جدة المريضة مَن يعالجها؟
عندما نتحدث عن تطوير المدن والمرافق التابعة لها فإنما نحن نتحدث عن تطور الإنسان وإعداده ليسهم مساهمة إيجابية في خدمة الوطن، وأهم بل أول الأبجديات الإعدادية الاهتمام بصحته أولا وثانيا وعاشرا، وذلك من خلال الاهتمام ببيئة المدن التي يسكنها هذا الإنسان المهدد دائما بالمرض ومن ثم بالموت والنهاية الحتمية الانقراض لكثرة الأمراض المتعلقة ببيئة المدينة سواء كانت هذه المدينة جدة عروس البحر الأحمر كما كنا نفاخر بذلك أم كما هو حالها الذي لا يسر عدوا أو صديقا، مع العلم ألا عدو لجدة، فجدة قطعة من أرض الوطن الغالي نتألم عندما تتألم ونفرح عندما تفرح، ومن حقنا الاهتمام بها ورعايتها لتكون ضمن المدن الجميلة في العالم كله. أما أن نمرض ويسكن مفاصلنا ويطالبنا البعض بالصمت ومداراة القائمين على صحتها وبيئتها فلا وألف لا، وهذا ما أكدته حكومة الملك خادم الحرمين الشريفين الذي طالبهم بالعمل من أجل إنقاذ بيئة جدة من أمراض كثيرة أقلها "حمّى الضنك" التي انتشرت وأصبحت واقعا لا يمكن لأي مسؤول نفي ذلك، لكن المصيبة أن يظهر علينا بعض هذه الجهات من الأمانة والصحة وخلافها كل منهما ينفي مسؤولية جهته عن هذا الوباء ويقذف بالتهمة على الطرف الآخر "تهربا" من المسؤولية حينا وحماية جهازه حينا آخر، وفي الوسط كالعادة ذلك المواطن الذي يسكن جدة، وبالتالي يسكنه الوجع حد العظم.
من هنا صار لزاما علينا الكتابة والمطالبة بتطوير مدينة جدة والاهتمام بشوارعها ومستنقعاتها وأحيائها العشوائية ومحاسبة الشركات التابعة لها التي تفتح في الشارع الواحد عشرات الحفر التي تمتلئ فورا بالمياه الجوفية، التي ما هي إلا فائض "بيارات المدينة"، التي للأسف تشكل تحت طبقة الأرض "بيارة كبيرة" عائمة تقف عليها مدينة جدة وسكانها، وما إن يحفر أي إنسان حفرة خاصة أو عامة حتى تظهر لك هذه الروائح الكريهة والمياه العائمة، مما يصدم المقاولين فيهربون تاركين الحفر حتى إشعار آخر، خاصة أنهم قد حصلوا على "مناقصة" المشاريع بسعر لم يكن لهذه المفاجعات أي دور، وبهكذا يجدون أنهم أمام أعمال أخرى لم تكن في الحسبان ولم يتفق على سعرها مع الأمانة أو البلدية أو الشركة الكبرى التي حصلوا من خلالها على عقد من الباطن كعادة إتمام كثير من المشاريع الحكومية والخاصة، والذي يحدث للأسف، تكثر الحوادث المأساوية فتارة انهيار الحفرة وسقوط مجموعة من العمال ومن ثم وفاتهم أو سقوط إحدى السيارات وموت ركابها .. إلخ من المآسي التي نقرأها ليل نهار عن "ضحايا" حفر جدة، والأمانة تلتزم الصمت وتترك البعض "يبرر" ذلك السكوت حتى إن بعض الأطباء قد ظهر علينا في أحد الحوارات ينفي مسؤولية أمانة جدة عن مثل هذه البعوضة "الدلوعة" التي أعطيت كامل حقوقها لتسرح وتمرح داخل أروقة جدة وأبنائها ولم يتبق إلا أن تشارك في أحد البرامج لتدافع عن حقها في الحياة والدفاع عن حقوقها التي تكرمت أخيرا أجهزة جدة بتكريمها "عاشت الحرية".
خاتمة
آه لو يقرأ المسؤولون تقريرا احتفظ به .. آه!