95 عاما من التنمية تدفع البنية التحتية السعودية إلى تصدر المؤشرات العالمية

95 عاما من التنمية تدفع البنية التحتية السعودية إلى تصدر المؤشرات العالمية

95 عاما من التنمية تدفع البنية التحتية السعودية إلى تصدر المؤشرات العالمية

قطعت السعودية شوطا كبيرا في طريق تحولها لمركز لوجستي يربط 3 قارات، من خلال تطوير وتنمية بنيتها التحتية خلال الـ95 عاما الأخيرة.

أسفرت هذه الجهود عن تحقيقها المركز الأول على المستوى العربي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والمركز الـ20 على المستوى العالمي، وذلك وفق مؤشر البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة "QI4SD" لعام 2024، الذي يصدر كل عامين من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "UNIDO"، حيث قفزت المملكة 25 مرتبة مقارنة بالمؤشر الذي صدر في عام 2022.

ويأتي تصنيف المملكة ضمن أفضل 20 دولة حول العالم ليؤكد التزامها بتطوير منظومة البنية التحتية للجودة، والارتقاء بتشريعاتها وتنظيماتها، حيث تشمل عناصر البنية التحتية للجودة التي يتم قياسها في هذا المؤشر: المواصفات، القياس والمعايرة، الاعتماد، تقويم المطابقة والسياسات الوطنية.


من مطار واحد إلى تطلعات ضخمة


مر قطاع الطيران السعودي بعديد من المحطات منذ افتتاح أول المطارات مطار جدة (مطار الملك عبدالعزيز حاليا) عام 1945، وتبعه مطار الرياض، وتأسيس مصلحة الطيران المدني التي ضمت الخطوط السعودية وإدارة الطيران المدني، وذلك خلال الفترة من 1945 إلى 1948.

وفي الفترة من 1959 إلى 1977، تم فصل الخطوط السعودية عن الطيران المدني، حتى استقر اسمها على رئاسة الطيران المدني، إلى أن تحولت إلى الهيئة العامة للطيران المدني في عام 2004.

مع انطلاق رؤية السعودية 2030، تركزت الجهود أكثر للدفع نحو تطوير القطاع، وذلك عبر إعادة تنظيم الهيئة العامة للطيران المدني، وتأسيس الشركات متمثلة بطيران أديل، وطيران الرياض، وخدمات الملاحة السعودية.

كما تم وضع مسار للطريق نحو المستقبل، بإطلاق الإستراتيجية الوطنية للطيران، وإطلاق برنامج الربط الجوي، وتسريع عملية تخصيص المطارات، بهدف تحقيق الكفاءة التشغيلية.

هذا التطور أنتج في الوقت الحالي بلوغ عدد المطارات 29 مطارا بينها 19 دولي و10 داخلية، سافر عبرها 128 مليون مسافر في 2024 بزيادة 15% عبر 905 آلاف رحلة بزيادة 11% عن عام 2023، فيما تصل الوجهات إلى 172 وجهة دولية.

نظرا لذلك أصبحت مطارات السعودية وشركات النقل الجوي الوطنية ضمن مقدمة المطارات والشركات الرائدة عالميا، إضافة إلى الهيئة العامة للطيران المدني نظير جهودها المنظمة للقطاع.

يأتي هذا داعما للتطلعات المستقبلية، إذ تسعى السعودية بحلول عام 2030، إلى أن تكون مركزا للطيران العالمي على مستوى الشرق الأوسط، بربطها بـ 250 وجهة حول أنحاء العالم، عبر 29 مطارا تسهم في وصول عدد المسافرين إلى 330 مليون مسافر سنويا، ورفع القدرة الاستيعابية لمنظومة الشحن الجوي لتصبح 4.5 مليون طن.


شبكة الطرق تتضاعف 300 مرة

 

 

انطلقت شبكة الطرق في السعودية مع توحيد المملكة، بافتتاح أول طريق بين مكة المكرمة والمدينة المنورة لخدمة حجاج بيت الله الحرام بطول 75 كيلومترا من الحصى والحجارة، قبل أن تتحول هذه المسارات الصحراوية إلى شبكة عالمية.

ومنذ تأسيس وزارة المواصلات عام 1372هـ، تضاعفت شبكة الطرق بأكثر من 300 مرة، لتتجاوز اليوم 73 ألف كيلومتر مقارنة بـ239 كيلومتراً فقط في تلك الحقبة، ما جعل المملكة في مقدمة دول العالم من حيث ترابط الطرق.

وتعد شبكة الطرق أحد أهم ممكنات التنمية الوطنية منذ عهد المؤسس، حيث احتلت السعودية المركز الأول عالميا في مؤشر ترابط الطرق، وسط قيمة رأسمالية للبنية التحتية تجاوزت 76 مليار ريال.

كما واصلت حكومة المملكة الاهتمام بشبكة الطرق وتعبيدها، لتعزيز التنمية وربط المدن والمحافظات والقرى، إذ تستفيد منها سنوياً نحو 400 مليون مركبة تقطع أكثر من 220 مليون كيلومتر.

ولم تكتف المملكة بذلك، إذ حققت شبكة الطرق بين المدن تقدما كبيرا، حيث جاءت الأولى عربيا في استخدام تقنية الاهتزازات التحذيرية، وحققت مطابقة لأعلى معايير السلامة وفق مؤشرات دولية.

