مأمونية الدم
ازدادت الحاجة في السنوات الأخيرة إلى الدم ومشتقاته المختلفة زيادة كبيرة، فمع التقدم الطبي والتوسع في إجراء العمليات الكبيرة المختلفة مثل عمليات القلب المفتوح وزراعة الكبد والكلى وكذلك كثرة وازدياد الحوادث المرورية، التي يتعرض فيها الأفراد المصابون إلى نزيف حاد .. ازدادت الحاجة إلى أهمية توفير الدم بكميات مناسبة وبفصائله المتنوعة لصرفه لمن يحتاج إليه من المرضى والمصابين.
ومع ازدياد الحاجة ازدادت مخاطر نقل الأمراض المعدية والخطيرة وازدادت الحاجة بشكل كبير إلى وضع الضوابط اللازمة لمتابعة المستجدات، وكذلك إدخال الفحوص المخبرية اللازمة التي تضمن وتتأكد من كفاءة الدم وسلامته من الأمراض مثل نقص المناعة المكتسبة والتهابات الكبد وغيرها من الأمراض الفيروسية، كما أن الحاجة ماسة إلى التأكد من خلو المتبرع بالدم وبعده عن استعمال المخدرات والكحول.
لذلك عمل المختصون في بنوك الدم على إعداد البرامج اللازمة والضوابط التي تكفل سلامة الدم من أي أمراض قد تضر من ينقل إليه الدم. فأدخلوا الأجهزة الحديثة والكواشف الدقيقة وسعوا إلى إعداد البرامج التدريبية المنتظمة ووضع القواعد اللازمة في اختيار وقبول المتبرعين بالدم وسعوا إلى خلق وتوفير متبرعين طوعيين حتى يتم ضمان سلامة دمهم من تلك الأمراض المنقولة، كما سهل المسؤولون وعملوا على حضور المختصين والفنيين الدورات والندوات التي تقام في هذا الشأن وتم إعداد النشرات والمطبوعات التي توزع بين حين وآخر لتوضيح أهمية وفوائد التبرع بالدم، وكذلك تطبيق معايير الجودة الكلية في بنوك الدم ولا شك أن التشجيع الكبير من خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - في منح ميدالية الاستحقاق لمن يتبرع بالدم عشر مرات أو أكثر كان له أثر واضح وملموس في تسابق المواطن والمقيم لشرف الحصول على الأجر والثواب من الله وكذلك الحصول على تلك الميدالية.
والدم البشري مثله كمثل أي عضو من أعضاء الجسم لا يمكن تعويضه إلا بواسطة الجسم نفسه وفي حالة عدم استطاعة الجسم ذلك في حالات نزف كميات كبيرة من الدم أو فشل نخاع العظام فإنه لابد من تعويض الدم المفقود بتبرع شخص سليم بدمه له لأن الإنسان هو المصدر الوحيد للدم، ومن هنا كان التبرع بالدم عملا إنسانيا جليلا.
ولا ننسى أن للتبرع بالدم فوائد طبية عظيمة، فبالإضافة لتعرف المتبرع على حالته الطبية بصفة عامة فإن التبرع بالدم يعمل على زيادة نشاط النخاع العظمي لإنتاج كميات جديدة من الدم وزيادة نشاط الدورة الدموية، إضافة إلى تقليل نسبة الحديد في الدم ما يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب وانسداد الشرايين.
وكذلك التأكد من خلو المتبرع من الأمراض المعدية وخاصة الفيروسية ولا شك أن الشعور بالراحة والسعادة أمر مهم لما يقوم به المتبرع من عمل جليل وحصول المتبرع على الأجر والثواب.
فهل نجعل عادة التبرع بالدم من العادات المحببة إلى النفس ونجود بدمائنا لإنقاذ إخوة لنا على الأسرة البيضاء في أمس الحاجة إلى قطرات من الدم.
قال تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا). والتبرع بالدم من أعلى درجات التكافل الاجتماعي الذي اهتم به ديننا الحنيف وحثنا عليه، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى».
وفقنا الله لعمل الخير ومساعدة الآخرين.