تقارير و تحليلات

بفعل جاذبية العوائد .. ارتفاع تداولات سوق الدين السعودية 137 % في 8 أشهر

بفعل جاذبية العوائد .. ارتفاع  تداولات سوق الدين السعودية 137 % في 8 أشهر

حققت سوق الدين السعودية أكبر زيادة في إجمالي التداولات منذ ثمانية أشهر، بعد أن شهد تشرين الأول (أكتوبر) ارتفاعا في عدد المستثمرين الذين باعوا بعض أدوات الدين التي في حوزتهم دون قيمتها الاسمية "اتفاقيات البيع مع المشترين تمت بين نطاق 829 ريالا إلى 994 ريالا للصك الواحد"، فيما قادت جاذبية العوائد إلى زيادة لافتة في أعداد الصفقات الخاصة على الصكوك الحكومية خلال الشهر الماضي.
وأظهر رصد لوحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" أن تداولات سوق الدين ارتفعت 173 في المائة على أساس شهري، بعد وصول إجمالي الصفقات المنفذة إلى 4.78 مليار ريال خلال أكتوبر فقط، إذ أسهم احتياج بعض المستثمرين إلى السيولة العاجلة في توفير فرص استثمارية نادرة للمشترين وبعوائد أعلى مقارنة بالاكتتاب الأولي.
وتنتظر سوق الدين حجم الصفقات التي ينتظر تنفيذها عبر خمسة متعاملين دوليين "بينهم ثلاثة مصارف من وول ستريت"، بعد أن تم تعيينهم في أكتوبر 2022 بصفة رسمية.
وأظهر الرصد أن إجمالي تداولات العام الجاري بنهاية أكتوبر بلغ 20.7 مليار ريال "مقارنة بـ55.9 مليار ريال خلال الفترة نفسها من العام الماضي". وأسهمت عوامل خارجية ومعنويات المتداولين في إحداث انخفاض في أحجام تداولات سوق الدين بنسبة 63 في المائة على أساس سنوي.

التداولات اليومية

استمرت سوق الدين السعودية في تسجيل انخفاضات ملحوظة لأحجام التداولات اليومية بنهاية أكتوبر، مع وصول المعدل المتوسط لإجمالي التداولات اليومية ليبلغ 99 مليون ريال. وهذا ما يعادل نسبة انخفاض في أحجام التداولات اليومية تعادل 63 في المائة مقارنة بإجمالي متوسط التداولات عن كامل 2021 الذي بلغ 246 مليون ريال "بعد استثناء الإجازات الأسبوعية والعطل الرسمية".
وشهدت السوق خلال مايو ويوليو 2022 دخول شركتي وساطة جديدتين لترتفع بذلك أعداد شركات الوساطة من 14 إلى 16 شركة نشطة في أسواق الدخل الثابت الثانوية، وبذلك تحقق أعداد شركات الوساطة التي انجذبت لتداولات أسواق الدخل الثابت نسبة نمو تصل إلى 14 في المائة بعد دخول الشركة الجديدة التي تنشط في إدارة صناديق استثمارية خلال النصف الأول والربع الثالث من هذا العام.

سندات الخزانة والترقية

لا تستفيد سوق الدين كثيرا من ارتفاع أسعار النفط مقارنة بسوق الأسهم، وذلك بسبب حساسية تحركات العائد للسندات الأمريكية، وتقدم حاليا فرصة متميزة للاستثمار الآمن "الطويل الأجل" في ظل تداول بعض الصكوك دون قيمتها الاسمية.
وأسهم الارتفاع القياسي لعوائد الخزانة الأمريكية في بعض فترات العام الماضي في مفاجأة المتداولين في بورصة الدين المحلية وسط رؤية بعض الصكوك الحكومية المدرجة تتداول دون قيمتها الاسمية، حيث تتأثر عوائد الإصدارات الحكومية للسعودية بما يجري مع عوائد سندات الخزانة الأمريكية. حيث إن هناك "علاقة عكسية" بين ارتفاع أسعار السندات وانخفاض العائد. وأسهم انخفاض أسعار أدوات الدين المحلية في جعل معظم المستثمرين خلال العام الجاري يتمسكون بأوراقهم المالية بدلا من بيعها دون قيمتها الاسمية والاستفادة من التوزيعات الدورية الثابتة ريثما تتحسن ظروف السوق.
يذكر أن سوق الدين بلغت ذروتها من حيث إجمالي التداولات السنوية في 2020 حين وصلت إلى 75 مليار دولار. وأنهت 2021 بتداولات على السندات والصكوك المدرجة بقيمة إجمالية بلغت 60.57 مليار ريال.

جهود زيادة أحجام التداول

يذكر أنه خلال منتصف أكتوبر 2021 طلب مجلس الشورى من المركز الوطني لإدارة الدين العام دراسة أسباب عزوف بعض البنوك المحلية عن الانضمام إلى قائمة المتعاملين الأوليين والعمل على معالجة هذه الأسباب وزيادة عدد المتعاملين الأوليين في السوق المحلية.
وفي أوائل أكتوبر 2022، وقعت وزارة المالية والمركز الوطني لإدارة الدين اتفاقيات مع كل من "بي إن بي باريبا" ومجموعة سيتي المصرفية، و"جولدمان ساكس"، و"جي بي مورجان"، وبنك ستاندرد تشارترد، لتعيينها كمتعاملين أوليين دوليين في أدوات الدين الحكومية المحلية.
وقال المركز في بيان له، "إن هذه المؤسسات ستنضم إلى المؤسسات المالية المحلية التي سبق انضمامها إلى برنامج المتعاملين الأوليين وهي البنك الأهلي السعودي، والبنك السعودي البريطاني "ساب"، وبنك الجزيرة، ومصرف الإنماء، ومصرف الراجحي".
واستند رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" بشأن أدوات الدين السعودية إلى البيانات التي حصلت عليها من منصة "سي بوندز" Cbonds التي يستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بمنصتها من أجل تتبع حركة مؤشرات أسواق الائتمان العالمية، فضلا عن تقييم أداء السندات التي يستثمرون فيها.

سيولة أجنبية

أعلن المزود العالمي للمؤشرات آي إتش سي ماركت IHS Markit في أواخر ديسمبر 2021 انضمام معظم أدوات الدين المدرجة في بورصة الدين إلى مؤشر اي بوكس للسندات الحكومية.
ويتيح الانضمام للسوق المالية السعودية أن تكون جزءا من مؤشرات أسواق الصكوك وأدوات الدين التي يتبعها المستثمرون العالميون، ويقيس مؤشر اي بوكس السندات الحكومية المقومة بالعملة المحلية لأكثر من 30 دولة.
وتم ضم 27 أداة دين حكومية مدرجة في السوق المالية السعودية إلى المؤشر، التي ستشكل ما نسبته 0.19 في المائة من وزنه، كما ستشكل ما نسبته 2.20 في المائة من مؤشر اي بوكس للسندات الحكومية للدول الناشئة التابع له، وتم تفعيل الانضمام إلى المؤشر في 31 يناير 2022.
وكانت مجموعة "فوتسي راسل" قد ذكرت في أواخر سبتمبر 2021 أن أدوات الدين السعودية ستضاف إلى مؤشرها للسندات الحكومية للأسواق الناشئة بالعملة المحلية بدءا من أبريل 2022، مؤكدة أن من المتوقع تضمين 42 سندا بقيمة 306.1 مليار ريال سعودي "81.6 مليار دولار" في المؤشر، وستشكل 2.75 في المائة منه على أساس القيمة السوقية المرجحة.
الجدير بالذكر أن انضمام المملكة في مؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئةFTSE EMGBI يعد أول انضمام لأدوات الدخل الثابت المقومة بالريال السعودي في مؤشر عالمي، كما يمثل علامة فارقة في مساعي تطوير السوق المالية السعودية.
ويعرف أن مؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة يقيس أداء السندات الحكومية المقومة بالعملة المحلية لأكثر من 16 دولة، وذلك يتيح معيارا واسع النطاق، ما يساعد على تمكين مديري المحافظ العالمية من مقارنة أداء الاستثمارات في أسواق الدين السيادية.
منذ منتصف يونيو من 2021، شرعت "كلير ستريم"، مزود خدمات ما بعد التداول لمجموعة البورصة الألمانية، بربط سوق المالية السعودية بشبكتها من خلال الربط مع شركة مركز إيداع الأوراق المالية "إيداع"، المملوكة بالكامل من قبل مجموعة تداول السعودية والمسؤولة عن تشغيل وصيانة نظام الإيداع والتسوية.
ويسهل هذا الربط دخول المستثمرين الدوليين للسوق المالية السعودية، من خلال توفير تسوية السندات الحكومية والخاصة غير القابلة للتحويل وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق السعودية والمقومة بالريال السعودي.
ويمكن لعملاء "كلير ستريم" المؤهلين، الاستثمار في سوق الصكوك والسندات وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق المالية السعودية دون الحاجة إلى تقديم طلب التأهيل كمستثمر أجنبي مؤهل، إضافة إلى إمكانية استخدام حساباتهم الحالية المسجلة لدى "كلير ستريم".
ولأول مرة، يمكن للمستثمرين الدوليين تملك الأوراق المالية السعودية ذات الدخل الثابت وصناديق المؤشرات المتداولة من خلال حساب المرشح الأجنبي المشترك، ويمكنهم أيضا الاستفادة من خدمات مراكز الإيداع الدولية المعروفة، وذلك يتضمن خدمة التسوية الداخلية. ونتيجة لذلك، من المتوقع زيادة الطلب على أدوات الدين الحكومية من المستثمرين الدوليين وبالتالي تعزيز مستوى السيولة في السوق المحلية.

علاقة الفائدة بأدوات الدين

معلوم أن القيمة السوقية للصكوك وغيرها من الأوراق المالية ذات العائد الثابت تتغير تبعا للتغيرات التي تطرأ على أسعار الفائدة وغيرها من العوامل الأخرى، حيث ترتفع أسعار أدوات الدين ذات العائد الثابت كلما هبطت أسعار الفائدة، وتنخفض أسعار تلك الأوراق المالية كلما ارتفعت الفائدة.
والورقة المالية الصادرة عن الحكومة السعودية مضمون فقط سداد الفائدة المعلن لها والقيمة الاسمية لها عند الاستحقاق، وكما هي الحال تماما بالنسبة إلى الأوراق المالية الأخرى ذات العائد الثابت، فإن الأوراق المالية المضمونة من الحكومة ستتعرض قيمتها للتقلب عندما تتغير أسعار الفائدة.

السيولة الثانوية

بعض الصكوك المدرجة في السوق السعودية، قد تصبح أقل سيولة من غيرها، ما يعني أنه لا يمكن بيعها بسرعة وسهولة، كما أن بعض الصكوك قد يصعب تسييلها إلى نقد، لعدم وجود سوق ثانوية بسبب قيود نظامية أو قيود مترتبة على طبيعة الاستثمار، أو عدم وجود مشترين مهتمين بهذا النوع من الأصول، وقد يؤثر ذلك سلبا في أداء صناديق شركات الأصول وسعر الوحدة.
ومثلا قد تمر سوق الصكوك بفترات سيولة منخفضة بشكل كبير ما قد يؤدي إلى صعوبة في الحفاظ على أسعار مستقرة و/أو عادلة في معاملات الشراء، والعكس في حال ارتفاع السيولة في حال الحاجة إلى البيع، وقد يؤدي ذلك إلى تسجيل خسائر معينة لصناديق شركات الأصول.

