مسؤولة الصحافة والمجتمع المدني

<a href="mailto:[email protected]">almaeena@arabnews.com</a>
 
لا يمكن الاستهانة أو التقليل من الدور الذي يلعبه الإعلام في الوقت الحاضر. والحقيقة فإن أهمية دور الإعلام لا تقتصر على الحاضر والمستقبل فقط، لكن الإعلام طوال عمره كان مهماً. وقديماً قال توماس جيفرسون، ثالث الرؤساء الأمريكيين "حيثما تكون هناك صحافة، تكون هناك حرية، ويستطيع كل إنسان أن يقرأ وبذلك يصبح الجميع آمنين".
وقد أصبحت الصحافة اليوم أكثر حرية وأصبح الصحافيون أعمق ثقافة ووعياً. ولم تتحقق هذه الحرية بسبب "اللطافة" المفاجئة للمسؤولين في العالم، لكنها تحققت بفضل النضال المتواصل وبفضل التقدم الكبير في التقنية ووسائل الاتصال والمواصلات، وأيضاً بفضل ما يمكن تسميته "صحافة الجماهير" حيث لم يعد هناك شيء يمكن إخفاؤه!!.
وعلاوة على ذلك، فهناك الوعي المتزايد وسط الناس بأنهم يريدون المزيد من السلطات والصلاحيات وبأنهم يريدون أن يعيشوا حياتهم بحرية.
ويعرف هؤلاء الناس أنه يجب أن تكون لديهم حكومة وحكام لكنهم أيضاً يعرفون تماماً حقهم في الحياة بحرية وبكرامة وفقما تمليه عليهم ضمائرهم. والصحافة يجب أن تكون موجودة للمساعدة على زيادة التوقعات والآمال الاجتماعية. وهنا يكمن دور الصحافة الحرة والمستقلة والتي تستطيع أن تحكم على ممارسة المسؤولين سلطاتهم وصلاحياتهم.    
وفي العالم العربي لم يكن هذا هو الموضوع لأنه لسنوات طويلة كانت الصحافة ووسائل الإعلام إما حكومية وإما خاضعة تماماً لسيطرة الحكومة. لكن الناس في العالم العربي هم أيضاً بشر ويتابعون باهتمام بالغ ما يجري حولهم في العالم مثل تفكك الاتحاد السوفياتي، وتحرر أوروبا الشرقية بعد سقوط حائط برلين، والانفتاح الذي يجري في الصين، وحصول الشعوب في أمريكا اللاتينية على حقوقهم السياسية، وغير ذلك. وفي ضوء كل ذلك تزداد رغبة الشعوب العربية أن تكون لها صحافة حرة تركز على احتياجاتهم وتطلعاتهم بدلاً من أن تغرق في الإشادة بمنجزات الحكومة!!
وهنا تكمن الحاجة إلى وجود صحافة حرة ومسؤولة. ولا تعني الحرية الاعتداء على الآخرين بالانتقاد والتجريح لكنها تعني التقييم الموضوعي للرأي العام وإبراز احتياجات، وآمال، وتطلعات، وآمال المجتمع. ونحن في العالم العربي علينا أن نعرف أنه إذا كنا نريد مجتمعاً مستنيراً، علينا أن نحترم الرأي الآخر وألاّ نعمل على وأده.
إن الصحافة إلى جانب دورها التعليمي، والتثقيفي، والترفيهي، فهي أيضاً الجهة التي تحاسب الساسة والمسؤولين على أعمالهم. والصحافة هي مرآة المجتمع وهي صوت الغلابة والمسحوقين، وهي التي تحمي المجتمع من المنافقين، والانتهازيين، والديماغوغيين، والوصوليين.
ومن هنا يجب أن ينظر المسؤولون، خاصة في العالم العربي، للصحافة باعتبارها صديقاً وليس عدواً.
ومع توفير الحرية للصحافة، تجيء المسؤولية، فيكون الصحافيون مطالبين بالموضوعية، وتوخي الدقة، والانحياز لمصالح الوطن والمواطنين. وليس هناك من يختلف على ذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي