارع هو الغني لأن لديه التمر والقمح وهما أهم عناصر الغذاء.
وعودة إلى موضوع اليوم وهو إمكانية توجيه التمور إلى استثمار دائم وليس مقتصراً على مواسم محددة، والعمل على توسيع اسواق استهلاك التمور بدل الاقتصار على الأسواق المحلية وبعض الدول المجاورة، لتكون البداية بالنظر لهذا المنتج الغذائي على أنه سلعة اقتصادية مهمة نحتاج لتعريف أسواق العالم عليها مثلما فعلت نيوزلندا بمنتج الكيوي مثلاً حتى وضعتها ضمن الفواكه المطلوبة عالمياً وذلك يتحقق بتنظيم حملات خاصة للتعريف بالتمور تحت مظلة هوية موحدة للتمور السعودية وتعمل وفق إستراتيجيات خاصة للوصول للأسواق المستهدفة كل حسب الأسلوب الأمثل له، والأهم أن تعمل مراكز البحوث والتطوير في جامعاتنا والمراكز المتخصصة لتطوير استخدامات متعددة للثمرة المميزة من التمور السعودية والتوسع في الصناعات التحويلية المرتبطة بالتمور.
وتؤكد التقارير الرسمية أن إنتاج بلادنا من التمور عام 2024 قد بلغ نحو مليوني طن ما أسهم في تلبية الطلب المحلي مع تحقيق فائض للتصدير لدول المنطقة وللعالم، وأن تجارة التمور ما زالت تعتمد على الإنتاج والتسويق، وأن المصانع لا تتجاوز 156 مصنعاً بعضها معامل محدودة تتسم ببساطة عمليات التصنيع..
رغم أن هناك مقومات كبيرة لقطاع التمور في بلادنا تؤهله للانطلاق في الصناعة لمشتقات التمور، مع الاهتمام برفع الإنتاج كمية ونوعية للاستفادة من ارتفاع الأسعار العالمية للتمور ومنتجاتها المصنعة، ولاستثمار الدعم الكبير الذي توفره الدولة لهذه الصناعات من خلال وزارة البيئة والمياه والزراعة وصندوق التنمية الزراعية والمركز الوطني للنخيل والتمور، التي على الرغم من جهودهم المميزة إلا أن التركيز في الفترة الماضية كان على مراحل الإنتاج دون الاهتمام بالتصنيع والتصدير.
وهذا يستدعي شراكة أكبر مع القطاع الخاص للارتقاء بسلسلة الانتاج في هذا القطاع من الزراعة حتى التصنيع والتغليف والتسويق.. ليتعرف العالم على منتج مهم تتميز بلادنا بإنتاج أجود أنواعه، بما يتناغم مع مستهدفات برامج رؤية السعودية 2030 الداعمة لمثل هذه المبادرات في نطاق تنويع المنتجات المطلوبة في الأسواق العالمية.
وأخيرًا: برامج التحول الاقتصادي وتطوير الصناعة الوطنية التي تعمل على تنويع مصادر الدخل في المجال الصناعي ومنها صناعات التمور سيكون لها أثر مهم جداً لو تكاملت مع جهود منظومة وزارة البيئة والزراعة والمياه في تحقيق عائد كبير.. ما يعني توفير فرص العمل للشباب والشابات في مجالات الإنتاج والتسويق والتصنيع والتصدير لتحقيق قيمة مضافة وتنمية الصادرات الصناعية غير البترولية والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي.. فهل نشهد ازدهاراً في صادرات ومنتجات التمور بعد تصنيعها خلال السنوات المقبلة؟.
رئيس مجلس إدارة جمعية الرأي السعودية