ليست عودة إلى "أوروبا".. لكن

ستبقى بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي. هذا أمر تم حسمه ليس فقط من خلال استفتاء الخروج الشهير في العام 2016، بل عبر التزام الحكومات بنتائجه. فما يتغير باستفتاء، لا يمكن تبديله إلا باستفتاء، ولا بد أن تكون المساحة الزمنية طويلة بعض الشيء، ليكون هناك مبرر لاستفتاء جديد.

لا عودة عن "بريكست"، لكن هناك كثير من الأبواب لكي تعود المملكة المتحدة إلى البر الأوروبي، بما يكفل احترام رغبة البريطانيين بالخروج، ويضمن في الوقت نفسه "مصالحهم الأوروبية"، إن جاز الوصف. هذه الأبواب مشرعة، والأوروبيون على استعداد لفتح مزيد منها أمام لندن، لاعتبارات ليس اقتصادية فحسب، بل وعاطفية أيضاً، بعد عقود من عضوية بريطانية كاملة في الاتحاد الأوروبي.

حكومة العمال الحالية في بريطانيا، تسعى بقوة لضخ مزيد من الحرارة في العلاقة مع الأوروبيين، وتعاظمت محاولاتها (ومعها أوروبا بالطبع)، في أعقاب قيام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، شن "هجوم" التعريفات الجمركية على أغلب الدول، بمن فيهم حلفاؤه الأوروبيون والبريطانيون.

من هنا، كان لا بد من اتفاق لتعزيز الشراكة على جانبي القنال الإنجليزي. فالتحرك يستهدف بالدرجة الأولى ضبط العلاقات بعد "بريكست"، ويضمن سهولة حركة التجارة بين الطرفين، ولا سيما في الارتباك الذي تشهده هذه الحركة، بما في ذلك تأخر وصول السلع، بل وتوقف صادرات بعينها من بريطانيا إلى أوروبا، نتيجة عدم تحمل الجهات المصدر إجراءات التجارة التي انطلقت في 2020، سنة الخروج النهائي للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

البريطانيون الذين عانوا أكثر من الجانب الأوروبي في المجال التجاري، يريدون الاتفاق الجديد بقوة، في ظل تراجع أعداد أولئك الذين صوتوا لمصلحة "بريكست"، بعد أن شهدوا الجانب السلبي للخروج عموماً. وهذه النقطة توفر لرئيس الوزراء كير ستارمر، مزيداً من القوة للتحرك نحو اتفاقات شراكة أخرى في المستقبل، تشمل حتى تخفيف إجراءات السفر للاتحاد الأوروبي.

فهو بحسب كلامه، يسعى لتحقيق المصلحة الوطنية للبلاد، مع تأكيده أن موجة التعريفات الأمريكية، تستوجب تقارباً أكبر بين بلاده وبين أكبر شريك تجاري لها، وهي الدول المنضوية تحت لواء الاتحاد الأوروبي. لا بد من تبادل تجاري حر ومنفتح، من أجل مواجهة الاستحقاقات الجديدة، واحترام ما أمكن، من خصوصية العلاقة بين لندن والأوروبيين عموماً.

ستكون هنا أصوات مناهضة في المملكة المتحدة لتحرك حكومة ستارمر، لكنها لن تتسم بالقوة التي كانت عليها في منتصف العقد الماضي، حينما تمكن تيار الانفصال من قلب الطاولة رأساً على عقب، وحقق الفوز غير المتوقع في الاستفتاء الشهير. الساحة جاهزة الآن، لشراكة أوروبية بريطانية، قد تقود لاحقاً لعودة بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي