حقوق عاملات المنازل
في المقال السابق تحدثنا عن مسؤولية وواجبات المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والذي مقره الرئيس في جنيف وأشرت إلى أن من أهم واجباته تشجيع الدول للتفاهم والحوار حول أهمية بناء قدرات وطنية حكومية وغير حكومية في مجال حقوق الإنسان في البلدان وخاصة تلك التي تعاني من ضعف تلك القدرات وكل ذلك يهدف إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان - كما أن من واجبات المفوض أن يقدم الخدمات الاستشارية والفنية لمن يطلبها من الدول لرفع فعالية الجمعيات والمنظمات التي تعمل في ميدان حقوق الإنسان، ثم بدأنا في ذكر أسماء المفوضين السامين حتى وصلنا للمفوض الثالث وهو سيرجيو نيبرا دي ميللو الذي عين في 12/9/2002م، والذي تميز بخدمته الرائعة في الأمم المتحدة وعالج قضايا صعبة ومعقدة في مجال حقوق الإنسان, وتقديراً له أعطى إجازة لمدة أربعة أشهر وكلف بعمل محدود في تلك الفترة ليكون ممثلاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ولكن للأسف قتل في حادث مروري مؤسف في 19/8/2003م عندما كان يزاول عمله، والمفوض المذكور من أصل برازيلي، وكنا سنستمر في إكمال بقية أسماء من تبقى من المفوضين، ولكن لفتت انتباهي قضية عاملات المنازل اللاتي تعرضن سوء المعاملة الشديدة وخاصة الحوادث التي حصلت في المدينة المنورة وتبوك, لذا وجدت من الأولى أن أؤجل الأسماء إلى وقت آخر, وأن التفت إلى موضوع:
العاملات المعنفات
يظل موضوع سوء التعامل مع عاملات المنازل من القضايا التي نسمع عنها من حين إلى آخر في الصحف المحلية، التي أشغلت الجهات ذات العلاقة وخاصة وزارة العمل والشرطة المحلية وهيئة وجمعية حقوق الإنسان وأحيانا سفراء أو قناصل الدول ذات العلاقة، والمؤسف أن تلك الحوادث، وخاصة التي تثار بشكل لافت للانتباه في الصحف تلفت نظر المنظمات العالمية غير الحكومية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان، التي توغل صدر منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة فتثير تلك القضايا غير الإنسانية وتستشهد بما ورد في صحفنا من أخبار مفصلة ومعززة بالصور فتسبب إحراجاً للمملكة مع أنها فعلاً حوادث فردية لا تمثل أخلاقيات المملكة دولة وشعباً كما أنه لا يرد في أغلب الأحيان من تلك الصحف عن الجهود المبذولة من الدولة ومن الجهات ذات العلاقة مثل وزارة العمل وهيئة وجمعية حقوق الإنسان من أنظمة ومطويات تؤكد على حقوق العمالة وما يترتب على سوء التعامل مع تلك العمالة من إجراءات جادة وعقوبات ولكن من أجل زيادة توعية المجتمع بحقوق عاملات المنزل خاصة فقد رأيت أن أسلط الضوء على ما تناولته الصحافة عن الحوادث الأخيرة للعاملات في المنازل وأشير إلى الجهود التي بذلت من الدولة والجهات ذات العلاقة في ذلك الشأن, ولا شك أن العاملات يعتبرن من الفئات المستضعفة التي هي أولى بالرعاية لعدم قدرة عاملة المنزل على الدفاع عن نفسها أمام بطش كفيلها أو ربة المنزل فلا تجد في أكثر الأحوال إلا الاستسلام للعنف أو الهروب من المنزل لمن تعرفه من جنسيتها, وقد تتعرض للابتزاز أو الوقوع في شراك المجرمين من تجار البشر والذئاب البشرية، وما لفت انتباهي هذه الأيام قضية عاملة المنزل الإندونسية (سومياتي سولات مصطفى) (24) سنة التي تعرضت لكدمات وحروق في جسمها وجروح غائرة في فروة الرأس مما استدعى بقاءها في مستشفى في المدينة المنورة لمدة (22) يوماً للعلاج وعمليات تجميل, والقضية اعتبرت جنائية والمتهمة سيدة ربة منزل في المدينة المنورة حسبما ورد في (عكاظ) الصادرة في 22/12/1431هـ، وفي الحلقة (150) القادمة نكمل ما تبقى.
رأس السنة الهجرية
هذا هو اليوم الثاني للسنة الجديدة التي تذكرنا بهجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة تلك الهجرة العظيمة التي غيرت معالم العالم وأدت إلى سطوع نور الحضارة الإنسانية عندما لم يجد عليه الصلاة والسلام القاعدة الأمنية في بلده لنشر رسالة الإسلام فأوحى الله إليه أن يهاجر إلى المدينة بعد أن اطمأن ووثق من كبار أهلها لتقديم العون والتأييد فانطلق يخطط لاستقرار الأمن وتطمين الناس استعداداً لانطلاق الدعوة الإسلامية إلى العالم أجمع, فتذكرنا الهجرة بجهوده وحكمته - صلى الله عليه وسلم - في الخروج من مكة إلى المدينة المنورة, وتعلمنا الهجرة أن يهاجر الإنسان إلى بلاد الله الواسعة إذا استعصى الأمن والاستقرار في بلده، وأن نراجع أنفسنا للهجرة من سوء العادات والأخلاق إلى مكارم الأخلاق والأعمال الصالحة.
عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان *
فاكس 014708199