رهان على القصص المصورة.. هل يمكن للمانجا إنقاذ تاكايكاميشيما اليابانية المهجورة؟
طالما لعبت جزيرة "تاكايكاميشيما" التي تقع في خليج ميكاوا غربي اليابان، دورا بالغ الأهمية في حماية الحدود البحرية والمناطق الاقتصادية، والآن بعد تراجع عدد سكانها إلى 11 نسمة من 300 في خمسينيات القرن الماضي، يكافح البعض لمنع اندثارها عبر تأسيس مدرسة المانجا التي قد تكون بداية لشيء أكبر.
ووفقا لـ"ساوث تشاينا مورنينج بوست"، افتتحت الجزيرة، التي تبلغ مساحتها 1.34 كيلومتر مربع، مدرسة متخصصة للمانجا في أبريل، على أمل إنعاشها من خلال تحويلها إلى مركز عالمي لفنون القصة المصورة وكتابة السيناريو، التي تعد أحد أبرز الصادرات الثقافية اليابانية.
يذكر أن مدرسة المانجا اليابانية تشير إلى مؤسسات تعليمية متخصصة في فن المانجا المعني بالقصة المصورة وكتابة السيناريو، بهدف تدريب الفنانين على مختلف جوانب الإنتاج، بدءا من الأساسيات وصولا إلى التقنيات المتقدمة.
يمثل المشروع، الذي انضم إليه 23 طالبا من المرحلتين الابتدائية والإعدادية من بلديات مجاورة، ثمرة جهود استمرت ثمانية أعوام بقيادة اثنين من كبار السن من عشاق "المانجا"، هما سادامو كيمورا (74 عاما)، وأوسامو هاسيبي (76 عاما)، مدير تنفيذي لشركة طبية من محافظة ياماناشي، يحلمان بمنح الجزيرة المهجورة حياة جديدة.
هاسيبي قال في حفل افتتاح المدرسة في الـ 27 أبريل: "إذا أصبح طلاب هذه المدرسة، فنانين محترفين أعتقد أن المكان سيكون ذو أهمية للمانجا"، وفقا لصحيفة ماينيتشي.
المشروع يشغل الآن موقع المدرسة الابتدائية والإعدادية السابقة في الجزيرة، والتي أُغلقت في 2023، لعدم وجود طلاب، وقد تم تجديدها وإعادة استخدامها، وتضم المنشأة ثلاثة فصول دراسية وغرفة مراجع للمانجا.
يقدم البرنامج ست دورات مكثفة، كل منها بفصول دراسية ليوم كامل تُعقد مرتين شهريا، ويغطي المنهج كل شيء بدءا من بناء القصص وصولا إلى رسم الشخصيات والخلفيات والروبوتات والآلات.
تبلغ الرسوم الدراسية لكل دورة 80 ألف ين (547 دولارا)، وتشمل الرسوم الدراسية والإقامة والوجبات. ويمكن لما يصل إلى 30 طالبا التسجيل في كل دورة، مع فتح باب التقديم أمام فناني المانجا الطموحين من جميع أنحاء البلاد.
أشرف على افتتاح المدرسة ماسانوري بابا، الذي يرأس أيضا جمعية سكان الجزيرة. انتقل إلى تاكايكاميشيما في 2022 مع زوجته وابنتيه، ما رفع عدد السكان إلى 11 شخصا، ويأمل أن يتضاعف هذا العدد ثلاث مرات خلال حياته.
ولكي يحدث ذلك، قال بابا إن الجزيرة بحاجة إلى اقتصاد قوي، وقد تكون مدرسة المانجا بداية لشيء أكبر، وأضاف: "آمل أن نشهد إقبالا كبيرا من الراغبين في الانتقال إلى هنا".
شهدت الجزيرة خلال الأعوام الأخيرة تطورا مطردا في فن المانجا، فعلى مدار العقد الماضي، أصبحت المباني العامة لوحات فنية جدارية زاهية الألوان. وتزين أكثر من 30 شخصية مانجا مباني الجزيرة المطلة على الميناء، محولة إياها إلى معرض فني مفتوح نابض بالحياة.
بلغ عدد سكان تاكايكاميشيما نحو 300 نسمة في خمسينيات القرن الماضي، وكان معظمهم يعمل في صيد الأسماك والزراعة. لكن عدد سكانها تقلص إلى 51 نسمة فقط بحلول 2007، وهو العام نفسه الذي زار فيه هاسيبي الجزيرة لأول مرة وبدأ يفكر في إنقاذها.
تُعد الجزيرة واحدة من نحو 256 جزيرة نائية مأهولة بالسكان، مُعترف بها رسميا بموجب قانون تنمية الجزر النائية الياباني، وهو قانون يهدف إلى دعم المجتمعات المعزولة وضمان سلامة أراضي البلاد.
في حين أن هذه المجتمعات لا تضم سوى أقل من 0.3% من سكان اليابان، إلا أنها تلعب دورا بالغ الأهمية في حماية الحدود البحرية والمناطق الاقتصادية الخالصة للبلاد، وفقا لوزارة الأراضي والبنية التحتية والنقل والسياحة.