كالديرون أبدع في الصعب وأخفق في السهل
بعد قرار إقالة كالديرون من تدريب المنتخب، وما ناله المدرب من انتقادات كبيرة من غير المختصين أجد من الضروري أن أشير إلى إيجابيات كبيرة قدمها كالديرون تستحق أن نشيد بها إنصافا لمهنيتنا عندما نقيم عمل كل مدرب.
وهنا أنا لا أقيم عمل كالديرون من خلال النتائج التي حققها المنتخب الأول في التصفيات المؤهلة لكأس العالم لأن الجميع يعلم أن هذه النتائج تحققت بجهود جماعيه من الأجهزة الفنية والإدارية واللاعبين ودعم أخر كبير من القيادة الرياضية خصوصا في مباراة كوريا في الدمام، ولكن سأتطرق إلى نقاط فنية حققها كالديرون وهي نقاط صعبة لا يمكن تحقيقها في زمن قصير.
لقد جعل كالديرون المنتخب السعودي يلعب كرة قدم حديثة وفق وتيرة جماعية افتقدناه منذ عام 2000 في لبنان، و ربط جماعية الفريق بأداء تكتيكي رفيع خصوصا في حالات الضغط الجماعي على لاعبي المنتخبات المنافسة وحدد مهمات واضحة لكل لاعب في أرض الملعب وإنشأ وحدات دفاع جماعية ممتازة و ارتداد هجومي يظهر فيه حفظ اللاعبين لما يجب تنفيذه.
كما استطاع أن يتخذ قرارات قوية عند اختيار اللاعبين القادرين على العمل معظم زمن المباراة و في جميع أرجاء الملعب، فلم يختر أيا من اللاعبين الذين لا يلعبون إلا والكرة بين أقدامهم وإذا فقدوها كأن الأمر لا يعنيهم بشيء. أيضا استطاع اختيار مواهب شابة ومنحها الفرصة ووثق فيما يمكن أن تقدمه لمنتخبها وإعادة اكتشاف الخثران في منطقة الظهير الأيسر وصنع من عزيز وكريري ثنائيا مبهرا في منطقة المحور، واستطاع توظيف سامي الجابر وإعادته هدافا متوهجا في صفوف الأخضر.
وأكتب هناعن إنجازات كالديرون الفنية خلال قيادته للمنتخب في التصفيات، وأرى أن المنتخب بقيادته قدم مباريات قوية على وجه الخصوص مباراتي كوريا، ولا أضع اعتبارا كون المنتخبات المنافسة ضعيفة في نظر البعض.
أما السهل الذي أخفق فيه فيتمثل في عدم استطاعته صياغة برنامج إعدادي للمنتخب بالرغم من الدعم الهائل الذي وجده من القيادة الرياضية التي منحته كل الصلاحيات ليقدم برنامجا فنيا يعد المنتخب لينافس في نهائيات كأس العالم 2006، لقد منحه المسؤولون كامل الصلاحيات لإقامة معسكرات واختيار مباريات قوية والثبات على مجموعة من اللاعبين لتحقيق أكبر قدر من الانسجام ليتطور أداء اللاعبين الفني بما يلائم المشاركة القوية في النهائيات. ولقلة خبرة كالديرون فقد ذهب إلى الدوحة لتجربة بعض اللاعبين وكان بالإمكان أن يوكل هذه المهمة إلى أي من مساعديه و يتفرغ هو للمهمة الأهم. لقد فقد المنتخب بهذه المشاركة شهرين من الإعداد كانت ستدعم وتطور المنتخب السعودي الأول كثيرا. ومن سلبيات كالديرون الرئيسية أنه أراد أن يتقمص جميع الأدوار في عمل الجهاز الفني ولم يؤمن أو يقدر أبدا عمل أعضاء الجهاز الفني المساعد وعلى وجه الخصوص مدربي اللياقة البدنية الذين غيرهم أكثر من مرة.
لقد قدم كالديرون عملا لا يضاهى في مفهوم العمل الجماعي للاعبين، ولكنه أخفق إخفاقا شديد في تطبيق المفهوم نفسه على أعضاء الجهاز الفني و أراد أن يكون العمل الفني فرديا.
إن المنتخب السعودي وهو يحظى بهذه العناية الكبيرة من القيادة الرياضية يشعرنا بالرضى لمسيرة كرة القدم السعودية، وقبل أن أثني على اختيار بكيتا صانع النجوم أود أن أثني كثيرا على اختيار مدرب منتخب الشباب لمتابعة منتخبات مجموعة المنتخب السعودي فكما ذكرت الأسبوع الماضي "لا يكفي ما تستطيع أن تقدم فالمهم أن تعرف بدقة أين وصل المنافسون".