مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة.. هل تدعم الدولة صندوق الوقف؟
في اجتماع الجمعية العمومية لمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة الأحد الماضي في الخبر، كان ثمة أشياء مهمة على المستوى الوطني يمكن أن ترد على الذهن، خصوصا عندما ترى نوعية ومكانة الحضور لهذه الجمعية.. كان هناك أكثر من 40 قياديا من مختلف المجالات، بالذات قيادات القطاع الخاص الذين حضروا من أنحاء المملكة المختلفة.. وكل واحد منهم خلفه سجل حافل بالإنجاز، بالذات الإنجاز المتميز المشرف له ولنا في دعم العمل الإنساني والاجتماعي والخيري.
نوعية الحضور هذه هي التي تعطي الطمأنينة القوية لمستقبل الإنجاز الذي سيقدمه مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة في السنوات المقبلة.. وحجم الدعم الذي قدمه ويقدمه المؤسسون للمركز لم يأت إلا لوجود الأرضية الإدارية والنظامية ووضوح الرؤية والأهداف، والشفافية في الإدارة. كل هذه كانت الحافز لإقبال قيادات القطاع الخاص لدعم المركز ماديا ومعنويا، بل هذا الدعم مؤشر عملي على أن القطاع الخاص لن يتردد في دعم المؤسسات والجمعيات الخيرية والأهلية إذا وجد الوضوح في الأهداف والرؤية والعمل المنظم الشفاف، فالعصاميون من رجال الأعمال الذين بنوا ثرواتهم بعرقهم وجهدهم يعرفون قيمة الأشياء، لذا لا يترددون في دعم المؤسسات التي تملك المقومات للعمل الخيري والإنساني.
الدعم السخي الذي يقدمه القطاع الخاص كان له الأثر الكبير في تأسيس مقومات المركز وإطلاق مشاريعه الموجهة لخدمة المعوقين في المملكة والتي تستهدف البحث في مسببات الإعاقة الأساسية عبر الأبحاث في الجينات المورثة للإعاقة، وهذا المشروع وغيره من المشاريع والبرامج العديدة التي تجري الآن ويتم التخطيط لها مستقبلا.. كل هذه لن ينهض بها الدعم الذي يوفره القطاع الخاص، فالدولة يفترض أن تدعم برامج المركز بعد أن تأكدت أهمية الآثار الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية لما يقوم به.
والآثار الاقتصادية التي تترتب على الأبحاث في المركز ربما تعطي المبرر (العملي الملموس) لدعم المركز من الميزانية العامة للدولة.. ولدينا حقائق نتميز بها، وهي أن زواج الأقارب جعل المملكة تأتي ذات النسبة الأعلى في أمراض الإعاقة بسبب الوراثة، ففي المملكة من كل 700 مولود جديد هناك طفل قد يكون معرضا للإعاقة، بينما قد يولد معوق من كل أربعة آلاف طفل في أمريكا وأوروبا، وترتفع إلى ثمانية آلاف في اليابان، والمملكة لديها 500 ألف مولود سنويا.. وتقدر تكلفة تأهيل المعوق الواحد والعناية به نهاريا في حدود 100 ألف ريال سنويا.
طبعا هذه الإحصاءات قد لا تعكس الآثار الفعلية المتراكمة المترتبة على الإعاقة، فالتكلفة تتجاوز ذلك بكثير، وهذا هو الحافز لأن ننظر لآثارها في الاقتصاد الكلي، وحتى لا تتفاقم النفقات في العقود المقبلة، يفترض أن نبادر إلى دعم الأبحاث الموجهة للجينات السعودية، خصوصا أن بعض الموروثات المكتشفة في مجتمعات أخرى قد تختلف عن الجينات السعودية، وهذا له تطبيقاته في العلاج وتركيب الأدوية، ومن الأفضل لنا أن نبادر الآن أفضل من أن نأتي متأخرين، بالذات في أبحاث الأدوية.
المركز الآن أسس علاقة قوية مع مراكز الأبحاث في العالم، وكذلك مع المختصين في أبحاث وأمراض الإعاقة، وهذه العلاقة المتميزة رصيد مهم عندما نرغب البحث في المزيد من الجينات المسببة.. وبما أن المؤسسين (110 مؤسسين)، وضعوا في صندوق الوقف للمركز 500 مليون ريال، فلعل الدولة تعزز هذا الوقف بمبلغ مماثل حتى ينطلق المركز بقوة ليحقق شعاره (علم ينفع الناس)، وصندوق الوقف يشرف عليه ويديره مختصون في الشريعة والإدارة المالية، وتوفير هذا المبلغ سيجعل من مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة.. مؤسسة وطنية يتعدى أثرها إلى الأجيال المقبلة بحول الله، وأنا متفائل بتوافر هذا الدعم، فخادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ رفع الدعم الحكومي للأبحاث إلى معدلات لم نكن نحلم بها.. لذا من حقنا أن نحلم ونتفاءل والملك عبد الله يؤكد لنا كل يوم بالفعل قبل القول، أننا في مملكة الإنسانية.