مؤشرات على انخفاض حاد للأسعار في السوق العقارية المحلية بـ 50 %

هناك نقاش حول مصير العقار السكني في الأشهر المقبلة، فهناك من تجار العقار والمستفيدين من يقول إنه سيستقر على حاله، أو إنه سيواصل في الصعود. وهناك فريق آخر من المواطنين والمراقبين وأيضا من تجار العقار من يقول إن الأسعار متضخمة وسيحدث تصحيح للعقار أو هبوط يصل إلى 30 في المائة. ولكن لم أجد الكثير من يتوقع هبوط العقار إلى 50 في المائة أو أكثر من قيمته الحالية، والجميع يستبعد ذلك. وفي ظل غياب معلومات عن السوق فإنه يصعب التوقع ويصعب ترجيح أي كفة، فالكل يدلي بدلوه والأشهر المقبلة كفيلة بإجابتنا إجابة كافية وافية عن هذا المصير.
ولإثراء النقاش حول هذا الموضوع سنناقش الاحتمال الثالث وهو هبوط العقار بنسبة 50 في المائة أو أكثر. والسؤال هنا: هل من الممكن أن ينخفض العقار بهذه النسبة الكبيرة؟ ومتى؟

#2#

الجواب في وجهة نظري، وبعد الاطلاع على أسواق العقار والأسهم العالمية خلال العشرين سنة الماضية، أجد أن هذا الاحتمال وارد جدا". ودعونا ألا نحكّم العاطفة في الرد على هذا التوقع وأن نحكّم العقل. فعندما حكّمنا العاطفة في سوق الأسهم السعودية في عام 2006، قلنا إن السوق ستصعد إلى 30 ألف نقطة، وأنه لا مجال لانخفاضها. وعندما هبطت السوق 50 في المائة، قلنا لا يمكن أن تهبط أكثر من ذلك، وقد فعلت.
وهناك مبررات عدة تجعلني أقدم على مثل هذا التوقع الجريء "نوعا ما"، وهي كما يلي:

1. الدورة الاقتصادية، فلكل سوق دورة اقتصادية تقرب من سبع سنوات تزيد أو تقل في بعض الأحيان بحسب الظروف لكل بلد. وتبدأ السوق في هذه الدورة بالصعود ثم بالنزول، وفي الرسوم البيانية المرفقة موضح كيف انهارت سوقا العقار الأمريكية والإسبانية، وهناك أسواق كثيرة مشابهة مثل سنغافورة وبريطانيا ودبي والقائمة تطول. وهناك رسم بياني من أفضل ما رأيت يوضح الأزمات العقارية في نحو 16 دولة، ولكن للأسف لم أستطع أن أجده مع كثرة الأوراق، ولكن خلاصته تقول إن متوسط هبوط الأسعار في الأزمات العقارية في هذه الدول يقارب من 55 في المائة، يزيد إلى 60 في المائة في بعض هذه الدول ويقل إلى 40 في المائة في البعض الآخر. أما متوسط الوقت الذي استغرقتها هذه الأسواق للتعافي فكان نحو سبع سنوات، تقل أو تزيد. وهناك شواذ مثل اليابان، حيث استغرق الصعود عشر سنوات والهبوط يزيد على 15 سنة. ودائما "ما تكون شدة الهبوط وسرعته معتمدة على شدة الارتفاع وسرعته، فالارتفاع السريع غير المبرر يقابله مثله في الهبوط".

2. لا يوجد شح في الأراضي وإنما هناك وفرة، حيث إن 77.4 في المائة من أراضي مدينة الرياض الواقعة داخل النطاق العمراني هي أراضٍ بيضاء. وحتى إن النسبة المتبقية المطورة وهي 13.6 في المائة ما زال بها ملايين الأمتار أراضٍ معدة للبيع.

3. يوجد عدد لا يستهان به من الأفراد والمستثمرين الصغار يملكون أراضي لغرض الاستثمار، خصوصا بعد هبوط سوق الأسهم. وهؤلاء المستثمرون هم من أصحاب رؤؤس الأموال الصغير والتي تُعتبر نسبة الخوف لديها أعلى بكثير من الهوامير، فلو انتشر خبر بأن العقار في ركود أو هبوط فإن الكثير منهم سيهرع للبيع؛ مما سيودي إلى نزول العقار بشكل حاد. ومثال على ذلك ما حدث في نهاية عام 2007، كما يوضحه الرسم البياني لأحد أحياء الرياض، فعندما كتبت الصحف عن أن كتابة العدل خالية من المبايعات وأن العقار يمر بموجة ركود، هبط العقار في شهرين ما يزيد على 20 في المائة. ولكن سرعان ما عاود الارتفاع بعد الإجراءات الشرعية وغير الشرعية التي قام بها بعض من تجار العقار؛ ولعدم وجود معلومات دقيقة عن وضع السوق.

4. تصريحات المسؤولين في الدولة مثل زير المالية وأمين مدينة الرياض ومحافظ مؤسسة النقد الذين يقولون فيها إن الأسعار مبالغ فيها وإن ارتفاع التضخم أحد أسبابه الرئيسة زيادة أسعار الإيجارات، وهذا يدل على أن لدى الدولة توجها لحل المشكلة، أو هو ما نظنه وتأمله، وخصوصا الآن بعد إنشاء وزارة الإسكان. ويكون التدخل بطرق عدة، إما بتطوير مخططات تملكها الدولة، بناء مساكن، نزع ملكيات الأراضي داخل النطاق العمراني للصالح العام، فرض زكاة على الأراضي، أو غيرها من سن القوانين التي تساعد على حل الأزمة الإسكانية.

