وزير الثقافة السعودي لـ"الاقتصادية": دعم ولي العهد تاريخي و377 مليون ريال لـ 120 مشروعا

وزير الثقافة السعودي لـ"الاقتصادية": دعم ولي العهد تاريخي و377 مليون ريال لـ 120 مشروعا

كحال عديد من القطاعات السعودية، تنفس القطاع الثقافي الصعداء منذ إعلان رؤية السعودية 2030، حيث توالت القرارات والمبادرات التمكينية للقطاع الذي عانى كثيراً في العقود الماضية من غياب الإستراتيجية الشاملة، والشتات المرجعي لمؤسساته، واعتماده الكبير على الاجتهادات الفردية، وتركيزه على نخبة أكاديمية، ما انعكس على ضعف مساهمته الاقتصادية، وخلق فجوة لم تكن لتخطئها العين بين الإنتاج والاستهلاك المحلي.


واليوم، تخضّر مؤشّرات القطاع الثقافي بعد مرور سبعة أعوام على تأسيس وزارة الثقافة، الوزارة التي واجهت عديدا من التحديات التنظيمية والاقتصادية والاجتماعية أيضاً، فالقناعة التي كانت راسخة عند كثير من المجتمع السعودي بعدم جدوى القطاع في النمو الاقتصادي، وجودة الحياة بدأت تتغيّر، حتى ارتفعت نسبة من يرى أن الثقافة مهمة في البلاد إلى 92%، بعد أن كانت النسبة لا تتجاوز 70% بحسب استطلاعات رأي، ويعزو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، أول من حمل حقيبة "الثقافة" الوزارية، كل ما تحقق إلى دعم القيادة السعودية، وتمكينها وتشجيعها للمثقفين والثقافة، واصفاً دعم ولي العهد السعودي بـ"التاريخي" للقطاع.


وكشف وزير الثقافة السعودي، في حوار مع "الاقتصادية"، ارتفاع نسبة مساهمة القطاع الثقافي في الناتج المحلي بعد أن كانت لا تتجاوز 0.91%، ومعتبراً الأعوام الماضية من رحلة الوزارة إلى رؤية السعودية 2030 "خضراء"، مشيراً إلى تحقيق المنظومة الثقافية عديدا من مستهدفات الرؤية قبل أوانها، فإلى نص الحوار:

 

شكرا لسموكم قبول الدعوة.. بداية كيف سيكون المشهد الثقافي السعودي عند حلول العام 2030؟

 

** شكراً لكم على إتاحة هذه الفرصة، ورؤية السعودية 2030 تأتي كأساس لإستراتيجية وتوجهات وزارة الثقافة، وتعمل المنظومة الثقافية لتصل بالمشهد الثقافي السعودي في 2030 ليكون بيئة ثقافية تحتضن المواهب، وتشجع على الإبداع والابتكار محلياً ودولياً، وبيئة نموذجية لازدهار الأعمال الفنية والثقافية، وتتناغم وتنسجم مع مختلف مكونات القطاع والعاملين فيه، باعتماد أفضل التقنيات والممارسات، حتى تصبح الثقافة مكرّسة في مختلف جوانب الحياة اليومية للأفراد، وتتمكّن من المساهمة في الناتج الإجمالي بنسبة 3%، بما يعادل 180 مليار ريال وهذا هو جوهر عمل وزارة الثقافة، والهيئات الثقافية لتحقيق التحوّل الثقافي الشامل والطموح.

 

 

 

في يونيو الحالي، أكملت رحلة وزارة الثقافة إلى 2030، عامها السابع، ما أبرز ما تحقق، وكيف ترى الرحلة كأول وزير للثقافة في البلاد؟

 

** بفضل قيادة داعمة وممكنة ومشجعة للثقافة والمثقفين، وبشراكة إستراتيجية مع المبدعين، وبفريق عمل طموح وشغوف، مضت 7 أعوام خضراء، ونجحت المنظومة في رفع نسبة من يرى أن الثقافة مهمة في المملكة إلى 92%، بعد أن كانت النسبة لا تتجاوز 70%، وهذا مؤشّر مهم جداً، واستمرت المساعي لتعزيز مكانة الثقافة في أن تكون مكوناً رئيسياً لتعزيز الهوية الوطنية كإطلاق يوم التأسيس ويوم العلم، إضافة إلى توفير المحتوى الثقافي في مختلف المحافظات، وزيادة الاستهلاك من مختلف شرائح المجتمع، وتحسين جودة الحياة، وتعزيز اقتصاد المملكة عبر خلق فرص وظيفية، وتشجيع الاستهلاك المحلي، وتعزيز حضور المملكة الدولي.

وحققت الوزارة عدداً من مستهدفاتها لعام 2030 قبل ذلك، حيث ارتفع عدد خريجي التخصصات الثقافية ليصل في عام 2024 إلى أكثر من 28.8 ألف خريج وخريجة بمعدل نمو تجاوز 79%، فيما كانت أعداد الخريجين لا تتجاوز 16104 خريجين وخريجات قبل 6 أعوام، وبنسبة نمو في أعداد الموظفين في القطاع تجاوزت 318%، وتجاوزت المنظومة مستهدفاتها لـ 2030 في عدد المشاركات السعودية في الفعاليات الثقافية الدولية لتصل إلى 39 مشاركة، وبتسجيل "المنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية" في قائمة التراث العالمي لمنظمة "اليونسكو"، نجحت المنظومة في تحقيق مستهدف "رؤية 2030" بإدراج 8 مواقع تراثية على القائمة.

وأصدرت الوزارة أكثر من 9 آلاف ترخيص ثقافي في منصة أبدع حتى العام الماضي، وارتفع عدد الجمعيات والمؤسسات الثقافية، وأندية الهواة في القطاع غير الربحي من 28 في 2017 إلى 993 جمعية، كما تم إطلاق منتجات تأمينية لأول مرة في القطاع الثقافي.

وارتفعت مواقع السجل الوطني للآثار إلى 9317، وارتفع عدد المواقع المسجلة في السجل الوطني للتراث العمراني من 998 موقعاً إلى 25 ألف موقعاً، كما عززت المنظومة من المحتوى الثقافي في مختلف المحافظات، وزاد الاستهلاك من مختلف شرائح المجتمع، ومن 2021 وحتى 2024، حضر الفعاليات الثقافية أكثر من 23.5 مليون زائر.

كما أن هناك عديدا من المؤتمرات والفعاليات المهمة بعضها أطلق للمرة الأولى، كمؤتمر الرياض الدولي للفلسفة، ومهرجان البحر الأحمر الدولي السينمائي، الذي أصبح من أهم المهرجانات السينمائية، إضافة إلى أكبر احتفال عالمي للفنون الضوئية (نور الرياض)، وبينالي الفنون الإسلامية الذي استقبل في نسخته الأولى أكثر من 600 ألف زائر.

وبطبيعة أي رحلة تطويرية، كانت هناك عديد من التحديات والتعقيدات، ولكن أؤكد لك أن الدعم الذي تحظى به القطاعات من سمو سيدي ولي العهد، وهو دعم تاريخي وغير مسبوق، يزيل كل الأعذار، وليس أمامنا إلا الإنجاز.

 

 

 

أطلقت الوزارة برنامجاً لابتعاث السعوديين في التخصصات الثقافية، كيف تقيمون التجربة حتى الآن؟

 

** المبادرة التي رأت النور بدعم من سمو سيدي ولي العهد، صممت بمرونة غير مسبوقة، حيث لا تشترط امتداد التخصص، ولا حد أعلى لعمر المتقدم، والفرصة متاحة للجميع.

ومع بداية استقبال طلبات الابتعاث الثقافي، كان الإقبال واسعاً، وكان شغف السعوديين بالتخصصات الثقافية كبيراً أيضاً، وبدأت رحلة كثير من السعوديين في السنوات الماضية، واحتفلنا في أغسطس 2024 بتخريج أول دفعة للابتعاث الثقافي (203 خريجين وخريجات)، واليوم يدرس المبتعثون في تخصصات كالموسيقى، المسرح، الفنون البصريّة، صناعة الأفلام، الآداب واللغات واللغويات، علم التراث والآثار، فنون الطهي، التصميم، تصميم الأزياء، فنون العمارة، المتاحف، المكتبات، علوم وتكنولوجيا الأغذية.

ويتيح الابتعاث الثقافي الدراسة في أهم الجامعات العالمية، 120 مؤسسة تعليمية، وبلغ عدد من تم إصدار قرار ابتعاثهم 1222 مبتعثاً لعدة دول من بينها الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، أستراليا، فرنسا، سويسرا، وإيطاليا وغيرها.

 

 

 

في السابق، كانت التخصصات الثقافية في الجامعات تعاني عزوف الطلبة نظراً لمتطلبات سوق العمل، هل تغيّر المشهد اليوم؟

 

** الأثر الذي أحدثته رؤية السعودية 2030 على القطاع الثقافي عميق وملموس، فقد زاد عدد العاملين في القطاع الثقافي في الأعوام الماضية، وبعد تأسيس الوزارة ارتفع عدد التخصصات الثقافية في الجامعات السعودية لتصل إلى 91 تخصصاً ثقافياً، ونؤمن في المنظومة الثقافية أن التعليم والتدريب أساس لبناء قدراتنا البشرية.

ويجدر الإشارة إلى جهود الأوساط الأكاديمية والعلمية في تعزيز البحث العلمي حول موضوعات ثقافية مهمة، وتكللت جهود الزملاء في الوزارة بإطلاق مبادرة المنح البحثية الثقافية، الذي تهدف من خلاله وزارة الثقافة إلى دعم البحث الثقافي، وبناء بيئة بحثية محفزة، تجوّد الإنتاج العلمي، وتعزز من مرجعيته وموثوقيته، كما يسهم البرنامج في إبراز حضور المملكة في الأوساط البحثية إقليمياً وعالمياً. وتناولت الأبحاث المستفيدة من المبادرة موضوعات متنوعة مثل القهوة السعودية، والشعر العربي، ودراسات الأنثروبولوجيا، والاقتصاد الإبداعي، وغيرها من الموضوعات انطلاقاً من الأولويات البحثية للقطاع الثقافي التي أعلنت عنها الوزارة مؤخرا، وقد بلغ عدد الأبحاث الممنوحة التي نشرت حتى العام الحالي 37 بحثاً علمياً، أجراه باحثون سعوديون ودوليون من فرنسا وبريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وإسبانيا، إضافة إلى دول الوطن العربي مثل مصر والمغرب، والعراق.

 

 

 

هناك تحدٍ كبير ينتظر خريجي عديد من التخصصات الثقافية، وهو عدم اعتراف السوق ببعض مهنهم الثقافية، كيف ستعالجونه؟

 

** بجهود الزملاء والشركاء في كافة القطاعات الحكومية، أدرجت 360 مهنة ثقافية مباشرة وغير مباشرة في التصنيف السعودي الموحد للمهن، ما يعني مزيداً من الاعتراف بالعاملين في المشهد الثقافي، وتمكينهم من الحصول على حزم الدعم المختلفة من الدولة، وتغذية سوق العمل بالكفاءات، وزاد الدعم المالي من 30% إلى 50% للوظائف الثقافية في منتج دعم التوظيف المقدم من صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف).

سوق العمل في القطاع الثقافي تغيّرت كثيراً، وتطور مقارنة بالسابق، حيث انتعشت بفضل انتعاش عديد من القطاعات الثقافية، وشهدت قفزة كبيرة في عدد العاملين فيه، وهي سوق كبيرة، وتحتاج لمزيد من المتخصصين، حيث تشير دراساتنا إلى توقع نمو حجم الوظائف في القطاع الثقافي بنسبة 7% سنوياً، وسيصل عدد الوظائف في القطاع عام 2030 إلى أكثر من 346 ألف وظيفة، وأمام كل هذا، يوجد طلب متزايد، وفجوة في بعض القطاعات الثقافية، ما يؤكّد ضرورة تكاتف الجهود، وأن تحقق المبادرات المطلقة أهدافها برفد السوق والقطاع بمزيد من الكفاءات الجديدة.

واليوم نعمل مع شركائنا في الجهات الحكومية جنباً إلى جنب لدراسة سوق العمل عن كثب للمواءمة المثلى بين العرض والطلب لتوطين المهن الثقافية بهدف التخطيط الإستراتيجي للقوى العاملة على نحو منهجي، لتقديم برامج وبنية تحتية فعّالة تضمن سد احتياج القطاع الثقافي في سوق العمل.

 

 

 

بحكم أن للقطاع الخاص دوراً جوهرياً في استدامة الثقافة كيف ترون مساهمة القطاع الخاص في القطاع الثقافي قبل تأسيس الوزارة، وأين وصل اليوم؟

 

** الشراكة مع القطاع الخاص هي المحرك الرئيسي للتنمية الثقافية. وقد حققت وزارة الثقافة إنجازات في تعزيز هذه الشراكة، وتوفير بيئة محفّزة للاستثمار في قطاع الثقافة. ونحن على ثقة بأن المستقبل يحمل مزيدا من الإنجازات في هذا المجال.

كانت مساهمات القطاع الخاص في المجال الثقافي ذات قيمة مضافة، إلا أنها تفتقر إلى الإطار المؤسسي الشاملالذي من شأنه أن يحفّز القطاع الخاص على الاستثمار في القطاعات الثقافية بشكل أكبر. ومع ما يشهده القطاع الخاص في البلاد من تحوُّل نوعي وضخم، أدت الوزارة دوراً في تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار في الثقافة، حيث توسعت المشاريع الثقافية التي يدعمها القطاع الخاص لتشمل مجالات متنوعة مثل الفنون البصرية، والأدب، والمسرح، والموسيقى، والتراث وغيرها من القطاعات. كما تم تتويج هذه المجهودات بعديد من الإنجازات، من بينها إبرام شراكات نوعية مع كبريات الشركات في المملكة، واستقطاب عديد من الشركات العالمية، بما يدعم الحراك الثقافي بشكل عام في المملكة.

كما لم تغفل الوزارة عن رواد الأعمال، والشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث أطلقت عديدا من البرامج والمبادرات التي تهدف إلى دعم القطاع الخاص، وتوفر الحوافز للمستثمرين، وخصوصاً رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، مثل برنامج الدعم المالي للأفلام، برنامج التطوير المهني لـ 100 براند سعودي، حاضنة أعمال فنون الطهي، وحاضنة المسرح والفنون الأدائية.

 

 

 

يمثّل القطاع غير الربحي حجر أساس في إنتاج المنظومة الثقافية، واستدامة المؤسسات الثقافية، كيف ترون دوره اليوم في القطاع الثقافي؟

 

** بالنسبة لدور القطاع الثالث في السعودية كان تحت مجهر رؤية السعودية 2030 في عام 2016، حيث وضعت الرؤية له أهدافاً طموحة لمأسسته، وتعظيم أثره الاجتماعي والاقتصادي. ومنذ انطلاق عجلة التطوير الضخمة لكافة القطاعات في السعودية وصلت نسبة مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.87% بعد أن كانت لا تتجاوز النسبة 0.2%[1]، وشهدت مؤشرات القطاع الثالث نمواً غير مسبوق خلال الفترة الماضية في كافة المجالات، ومن ضمنها المجال الثقافي.

ومن خلال الجهود المشتركة من كافة الشركاء، قفزت أعداد الجمعيات والمؤسسات الثقافية وأندية الهواة في القطاع غير الربحي من 28 كياناً إلى 993 حتى العام الماضي، ووصلت عدد الساعات التطوعية في الفعاليات الثقافية المنظمة من القطاع إلى 385 ألف ساعة، ودعمت الوزارة 288 منظمة في القطاع عبر التمويل والتدريب، وتطوير المواهب والأنظمة واللوائح، وتوفير الأدوات والأنظمة التقنية.

وهناك جهود مهمة في أندية الفنون والثقافة لدى الجامعات السعودية، إذ ينشط 102 نادٍ للفنون والثقافة في 31 جامعة سعودية (73% منها أندية متخصصة)، تتوزع على قطاعات ثقافية مهمة كالأدب، العمارة والتصميم، المسرح، الفنون البصرية، المكتبات، التراث، الأفلام، فنون الطهي، الموسيقى، والأزياء.

أمامنا طريق طويلة لتطوير مساهمة القطاع غير الربحي في الثقافة، إلا أن النتائج حتى الآن مبشرة وتسير وفق ما هو مخطط.

 

 

 

كم حجم الدعم المقدم من الصندوق الثقافي منذ تأسيسه حتى الآن؟

 

** يحمل الصندوق الثقافي على عاتقه تنمية القطاع الثقافي، وتحقيق الاستدامة من خلال دعم النشاطات والمشاريع الثقافية، وتسهيل الاستثمار في الأنشطة الثقافية، وتعزيز ربحية نمو الدعم المالي للمشاريع الثقافية، وصل الدعم المقدم بنهاية عام 2024 إلى 377 مليون ريال سعودي، استفاد منها ما يزيد على 120 مشروعاً ثقافياً موزعة في 7 مدن، وتغطي كل القطاعات الثقافية، مع نموٍ ملحوظ في تمويل قطاعات: التراث، والموسيقى، والأزياء، إضافة إلى استفادة أكثر من 1200 مبدع ورائد أعمال من خدمات الصندوق التطويرية.

 

استقبلت السعودية العام الماضي أكثر من 100 مليون سائح، وتستهدف 150 مليوناً بحلول 2030، وبالتوازي ستستضيف السعودية محافل عالمية خلال العقد المقبل مثل إكسبو 2030 وكأس العالم 2034، كيف ستعمل وزارة الثقافة لاستغلال ما تشكله هذه الاستضافات من فرص استثنائية لتعزيز مكانة المملكة دولياً؟

 

** منذ مطلع القرن الـ21، تنامى الإدراك العالمي بالإمكانات الكامنة للثقافة في إنتاج القيمة الاقتصادية بشكل مستدام، إذ إن ميزة الثقافة هي قدرتها على تحقيق مستهدفات تنموية متعددة الأبعاد في الوقت الذي تعزز فيه الهوية والتماسك الاجتماعي، وترفع من جودة حياة الفرد، ولا يقتصر على الصناعات الإبداعية، بل يشمل أيضاً إسهامها المباشر في دفع عجلة السياحة، وتعميقها للتجربة السياحية. ومن هنا أصبحت السياحة الثقافية حجر زاوية في تطورات السياسات التنموية على المستوى الدولي، فـ 47% من السياحة في العالم ترتبط بأنشطة ثقافية، ونجد أن أكثر من 90% من الدول تتبنى سياسات أو إستراتيجيات تأخذ الثقافة السياحية في الحسبان، كما تسهم الثقافة في توزيع الجذب السياحي، وتساعد على تعميم المنفعة الاقتصادية لكافة فئات المجتمع، وتزيد من معرفة المجتمع بتراثه الثقافي، ويعمّق من افتخارهم به.

ونعمل في وزارة الثقافة مع عديد من الجهات الحكومية على تنفيذ رؤية تستهدف ترسيخ مكانة المملكة العربية السعودية في مصاف الدول المتقدمة، وأحد أهمها على الصعيد الاقتصادي والسياحي والثقافي، ونسعى مع زملائنا إلى تقديم تجارب استثنائية للزائر كل منا حسب اختصاصه ونطاقه، ويعوّل علينا في وزارة الثقافة حفظ وصون أصول وعناصر الثقافة والهوية، في الوقت الذي يهمنا إظهارها وترويجها سياحياً، والاستفادة من منتجاتها اقتصادياً، لذا نسعى إلى تأهيل المواقع، وتوثيق وحفظ عناصر التراث الثقافي، وتأصيل الهوية، وتطوير التراث، وبناء التجارب الثقافية المفعمة بكل ما ينطق بهويتنا الأصيلة، ومن ثم وضع مصادر غنية يمكن الاستفادة منها بطرق مختلفة لتسويق السياحة في السعودية وفق معايير تضمن صون هويتنا، وقد قطعنا شوطاً مهماً مع شركائنا في كافة الجهات المعنية.

وننظر إلى العمق الحضاري كركيزة، حيث كانت أرضنا محور التواصل الثقافي بسبب موقعها الجغرافي وأهميتها الدينية والاقتصادية. وبالتأكيد إن الحراك الذي تعيشه المملكة يشكّل فرصاً استثنائية لكافة القطاعات، ونؤمن في الوزارة أن القطاع الثقافي يعيش عصره الذهبي بدعم قيادتنا.

 

 

 

سمو الوزير، شكراً مرة أخرى على منح قراء "الاقتصادية" هذا الوقت.

 

** الشكر لكم وللقراء الكرام، وأسعد دائماً بمشاركة كل المهتمين بالقطاعات الثقافية أفكارهم عبر التواصل المباشر مع وزارة الثقافة، حيث نشجع في الوزارة تقديم الأفكار والابتكارات، وقد أطلقنا إدارة متخصصة للابتكار، تعمل وفق أحدث الممارسات العالمية، وتعنى بالابتكار في القطاع الثقافي، ويمكن لأي فرد تقديم أفكاره من خلال مركز التواصل، وهو ما ستتم دراسته من قبل الإدارة المختصة.

الأكثر قراءة