ويعد الطريق الواصل بين "شرورة" جنوب السعودية و"طريف" شمالا واحدا من أطول الطرق في العالم بين مدينتين، إذ يبلغ طوله 2593 كيلومترا، وهي مسافة تتطلب نحو 22 ساعة من القيادة المتواصلة.

واليوم تعمل السعودية عبر وزارة النقل والخدمات اللوجستية على تطوير منظومة النقل الذكي بتوظيف أحدث التقنيات في إدارة الحركة المرورية، وتعزيز النقل المستدام من خلال طرق صديقة للبيئة وذات عمر افتراضي أطول، بما يضمن ترابطاً أكثر كفاءة بين جميع مناطق المملكة.


رفع طاقة الموانئ إلى 686 مليون طن

 


تتمتع السعودية بشبكة واسعة من الموانئ البحرية على ساحلي البحر الأحمر والخليج العربي، ما جعلها منافذ حيوية للتجارة العالمية وبوابة رئيسية تربط بين 3 قارات. وقد حظيت الموانئ منذ عهد الملك المؤسس بدعم ورعاية متواصلة من القيادة، فتطورت من مرافق بسيطة إلى منظومة حديثة تؤدي دورا محوريا في الاقتصاد الوطني تتجاوز طاقتها الاستيعابية 686 مليون طن سنوياً.

بدأت الانطلاقة مع اكتشاف النفط وازدهار التجارة، فتم إنشاء ميناء رأس تنورة عام 1939 لتصدير النفط، وأصبح لاحقا من أكبر الموانئ البترولية عالميا. كما شيد ميناء الدمام التجاري "ميناء الملك عبدالعزيز لاحقا"، إلى جانب تطوير ميناء جدة الإسلامي لاستقبال الحجاج وتلبية الاحتياجات التجارية. وفي عهد الملوك سعود، فيصل، وخالد، استمر التوسع بافتتاح موانئ ينبع وجازان والجبيل، وإطلاق المؤسسة العامة للموانئ عام 1976 لمعالجة تزايد الطلب.

شهد عهد الملك فهد طفرة كبيرة بإنشاء الموانئ الصناعية في ينبع والجبيل لخدمة المجمعات البتروكيماوية، وتلاها افتتاح ميناء ضبا عام 1994. ومع عهد الملك عبدالله توسعت الشراكة مع القطاع الخاص وارتفعت جاهزية الموانئ لاستقبال السفن العملاقة.

في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، تعززت المكانة العالمية للموانئ بافتتاح ميناء رأس الخير عام 2016، وتحويل المؤسسة إلى "الهيئة العامة للموانئ" عام 2018، بما منحها مرونة أكبر في التنظيم والتشغيل. أطلقت الهيئة عددا من الخطوط الملاحية العابرة للقارات، واستقطبت استثمارات بمليارات الريالات لتطوير محطات الحاويات والبنية التحتية. وتسعى السعودية إلى تعزيز حصتها من التجارة العالمية استنادا إلى مكمن قوتها في موقعها الإستراتيجي بين 3 قارات، من خلال مشاريع نوعية من شأنها أن ترسخ مكانة السعودية كمركز محوري للخدمات اللوجستية والتجارة العالمية.


.. والختام بقطار الرياض

 

شهد قطاع النقل في السعودية قفزات نوعية خلال الأعوام الأخيرة، ليعكس حجم الاستثمارات والتطورات التي رافقت مسيرة التحول الوطني. فبعد أن بدأت السكك الحديدية بخط الدمام – الرياض الذي افتُتح في 1951 لنقل البضائع والركاب بعد 4 سنوات من العمل على المشروع، ظلت الشبكة محدودة لعقود طويلة، تعتمد على نقل بعض المنتجات والركاب بأعداد محدودة.

غير أن النقلة الكبرى جاءت مع تأسيس الشركة السعودية للخطوط الحديدية "سار" وتدشين قطار الشمال – وعد الشمال، الذي فتح فصلاً جديداً في مسيرة السكك الحديدية. فبعد أن كان النقل يتم عبر القوافل والجمال في الشمال لنقل الفوسفات والمعادن، أصبح القطار اليوم ينقل ملايين الأطنان سنوياً من منتجات التعدين والكبريت والفوسفوريك، إضافة إلى حركة ركاب متنامية. وبحسب البيانات، ارتفع عدد ركاب السكك الحديدية إلى 42.6 مليون راكب العام الماضي، محققاً نمواً تجاوز 41%.

وانعكس التحول الحاصل في القطاع على باقي وسائل النقل، إذ تجاوز عدد المستفيدين من قطار الرياض 100 مليون رغم الانطلاق الحديث له في نهاية 2024، فيما سجلت خدمات الحافلات أكثر من 349 مليون مستفيد.

كما قفزت رحلات تطبيقات التوصيل إلى 80.5 مليون رحلة بزيادة 26%، وتخطت طلبات التوصيل حاجز 290 مليون طلب بارتفاع 27%. حتى الشحنات البريدية شهدت نمواً ملحوظاً لتصل إلى 180 مليون شحنة بزيادة 29%.

الخلاصة، أن الأرقام تعكس مسيرة تطور بدأت بخط محدود بين الدمام والرياض قبل أكثر من 7 عقود، لتتحول اليوم إلى شبكة واسعة تدعم الاقتصاد وتخدم ملايين الأفراد، ودلالة على التحول الكبير الذي انطلق ببدايات متواضعة حتى بلوغه إنجازات تتجاوز حدود البنية التحتية نحو تعزيز جودة الحياة وتحقيق مستهدفات رؤية 2030.

الأكثر قراءة