ترشيد الذهب الأزرق
التحديات التي فرضتها الزيادة الطبيعية وغير الطبيعية للسكان التي تواجه معظم دول العالم، إضافة إلى احتياجات عملية التنمية والاختلالات التي تسببت في التناقص الهائل في مصادر المياه الصالحة للشرب والري.. جعل موضوع الماء وندرته يلقي بظلاله على بقاع العالم كافة، ومما يحتم ضرورة اتخاذ حزمة من الخطوات الاستراتيجية للتقليل قدر الإمكان من الآثار السلبية التي من شأنها تجنيب العالم صراعات ذات عواقب وخيمة نتيجة لأزمة المياه.
هذا ولقد أُعطيت المملكة نعمة الماء الجليلة لما تستحقه من رعاية وعناية واهتمام، حيث إن قطاع المياه من أولى أولويات الأجندة الوطنية فتحقق ـــ بفضل الله ـــ الكثير لتخفيف حدة أزمة النقص في المياه بالمملكة.. وباستعراض النشاطات والمنجزات التوعوية التي نفذتها وزارة المياه والكهرباء على مدار السنوات الماضية نجد الكثير من برامج رفع الوعي حول أهمية ترشيد استهلاك المياه وتشجيع استخدام معدات توفير المياه في مختلف القطاعات، إضافة إلى تشجيع ودعم الفعاليات والأنشطة العلمية والمهنية التي تسهم في تحسين إدارة قطاع المياه.. على سبيل المثال، وكما أشار المهندس عبد الله بن عبد الرحمن الحصين وزير المياه والكهرباء إلى أن المملكة قامت بأكبر حملة يشهدها العالم لتوزيع أدوات الترشيد مجاناً للمنازل والأماكن العامة والحكومية والتجارية، ولكن الوزير شدد على أن استهلاك المملكة من المياه كبير جداً ومخيف، ولا يتناسب مع ما أمر به الدين الإسلامي من الاقتصاد والحفاظ على هذه النعمة النادرة.
واليوم؛ تعد المملكة من أكثر دول العالم شحاً في المياه، وتحتل المركز الثالث عالمياً في حصة الفرد من استهلاك المياه.. لذا فإن ترشيد المياه يحتاج إلى جهود مضاعفة، وبات ضرورة ملحة وواجبا وطنيا على الجميع، ما يتطلب خطوات جادة وسريعة وفاعلة للعمل على الحد من الهدر في استخدامات المياه وتقنين استخداماتها، إضافة إلى الرقابة الصارمة والمسؤولة.. ولعل من المناسب في هذه العجالة التذكير بحزمة من الإجراءات منها:
ـــ مضاعفة دور المؤسسات والجهات المعنية بنشر التوعية حيال المحافظة على المياه وأهمية نشر ثقافة الترشيد في استهلاك المياه تفاعلياً وإلكترونياً، وتوضيح الطرق المثلى لترشيد استهلاكها والانعكاسات الإيجابية لذلك من خلال تخفيض الأعباء المالية على المواطن، وكذلك خزانة الدولة.
ـــ تنظيم ورش عمل مستمرة تهدف إلى توسيع قاعدة الوعي المائي، واستخدام أجهزة ترشيد الاستهلاك في المساجد والمدارس والقطاعين السكني والتجاري، وتتضمن مثلاً أعمال التدريب على تركيب وصيانة أجهزة الترشيد وتوزيعها وطرق ترشيد الاستهلاك، إضافة إلى شرح مفصل عن نظام الفوترة.
ـــ الاستفادة القصوى من المياه المعالجة، ومعالجة الفاقد والتسرب داخل المنازل وخارجها.
ـــ إنشاء أندية مائية في المدارس بهدف ترشيد المياه خاصة لدى النشء لتنمو معهم ثقافة الترشيد مستقبلاً.
ـــ تنظيم مؤتمرات علمية بمشاركة محاضرين ومختصين ومهتمين في مجال الحفاظ على المياه.
ـــ ضرورة تحول قطاع الإنشاءات إلى استخدام التقنيات الحديثة وتكنولوجيات الطاقة المتجددة وترشيد استهلاك المياه.
والحمد لله القائل: ''وجعلنا من الماء كل شيء حي''، وقال تعالى: ''لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ''.