عجز "أوبك" عن التحكم في الأسعار .. واجتماع الخميس سيكون شكليا
<a href="mailto:[email protected]">a@aalhajji.com</a>
ستعقد "أوبك" اجتماعها غير العادي يوم الخميس المقبل (بعد غد) في العاصمة الفنزويلية كاراكاس بهدف مناقشة أوضاع أسواق النفط العالمية. ونظراً لفارق التوقيت, فإن تفاصيل الاجتماع ونتائجه لن تنشر في الصحف العربية حتى يوم السبت.
إن "أوبك" أقوى ما تكون عندما تتوافر لديها طاقة إنتاجية فائضة كبيرة، وأضعف ما تكون عندما تتلاشى طاقتها الإنتاجية الفائضة. لذلك فإن قوة "أوبك" تظهر في فترة الأسعار المنخفضة نسبياً وتتلاشى مع ارتفاع الأسعار.
تشير البيانات الحالية إلى أن "أوبك" عاجزة تماماً عن التحكم في السوق لأنها مازالت تفتقر إلى الطاقة الإنتاجية الفائضة التي يمكن تسويقها، في الوقت الذي استمر فيه الطلب العالمي على أنواع معينة من النفوط في الارتفاع، وإن كان بمعدلات أقل من ذي قبل.
في هذا السياق لا بد من توضيح عدة أمور:
1- لم ينتج الارتفاع الحالي عن ندرة النفط كمصدر طبيعي أو بسبب اقتراب النفط من ذروة إنتاجه كما يدعي البعض، وإنما نتج عن ضعف الاستثمارات في تطوير طاقة إنتاجية تتماشى مع الزيادة في الطلب العالمي على النفط.
2- ارتفاع أسعار النفط الحالي نتج أغلبه عن عدم توافق الطاقة الإنتاجية الفائضة في بعض دول "أوبك" مع نوعية النفوط التي تستطيع المصافي تكريرها، الأمر الذي يجعلنا نفرق بين "الطاقة الإنتاجية الفائضة" و"الطاقة الإنتاجية الفائضة التي يمكن تسويقها". هناك نفط يمكن لبعض الدول الخليجية أن تنتجه في أي وقت، ولكنها لا تنتجه الآن، لأن المصافي الحالية في الدول المستهلكة غير مؤهلة فنياً لمعالجة هذا النوع من النفوط, من هنا تنبع أهمية مذكرات التفاهم التي وقعتها شركة أرامكو السعودية في الأسبوع الماضي مع شركتي توتال الفرنسية وكونوكو فيليبس الأمريكية، والتي تتعلق ببناء مصاف يمكنها تكرير النفط الثقيل، الأمر الذي سيسهم في التخفيف من حدة الأزمات النفطية العالمية في المستقبل.
3- الزيادة في الطاقة الإنتاجية في الشهور الأخيرة، خاصة في كل من السعودية والكويت والإمارات، لم تسهم في استقرار أسعار النفط بسبب انخفاض الإنتاج في دول أخرى بسبب عوامل سياسية وفنية، خاصة في نيجيريا.
4- ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة في الفترات الأخيرة لا يعود إلى ارتفاع أسعار النفط وإنما إلى قيام شركات النفط بتغيير مواصفات البنزين لمقابلة القوانين البيئية التي فرضتها الحكومة الأمريكية في السنوات الأخيرة.
فإذا كانت "أوبك" لا تملك القدرة على زيادة الإنتاج، وارتفاع الأسعار يعود إلى عدم تواؤم الطاقة الإنتاجية الفائضة مع المتطلبات الحالية للمصافي، وارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة يعود إلى تغيير مواصفات البنزين فيها، فإنه من المنطقي ألا تستطيع "أوبك" تقديم أي حل لأزمة ارتفاع أسعار المحروقات في الدول المستهلكة. والحقيقة أنه حتى لو تمكنت "أوبك" من زيادة إنتاج النفط من النوعية التي ترغب المصافي في تكريرها، فإن هذه الزيادة لن تسهم في تخفيض أسعار البنزين في الولايات المتحدة لأن الأزمة لا تتعلق بإمدادات النفط.
هل "يخطف" شافيز الأضواء من "أوبك"؟
نشرت بعض وسائل الإعلام الغربية، بالإضافة إلى بعض وسائل الإعلام العربية الببغاوية التي ترجمت عنها، مقالات مفادها أن شافيز سيخطف الأضواء من "أوبك". كما أكد بعض الكتاب على أن شافيز "سيبيع" أفكاره الاشتراكية وتجربته في فنزويلا على دول "أوبك" الأخرى. كما اعتبر البعض أن هذا الاجتماع سيعزز من قوة شافيز على المستويين المحلي والدولي.
لا شك أن عقد اجتماع "أوبك" في كاراكاس ونجاحه سيعد مفخرة لشافيز، وسيضاف إلى ملف إنجازاته، ولكن تعليق العديد من الأمور المهمة على هذا الاجتماع مجرد أوهام لا توجد إلا في رؤوس من كتبها. أليس من السذاجة أن يعتقد البعض أن لقاء شافيز مع مجموعة من وزراء النفط على العشاء سيؤدي إلى التأثير في سياسات بلادهم؟ أليس من السذاجة أن يعتقد البعض أن يتمكن شافيز خلال ساعتين من غسل عقول وزراء دوّخوا العالم بدهائهم خلال السنوات الماضية؟ أليس من السذاجة أن يتكلم البعض عن تأثير شافيز في وزراء النفط وكأن وزارة النفط تسيطر على وزارات الدفاع والداخلية والإعلام والتعليم وتصنع القرارات في دولها؟
قد يخطف شافيز الأضواء من "أوبك"، ولكن فقط في وسائل الإعلام التي تريده أن يكون كذلك. أما الصحافة ووسائل الإعلام الجادة فإنها ستركز على نتائج الاجتماع وأثره في أسواق النفط العالمية.
نعم، سيستخدم شافيز مناسبة انعقاد اجتماع "أوبك" في كاراكاس لإلقاء خطاب من خطاباته النارية، وسيصفق له الجميع، ولكن الأمر لن يتعدى ذلك: خطاب وتصفيق! المهم، في النهاية، ليس الخطب الرنانة، أو الوعود المعسولة، أو الكلمات الجميلة، وإنما كميات ذلك السائل الداكن النتن الذي يزكم الأنوف. خلاصة الكلام: النفط قوة... وللقوة رائحة جذابة، مهما كانت نتنة... والكلام يبقى كلاماً...مهما كان معسولاً!