مــا بـعــد الــورشـــــة

<a href="mailto:[email protected]">ammorad@ewaa.com.sa</a>

نتحدث هنا عن السلوكيات الإدارية والأخلاق المهنية التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من النهضة الصحيحة. وكما أن هناك الموظف الخلوق فهناك المؤسسة الخلوقة, لذا نجد أن خبراء الإدارة يتحدثون عن المؤسسة الأخلاقية الملتزمة بالقيم والمبادئ التي تضع حدوداً وضوابط لسلوكها لا تتخطاه.
والجلي أنه يجب أن نحقق أهدافنا وطموحاتنا وننفذ مشاريعنا بأمانة وشفافية وإنصاف لنا وللآخرين العاملين معنا والقادمين من بعدنا فيأخذ كل ذي حق حقه. وكل قائد و مدير ومشرف يعلم إن الصلاحيات أمانة في أعناقنا لخدمة الوطن والفتى ابن المواطن وإعمار الأرض على الوجه الصحيح وتحسين أحوالهم المستقبلية. ولن يرضى أبناؤنا عن الأمانة بديلاً ولسوف يحاسبوننا على جودة مواريثنا لهم إما بالدعاء لنا أو بالسخط والتذمر من واقع العيش في المدينة.
كما أشرت في المقال السابق إلى أن ورش العمل تنقسم إلى نوعين ورش عمل بائسة وهي التي تفتقر إلى التنسيق بين العديد من الجهات المسؤولة عن المدينة وفيها هدر واضح وجلي للوقت والمال والثروة، والأخرى ورش عمل فاعلة ومفعلة وهي التي تهتم بمظهر المدينة وسكانها ويظهر ذلك في تلاحم الجهات المرتبطة بأعمال التنفيذ ومقاوليها وفيها إنتاج أكثر من هدر المال والطاقة البشرية ووضوح التتنسيق بين الإدارات والجهات المعنية.
وحتى أنهي المقال برؤية وقراءة للمستقبل من جراء الملاحظات للأعمال التنفيذية في مدينة جدة وهي في ورشة عمل: استقراءات ثقة أبناء المجتمع في جودة العمل الإنشائي المدني (حفريات الصرف الصحي والهاتف والكهرباء والمياه وغيرها) في الشوارع فهو استقراء لا يبشّر بالجديد في توقعاتهم من الأعمال التنفيذية في المدينة ولا تتماشى مع تطلعات الناضجين من أبناء الوطن. ونذكر بأن الدراسات الاجتماعية والبحوث حول أبناء الوطن تبشر بنضوج الفكر وبشمولية الإطلاع على ما ينفذ في المحيط القريب والفسيح في الشرق والغرب، حيث إن نسبة النضوج الفكري وارتفاع مقياس التطلعات إلى التقدم عند الشباب والشابات على مستوى دول الخليج حسب ما قدمته دراسة نشرت في مؤتمر البحرين خلال العام الماضي تؤكد أهمية زيادة جودة ونوعية الإنتاج, وأن التوقعات من القادة والقوى العاملة الحالية أن تصل إلى طموحات شرائح المجتمع ورغبتهم وأن تكون من خلال الخروج عن المألوف والروتين وإيجاد آلية لزيادة تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص للرقي بها.
يا سادة، إن مواقع الحفريات تفتـقر إلى مكونات السلامة والنظافة مع سوء مظهر الحواجز المانعة وقلة الإشارات الإرشادية المرورية. ومظهر الحفريات العام يخزي النفس ويحزن العين والفؤاد. وهذا النوع من العمل يوضح نوعية الشعور بالمسؤولية عند ذوي الصلاحية في اختيار المقاولين المصنفين ويؤكد ضعف وجود المراقبة المدربة والمتابعة بأسس علمية للإشراف على مقومات السلامة وحسن المظهر العام لتلك الورش (الحفريات).
والمتمعّن في جودة ومراقبة العمل من شق وحفر وردم وسفلتة، يلمس ويتوقع التضخم والزيادة في عدد المطبات والحفر والفتحات في شوارع مدينة جدة لأسباب قلة حرفية العمالة (من عدم وجود ترخيص مزاولة المهنة للفرد العامل), وكثرة الجهد على المراقبين والمشرفين على تلك المشاريع وغيرها من الأسباب. ويرى المفكرون أهمية وحتمية الاستفادة من مرئيات المواطنين بدون عناء وبيروقراطية وإيجاد آلية تقنية (هاتف للتواصل مع إدارة رسمية) تتفاعل مع ملاحظات المخلصين من أبناء الوطن وحثهم على التبليغ عن حالات سوء الأداء التنفيذي في الشوارع والأرصفة بالاتصال على أرقام هواتف مخصصة للتواصل مع تلك الجهات (شركة الكهرباء، المياه والصرف الصحي، والبلدية) وعمل حملة إعلامية دائمة لحث المواطنين على التواصل في حالات سوء تنفيذ وأداء تلك المؤسسات (المقاولين). إن المرحلة القادمة في نمو وتطوّر المدن تعتبر الأسلوب في التواصل وأنه ليس فقط واجبا وطنيا وإنما يحصد منها أيضاً فوائد شخصية واجتماعية واستقرارية كثيرة مع تحسين المظهر العام للمدينة وابتداء من المسكن والشارع القريب منهم وإليهم. وفوائده مدنية تعود بتوثيق الانتماء إلى خدمة المدينة وإعداد جيل يصدق ويمارس العمل التطوعي إذ أن مساندة المواطن في إشعار الجهات المسؤولة عن تلك المشاريع يسهم في المثابرة على الإبداع من المراقب والمقاول وتحسين مظهر محيط المسكن الخاص به ومن ثم الشارع الذي يؤثر في مظهر المدينة كاملاً.
ورشة العمل في المقال السابق رؤى في ما نستطيع أن نعمل وننتج من جهد إداري ونشاط وقوى ناتجة من الفرد ومتصلة بالإدارة والقيادة الصحيحة. وكما أن هناك الموظف الخلوق, فهناك المؤسسة الخلوقة لذا نجد أن خبراء الإدارة والعمل الجماعي والطوعي يتحدثون عن المؤسسة الأخلاقية الملتزمة بالقيم والمبادئ التي تضع مراقبا لحدودها وضوابطاً لسلوكها لا تتخطاها.
ومين لابنك غيرك. ابْنِ وعمّر أرض بلادك. بكرة الخير لك ولأولادك. هز الأرض طول وعرض. الفتى ابن المواطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي