إعانات الدعم وتوترات التجارة العالمية «3 من 3»
هل يمكن للقواعد الدولية المساعدة؟ توفير اتفاقية الدعم والتدابير التعويضية الصادرة عن منظمة التجارة العالمية والاتفاق المعني بالزراعة المنبثق منها، أساسا جيدا للقواعد المنظمة للدعم الذي يؤثر في تجارة السلع. وهذه الاتفاقية، على سبيل المثال، تعرف ما يعد دعما، بما في ذلك الدعم المحظور "مثل دعم الصادرات ودعم المحتوى المحلي"، والدعم الذي يمكن الاعتراض عليه لما له من تأثيرات سلبية في دولة أخرى. وتتطلب الاتفاقية أيضا من الحكومات إخطار منظمة التجارة العالمية بأنواع معينة من الدعم، وتحدد إجراءات للتعويضات الأحادية أو متعددة الأطراف، من بينها استخدام التدابير التعويضية ونظام منظمة التجارة العالمية لتسوية المنازعات.
على الرغم من هذا، توجد بعض أوجه القصور الكبيرة في هذه الاتفاقية. ويتمثل أحد بواعث القلق الرئيسة في أن بعض أشكال تدخل الدولة، بما في ذلك الدعم المقدم للمؤسسات المملوكة للدولة والدعم الذي تقدمه تلك المؤسسات، لا يتم اعتباره تلقائيا "دعما" في إطار التعريف الحالي الذي وضعته منظمة التجارة العالمية. وقد تتضمن هذه التدخلات توفير تمويل ميسر للأراضي أو المعدات للمؤسسات المملوكة للدولة التي تنتج سلعا بغرض التصدير. وتشعر بعض الدول بالقلق بشأن مدى تطبيق قواعد الدعم على هذه المؤسسات، وهو ما حدا بها إلى أن تدرج في اتفاقيات التجارة الأخيرة تدابير للحد من سلوك تلك المؤسسات الذي يحدث تشوهات في الأسواق. وهذه الاتفاقيات تتضمن الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ والاتفاقية بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا. وفي بعض الأحيان، لا تخطر الدول منظمة التجارة العالمية عندما تقدم الدعم. وقد أسهم هذا الأمر في الافتقار إلى الشفافية وأحدث حالة من انعدام الثقة.
على الرغم من هذا، فإن القواعد ما هي إلا جزء من القصة. فعدم توافر المعلومات يجعل من الصعب على صانعي السياسات اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن استخدام الدعم. على سبيل المثال، لا يوجد تحليل شامل لأنواع الدعم وما لها من تأثيرات. وعلى الصعيد الدولي، يوجد القليل من التوجيه بشأن إمكانية تحسين عمليات الدعم والحد إلى أقصى قدر ممكن من التداعيات السلبية العابرة للحدود. ودون هذه المعلومات، تصبح الأدوات المتاحة لصانعي السياسات المحليين محدودة.
هل يمكن إيقاف حرب إعانات الدعم؟
ينطوي المشهد الحالي على تحديات كثيرة. فالتحقيقات في المنازعات بشأن الدعم والرسوم التعويضية التي تجرى في منظمة التجارة العالمية تشهد زيادة مطردة منذ 2010. وفي الوقت الذي تتوسع فيه الحكومات في تقديم الدعم، يبدو أن المنافسة الانتقامية بين الحكومات الكبرى ستتواصل.
وعلى الرغم من ذلك، قد يوجد طريق للخروج من هذه الديناميكية الخطيرة. ويقترح تقرير مشترك صدر أخيرا عن "الدعم والتجارة والتعاون الدولي"، أعدته أربع منظمات دولية من بينها صندوق النقد الدولي، طرقا لزيادة الشفافية وإجراء تحليل أفضل وتعزيز التعاون بهدف تحسين تصميم الدعم والحد من تأثيراته الضارة. إن التعاون والتفاهم المشترك سيكون لهما باع كبير في تخفيف حدة التوترات والمساهمة في الانفتاح وإمكانية التنبؤ اللذين تشتد الحاجة إليهما على صعيد التجارة العالمية.