الاستشارات المالية للأفراد، الخدمة المفقودة!

تعد مهارة تنظيم العادات اليومية والروتين الحياتي، صعبة الاعتياد وعلى وجه الخصوص إذا كانت هذه العادات تحتاج إلى أمد طويل، وبطيئة في انعكاس الأثر على حياة الأفراد بما يشبه زراعة الخيزران الذي يبقى في بطن الأرض لسنوات في حين أن المزارعين يواصلون حتى تظهر جذوعه ما يمثل الصبر والمثابرة لتحقيق الهدف والمأمول.

وعلى العكس تماما تلك العادات السريعة الظاهرة التي تجلب الاستمتاع والنشوة سريعا مثل المقتنيات الفاخرة، العروض السعرية المغرية كل هذه الفئات تتسم بحصول أثرها مباشرة على الفرد. فالشعور الداخلي لشراء ساعة فاخرة، تذكرة أو غيرها بتعدد فئاتها وتصنيفاتها فهي تعطي المشتري شعور مباشر بتحقيق الغاية دون الانتظار.

من منا لا يريد الوصول إلى معادلة الجسم الصحي المثالي بالوزن، الدهون والكتلة العضلية؟! هدف يتطلب جهد بدني دؤوب والتزام، من منا لا يريد الوصول إلى الحرية المالية؟! هذا الحلم الكبير الذي يرفع عن الإنسان أعباء الحياة بطريقة خاملة، أموالكم تعمل لأجلكم تحقق لكم العوائد المثالية لتغطية نفقاتكم الدورية اللازمة دون أن تتأثر حياتكم بمدخولكم الوظيفي الدوري والثابت (الراتب). تتطلب هذه الأهداف خطط مصممة بشكل متقن يأخذ بالحسبان الجوانب الحياتية لكل فرد على حده.

ولا يمكن التعاطي معها على أساس جمعي فلا يوجد قالب واحد يتسع للجميع حتى وإن تشابهت العناصر بافتراض إعداد خطة مالية لعائلة من أم وأب وطفلين هذه الأسرة لها متطلبات لا تطابق بالمثل أسره أخرى حتى وإن كانت متمثلة بنسب العدد أو التشكيل، قد يأتي الاختلاف من طبيعة المعيشة، المدينة، المحيط العائلي أو العملي وأهمها اختلاف الأهداف والاحتياجات.

ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي نماذج كثيرة لمستشارين في المالي الخاصة للأفراد يجتهدون بتوزيع قوالب متشابهة لما يسمى خطط مالية سواء للادخار أو الوصول للحرية المالية وكلاهما قوالب عامة، ليس فقط على مستوى المؤثرين بل حتى أن نسبة جيدة من مستشاري التخطيط المالي في الجهات الاستثمارية، البنوك وشركات التأمين يشكلون ترديدا لقوالب متشابهة لبرامج ادخارية أو تكافلية مختلفة.

وهذا كان سبب في إضعاف هذا الجانب المهم من الخدمات المالية الخاصة المقدمة للأفراد أولى التجارب بدأت بوقت سبق الأزمة المالية العالمية بقليل ما أثر في المدخرات وقتها سلبا ممثلا صدمة أولى من برامج الادخار والاستثمار الجماعي أو التكافلي، ومع تحسن معدلات الفائدة في السنوات الأخيرة توجهت البنوك إلى حسابات ادخار تعتمد في جوهرها على معدلات الودائع.

أسهمت التقنيات المالية الحديثة في تحسين صورة الاستشارات المالية الخاصة إلا أن السوق لا تزال بعيدة عن تحقيقها على المستوى المطلوب والملائم.

إن صناعة الاستشارات المالية الخاصة حديثة في السوق السعودية وتحتاج إلى مزيد من الاهتمام حتى تصل إلى النضج المطلوب، خاصة أننا الآن نعيش فترة يزدهر فيها مفهوم الادخار والاستثمار، وبشكل يعتمد عليه بأن يكون أحد روافد صناعة القطاع المالي في السعودية وبالإمكان الاستدلال على ذلك بحسب الحسابات الادخارية وأرقام الأصول المدارة للأفراد عبر منصات المستشار الآلي المرخصة.

إن الأفراد والأسر متعطشون إلى نموذج حقيقي للاستشارات المالية الخاصة التي تسهم فعلا في بناء خطة مالية توصل إلى هدف معلم بتوفيق الله بقالب محدد لاحتياجات الفرد وليس قالبا عاما. كما أن على المتخصصين دورا فكذلك على طالبي الخدمات دور آخر مهم في تحديد الأهداف، اختيار البرامج والبحث عن مستشار مالي ذي خبرة وسابقة أعمال وأخيرا الالتزام ولو طال الأمد.


الرئيس التنفيذي للاستثمار BLME

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي