قمة مرحلة الاندماج

قمة مجلس التعاون اليوم في الكويت تأتي بعد مرور 30 عاماً على قيام المجلس.. القمة ستكون استثنائية.. لذا نأمل أن تكون بداية مرحلة جديدة تأخذ مسيرة المجلس إلى المرحلة الثالثة أي (مرحلة الاندماج)، بعد أن مر بمرحلة التعاون ثم التكامل.. وطبعا هذه المرحلة لن تكون خطواتها سهلة وقد تواجه العثرات، فنحن ندخل منطقة تحتاج إلى الحكمة والصبر واستثمار الأحلام والتطلعات للمستقبل مع رصيد الخبرة والتجربة التي مرت بها المسيرة، فهذه المرحلة ستواجه حالة تتطلب التوفيق بين متطلبات الاندماج واعتبارات السيادة الوطنية لكل دولة.. لذا تجربة التعاون توجَّه لها الأنظار الآن المحلية والإقليمية والدولية.
فالشعوب في المنطقة تتطلع إلى استكمال متطلبات المواطنة الخليجية، وما تؤدي إليها من مشاريع استراتيجية مثل قيام البنك المركزي، العملة الموحدة والاتحاد الجمركي، فكل هذه ستؤدي إلى المشروع الأكبر أي السوق المشتركة في المصالح والمنافع. ولا شك أن قيام المشاريع الحيوية مثل الربط الكهربائي ومشروع شبكة الغاز، ومشروع القطار، ومشروع الاستخدام السلمي للطاقة النووية، كل هذه ستؤدي إلى أن نفتخر بتحقيق تجربة عربية جديدة للوحدة، بعد المشروع الأول الذي قاده الملك عبد العزيز، فإتمام الوحدة وولادة المملكة العربية السعودية كانت حسب تصنيفات المؤرخين، التجربة العربية الأولى للوحدة.
في مسيرة الثلاثين عاما واجهت دول المجلس الكثير من الأخطار والكوارث السياسية والأزمات الاقتصادية.. وقد أثبتت السنوات الماضية أن ما يجمع شعوب المنطقة وقياداتها أكثر مما يفرقها، وهذه الروح الجماعية نحتاج إلى إطلاقها الآن بقوة بعد أن تشكلت ظروف إقليمية خطيرة على المسيرة، فالأوضاع في العراق تتدهور ويضاف الآن الوضع الأمني في اليمن ومن قبل في لبنان وفلسطين أثبتت أن إيران أصبحت مصدر تهديد إقليمي متجدد للمنطقة، فالطموحات القومية الإيرانية الفارسية التي كنا نجتهد بالتقليل من أهميتها ونقدم حسن النوايا تجاه دولة تشاركنا الجيرة وتربطنا مع شعبها روابط العقيدة والدم واللغة والظروف الواحدة، هذه النوايا بدأنا نتحفظ عليها ونعيد مراجعتها، ونحن مطالبون بأخذ موقف حاسم وجاد من إيران يوقفها عن الجري (وراء الأحلام القومية)، ومن المؤسف أن ندخل مرحلة نجدنا مضطرين فيها إلى النظر للقومية الفارسية كمصدر تهديد لبقائنا، إذ تشكل الكماشة الشرقية مع (القومية اليهودية) التي تمثلها إسرائيل، ووصول شعوب المنطقة وقياداتها ونخبها السياسية إلى هذه القناعات لن يكون في مصلحة إيران ومستقبلها، وإذا استمرت إيران بسلوكها وتدخلاتها في شؤون المنطقة فإنها بذلك تضحي بكل ما حققته المنطقة من مكتسبات، ونرجو ألا نستنتج أن إيران تسعى إلى التدمير الشامل للمنطقة.. هذا استنتاج بيد إيران أن تساعدنا على عدم الأخذ به وتصديقه عبر الأفعال على أرض الواقع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي