الاستثمار في الخسائر
الاستثمار والاستحواذ على الكيانات والشركات التجارية التي أدت عوامل التضخم والكساد أو الديون المتراكمة أو الأنظمة المقيدة في دولة ما، أو السوء الإداري في ذات الكيان بشكل عام، إلى حدوث خسائر حادة فيها، هو فكر رأسمالي قديم تتجه له الدول الغربية وشركاتها الكبرى، حينما ترى الفرصة التجارية في منتج الشركة النهائي حال تجاوز تكل الأزمة.
وتضع عديد من كبريات الشركات الأمريكية والأوروبية شركات ودول العالم تحت المجهر منتظرة اللحظة الحاسمة للاستحواذ لكيانٍ ما وهو في أدنى مستوياته، لتتحول إمبراطوريات بأكملها إلى شركات مخلب النسر الذي ينقض على فريسته بعد مراقبتها من الأعلى.
من هنا فإن فلسفة الاستحواذ الدولي لمثل هذه الكيانات ينبغي أن تلتفت لها شركاتنا العملاقة بوضع فرق متخصصة يكون هدفها طوال العام هو دراسة السوق العالمية وتحديد الشركات الدولية المنهارة أو التي هي على وشك الانهيار ويمكن تحقيق قفزات ربحية عالية بها على المدى القصير (من 3 إلى 5 سنوات)، في حال تم الاستحواذ عليها من كيان سعودي قوي.
إن ما يؤخذ بالحسبان هي العوامل التميزية التي تتمتع بها الشركات السعودية في مثل هذه الصفقات والتي ترشحها للقبول مقابل شركات عالمية متعددة، ومن أهم تلك العوامل:
أولاً: القوة في القانون الدولي والمحلي، فعلاوة على عضوية المملكة العربية السعودية في منظمة التجارة العالمية فهي تتمتع بامتيازات واتفاقيات ثنائية اقتصادية في معظم دول العالم، تمكن المستثمر السعودي من الاستثمار عابر القارات، كما أن وضوح وقوة القوانين السعودية المحلية (الشركات - الاستثمار - التجارة - المالية - البنوك - التحكيم ...الخ) قد أعطت مؤشر اطمئنان عالي في التجارة والاستثمار داخلياً وعبر القارات.
الثانية: القوة الاقتصادية، فلا يخفى على الجميع مكانة المملكة العربية السعودية بين مجموعة دول العشرين الكبرى والأقوى اقتصادياً، هذه القوة توفر ضمانات تمكن المستثمر السعودي من المنافسة العالمية من خلالها.
الثالثة: قوة واستقرار الريال السعودي، فربط الريال بالدولار العملة الأولى عالمياً يعطي الاطمئنان من أي تقلبات مالية عالمياً، بل أصبح الريال السعودي ذي قوة مباشرة باتفاقات ثنائية بين عدة دول من أهمها الصين بالتبادل التجاري بالعملة المحلية بشكل مباشر.
الرابعة: قوة الاحتياطي السعودي وتنوعه واستقرار عوامل التضخم في مستويات مطمئنه ولسنوات طويله.
الخامسة: التطور التكنولوجي المساهم في صنع ووضوح وسرعة القرار والإجراءات.
السادسة: الشفافية في كامل الدائرة الاستثمارية، التي تعطي الدول قبل الشركات التابعة لها شغف التعامل مع أي كيان سعودي للثقة التامة بالعقود والمواثيق السعودية.
السابعة: سلاسل الامداد واللوجستيات، فالصناعات السعودية والممكنات المحلية وعلى رأسها دعم الصادرات تجعل مستهدف الاستثمار السعودي في الدول الخارجية محط اهتمام لميزة خفض التكاليف التي قد لا تتوافر في دولة الشركة المتعثرة.
الثامنة: السوق السعودية الداخلية هي سوق جاذبة وذات ملاءة عالية، ومن هنا فإن نقل جزء من الشركة المتعثرة أو بيع إنتاجها داخل السوق السعودية هو مستهدف مهم كذلك، خصوصاً حينما ننظر لميزة توطين الصناعات وميزة المحتوى المحلي.
إن اقتناص مثل هذه الفرص (أعني الاستحواذ على شركات متعثرة في دول أخرى) عبر دراسة سوقية مستفيضة، تخلق فرصة ملاذ آمن ذكي وتنمي الاحتياطيات لدى الكيان السعودي وتجعله أكثر استقراراً، ما يصب بشكل عام لمصلحة الاقتصاد السعودي وجذب المستثمرين وزيادة الحركة التجارية بشكل كبير.
مستشار قانون دولي وتجاري وGRC