5. زيادة المعروض من الوحدات السكنية، من الطبيعي بأنه في حالة وجود طلب، فإن المستثمرين يتسارعون إلى تلبية الطلب. ولكن المختلف لدينا في بلدنا الحبيب هي طبيعة المستثمرين، سواء الصغار منهم أو الكبار. حيث إننا كنا نلوم أصحاب المشاريع الصغيرة وذلك عندما ينشئ الشخص مغسلة في مكان ما وتكون ناجحة، يقوم عشرون مستثمرا بفتح مغاسل في المكان نفسه؛ مما يودي إلى تضرر الجميع. وهذا ما حدث في سوق المكاتب التجارية، ولكن للأسف كانت هذه المرة من أصحاب المشاريع الكبيرة. فعندما لاحظ المستثمرون أن أصحاب الأبراج التجارية لديهم طلب على مساحات مكتبية وأن هوامشهم الربحية عالية، قام المستثمرون بزراعة غابات من الأبراج المكتبية في مدينة الرياض، وأصبح العرض يفوق الطلب بمراحل، وانخفضت الأسعار وما زالت في انخفاض والقادم أعظم. أما بالنسبة للسكني، فقد لاحظنا في الفترة الأخيرة موجة تأسيس شركات التطوير العقاري، التي تهدف إلى إنشاء وحدات سكنية، وكل شركة تعد بأنها ستنشئ أرقاما كبيرة من الوحدات السكنية، وهذا في النهاية سيزيد العرض، إضافة إلى ذلك، ما قررته الدولة من بناء 500 ألف وحدة سكنية.

6. القدره الشرائية للأسر السعودية ضعيفة، حيث إن الأسرة السعودية لا تستطيع أن تشتري وحدة سكنية بأكثر من مبلغ 540 ألف ريال، وذلك مع قرض ميسر.

7. زيادة الكثافة السكانية لكل ألف متر مربع، ويتمثل في توجه الأسر إلى شراء وحدات سكن صغيرة أو شقق بعدما كانت تشتري وحدات سكنية بمساحة 650-750 مترا. وهذا وحده عنصر مهم لم يوضع في الحسبان، وسيؤثر تأثيرا قويا على السوق.

8. تحويل المساحات المكتبية إلي سكنية، وهذا لم يتوقعه الكثير، ولكن ذكرنا سابقا بأن المساحات المكتبية الموجودة حاليا في مدينة الرياض هي 1.2 مليون مترمربع، وهناك عرض أكثر من الطلب. كما أن المشاريع التي تحت الإنشاء حاليا ستضيف 1.7 مليون إلى مليوني مترمربع خلال السنتين المقبلتين. والسؤال: ماذا سيحدث للمساحات الإضافية التي لا يوجد عليها طلب وهي تقدر بما يزيد على مليون مترمربع؟ والحل، إما أن تُهجر أو أن يضاف إليها بعض من الاستثمار لتحويلها إلى سكني. وهذا سيضيف للسوق السكنية عددا كبيرا من الوحدات السكنية.

9. ارتفاع أسعار الأسهم، في حالة ارتفاع سوق الأسهم فإن الثقة ستعود بالتدريج وهذا سيجعل السيولة تتحول من العقار إلى الأسهم.

10. إصدار نظام الرهن العقاري، يقول المثل الأمريكي الشهير في قواعد الاستثمار، اشتر عند ظهور الإشاعة وقم بالبيع عند نشر الخبر؛ وذلك لأن الأسعار تتفاعل مع ظهور الإشاعة ولكن عند ظهور الخبر تكون الأسعار قد ارتفعت بما فيه الكفاية، فإما أن يكون الخبر بحجم الإشاعة وتنخفض الأسعار إلى السعر العادل، أو أن الخبر يكون دون المتوقع فتنخفض الأسعار بشدة. فأسعار العقارات في السعودية أخذت بالارتفاع بعد إشاعة إقرار الرهن العقاري منذ أكثر من أربع سنوات، وعند إقراره سيتبين للمواطن والمستثمر أن أسعار السوق مبالغ فيها، كما أنه سيتبين أن الرهن العقاري لن يفيد كثيرا بسبب ارتفاع أسعار الأراضي.
أما بالنسبة للسؤال عن متى سيكون ذلك، فهذا أيضا من الصعب توقعه فهناك عوامل كثيرة تحكمه، ولكن وبحسب المتوسط لعدد سنين الطفرات العقارية لدول العالم، فإنه يفترض أن يبدأ في منتصف هذا العام أو في نهايته، ويستمر سنين عدة. وأنا أتوقع أن يكون إصدار نظام الرهن العقاري هو دبوس الفقاعة العقارية.

#3#

#4#

#5#

#6#

#7#

ملاحظة: المقال أعلاه لمجرد إثراء النقاش وليس نصيحة أو تلميحا للبيع أو الشراء، وهناك احتمال بأن تكون التوقعات أعلاه مخالفة لما سيحدث في الواقع؛ لذا أرجو تحكيم العقل عند اتخاذ أي قرار استثماري.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي