الاستثمارات «الشبابية»

أحيانا أناقش مع الشباب مسائل استثمارية فردية، كانوا يحثونني على الاستثمار في العملات الرقمية، وأقول لهم إنني لا أحب وضع مدخراتي الصغيرة في أي وهم، وهم يسوقون أمثلة الصعود الصاروخي لبعضها.
اليوم مع السقوط المدوي لهذه العملات ربما يكونون قد تعلموا الدرس، وطبيعة الحياة والأشياء أن التعلم يأتي من الصدمات، وكما قال المربون الأوائل، "الحياة خير معلم"، وهي مقولة صحيحة حتى لو تغيرت ملامح هذه الحياة التي تعلم من الشارع والتعامل الفيزيائي إلى الأجهزة والتطبيقات والعالم الافتراضي.
لا يمكن لوم صغير السن على استعجاله الفرص، وأيضا لا يمكن نسيان أن هناك قطاعا معلوما لدى المستثمرين اسمه "الاستثمار الجريء"، حيث المخاطر العالية، وحيث فكرة المخاطرة في عدة شركات أو عدة استثمارات، يمكن أن واحدا أو اثنين منها هو ما سيحقق الأرباح العالية.
مع تقدم العمر وتعمق التجربة المالية والحياتية سيتغير مفهوم المرء نحو المال والادخار والاستثمار، والأفراد لا بد أن يشاركوا أكثر مع تزايد وعيهم الاستثماري، أو تزايد مكاسبهم على حد سواء، وربما مع الوقت يجيدون توجيه مدخراتهم إلى القنوات الصحيحة، وهو أمر أحسبه سيزيد من رغبتهم في الادخار طالما هناك فرص استثمار نجحت.
ألحظ اليوم تزايد تطبيقات ومنصات تستقبل الاستثمارات الصغيرة، وبعضها يطرح فرصا وتعطي أرقاما متوقعة للأرباح بعد عدة أعوام يراها البعض مغرية وكبيرة، وانتبهت إلى أن الشباب يروجونها كثيرا على اعتبار أن الأرقام المتوقعة للأرباح مؤكدة، فيدخلون في كل فرصة تطرحها.
لا أعرف لماذا تذكرت المساهمات العقارية في شكلها القديم غير المقنن، فهي تعد بالكثير، أو تحقق الكثير في أولى خطواتها أو مساهماتها، ثم تتيه في عالم الخسائر أو الجمود.
لا أعني أن بعض هذه التطبيقات والمنصات التي لا زالت في طور التجربة تنوي الإهمال أو تحقيق الخسائر، وأعرف أن بعضها قد ينجح، لكن ما أعنيه أن جيلا جديدا من المستثمرين الشباب يتعامل مع الأمر مثلما تعامل مع العملات الرقمية، فرص سريعة ومكاسب عالية لا تتحقق إلا لنسبة ضئيلة من الناس، ويبقى البقية في "انتظار ما لا يجيء" على حد التعبير الأدبي الشهير. أتمنى على بعض هذه المنصات والتطبيقات الجديدة والصغيرة أن تسهم في تطوير القطاع المالي عبر زيادة وعي الأفراد، خصوصا الشباب من الجنسين، ويمكنها عرض دراسات الجدوى، ومن قام بهذه الدراسات، والأرقام التي ارتكزت عليها في توقعاتها حتى تكتسب مزيدا من الثقة، وبالطبع مزيدا من الاستثمارات حتى من الحذرين والمتحفظين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي