الصراعات النفسية وعلاجها الخطير
كثيرون هم الذين يتظاهرون بخلو منازلهم من المشكلات أيًا كان نوعها، وكثيرون هم الذين لا يعكسون عن حياتهم إلا مواقع الراحة والفرح والترف ليظهروا لمن حولهم صورة في منتهى المثالية تصل إلى شكل من غير السوية أو غير الصحيحة أو لنقل غير المنطقية، والحقيقة أن الإنسان في داخله لا يخلو من الصراعات المختلفة المتدرجة ما بين درجتها السطحية إلى العميقة، بل إن الإنسان أيضًا لا يخلو من الصراعات والاختلافات المتدرجة أيضا ما بينه وبين من حوله من الأفراد والمحيط الخارجي بشكل عام.
ولعل التكيف دائما مع هذه الصراعات الداخلية أو الخارجية يحتاج إلى مجهود نفسي أحيانا بسيط وفي أحيان أخرى يكون غير ذلك، ويعتمد ذلك على شخصية الفرد أولا ثم حالته المزاجية ثانيا ثم الظرف الخارجي الذي يواجهه يأتي في المرتبة الثالثة، ويظل الفرد يصارع ويصارع تلك الظروف الخارجية حتى ينتصر عليها، أو أن تغلبه فيصاب بالمرض النفسي، ومقابل ذلك يتصرف الفرد تصرفا في غاية الخطورة وهو الاعتقاد بأن المهدئات أو الأدوية النفسية هي قارب النجاة التي من الممكن أن تنقذه من الحالة التي يعيشها، فيبدأ مع الأسف في تناولها، وفي أحيان كثيرة قد يلجأ إلى ذلك بطرق ملتوية بعيدة عن طلب المشورة من الطبيب النفسي، الأمر الذي يجعله بعد مرور زمن معين يفاجأ بأنه قد أدمن تلك الأدوية التي لم تكن تحت إشراف طبي، وبذلك يدخل الفرد في مرحلة مأساوية وصراعات وحالة شديدة من الاكتئاب الذي يتفاقم مع المدة التي يتعاطى فيها تلك الأدوية النفسية.
كثيرون هم الذين يحملون أفكارا إيجابية عن تناول مثل تلك الأدوية، بل وفي سن صغير من الممكن أن تتسرب تلك الأدوية إلى من هم في عمر المراهقة؛ نظرا لانعدام التوعية الأسرية بل المدرسية أيضا في هذا المجال، وعلى الرغم من أن كثيرا من وسائل الإعلام تطرح مثل تلك الموضوعات إلا أن التوعية الأسرية هي أقرب ما يكون لذهن الفرد المراهق الذي من المحتمل أن يقدم على ما يشبه تلك الأدوية من فصيلة المنبهات والمنشطات التي تلعب دورا سلبيا في حياة الفرد النفسية والجسمية، بل حتى بعض الأطفال أصبحوا يدركون أشياء سلبية أكبر من أعمارهم الزمنية ومستوى عقولهم، ولكنهم في المقابل لا يحملون في أذهانهم سوى القليل من التوعية فيما يخص هذا الجانب، فنحن نسمع عن حالات قليلة من إدمان الأطفال ما قبل المراهقة بعض أنواع المنشطات، وربما حالات مختبئة لا تظهر إلا بالصدفة أحيانا، ولكن هذا يعطي مؤشرًا مهمًا إلى أهمية التوعية ضد كل تلك المواد، وعلى الرغم من أن الأدوية النفسية لا تقارن بالمخدرات أو ما شابهها ولكن في كل الأحوال ينبغي أن تكون تحت إشراف طبي دقيق.