صناع السوق

أجرت السعودية عدة مبادرات إصلاحية للنهوض بالتداولات الثانوية الخاصة بأدوات الدخل الثابت من سندات وصكوك. وقبل قرار إعادة هيكلة المقابل المادي لجهات الإصدار والمتداولين وما رافقه من خفض لرسوم التداول خلال نيسان (أبريل) من 2019، قامت السعودية بإدراج إصداراتها السيادية وتداولها، لأول مرة خلال تموز (يوليو) 2018.
وتبع ذلك القرار الاستعانة بصناع السوق الخمسة المفوضين بتنشيط التداولات الثانوية للإصدارات الحكومية في تموز (يوليو) 2018. إلا أنه وبعد اندماجات البنوك السعودية الأخيرة، تم تحديث برنامج المتعاملين الأوليين في أغسطس 2021 بإضافة أحد البنوك الإسلامية الكبرى إلى قائمة صناع السوق الخمسة. يذكر أن طلبات الاكتتاب في أدوات الدين الحكومية المحلية تقدم إلى المركز الوطني لإدارة الدين من خلال المتعاملين الأوليين الذين جرى التعاقد معهم، وذلك بشكل شهري ومجدول بحسب خطة الاقتراض الحكومي السنوية المعلنة، ويتولى المتعاملون الأوليون تلقي الطلبات المقدمة من المستثمرين. أما فيما يخص أدوات الدين الحكومية المحلية في السوق الثانوية في المملكة فإن المتعاملين الأوليين يتولون دور صانعي السوق بالتعاون مع الأشخاص المرخصين التابعين لهم وفقا للأنظمة المتبعة.

رسوم التداول

في السابق، كانت رسوم التداول توصف من قبل المراقبين بأنها مبالغ فيها، حيث تصل إلى عشر نقاط أساس "ثماني نقاط أساس تذهب إلى الشركات المرخصة (أي شركات الوساطة) ونقطتا أساس تقسمان مناصفة بين هيئة السوق المالية وتداول، وأحد أسباب حصول الشركات المرخصة على ثماني نقاط أساس يرجع إلى انعدام السيولة، ما يؤدي إلى صفقات محدودة شهريا، لكن مستوى التداولات الشهرية أخذ مسارا مرتفعا منذ إدراج الديون الحكومية، ما أدى إلى تعظيم أعداد وقيم الصفقات المنفذة.
وفي نيسان (أبريل) 2019، تم الإعلان عن حزمة من الإصلاحات التي طال انتظارها من قبل العاملين في أسواق الدخل الثابت في السعودية. حيث تمت إعادة هيكلة المقابل المادي للخدمات المقدمة إلى جهات الإصدار والمتداولين. وإعادة هيكلة الرسوم تعد موجهة إلى شريحتين، الأولى هي جهات الإصدار، وهذه التعديلات ستسهم في تخفيض الرسوم ذات الصلة بالإدراج في البورصة، لتلامس 25 في المائة، وهذا الرقم قد يزيد وينقص وفقا لعوامل متغيرة تتعلق بجهة الإصدار.
على الجانب الآخر، تم تخفيض رسوم التداول لمصلحة المستثمرين، حيث تصل حصة شركة تداول ما بين نقطة أساس إلى نصف نقطة، باستثناء الحالات التي يكون فيها البائع أو المشتري متعاملا أوليا محددا. وينتظر لقرار رفع الضوابط الخاصة بعمولة شركات الوساطة، عبر إزالة الحدين الأدنى والأعلى الخاصين بتنفيذ صفقات الشراء والبيع، أن يقود إلى إيجاد المنافسة بين تلك الشركات عبر تقديم رسوم منخفضة لجذب العملاء.
وفي حال تنفيذ أي صفقة صكوك، تستقطع "تداول" حصتها من المقابل المادي وكذلك شركة الوساطة التي تم أمر الشراء أو البيع من خلالها.
وكان مجلس هيئة السوق المالية أصدر قراره في تموز (يوليو) 2020 باستمرار إعفاء المصدرين الراغبين في طرح أدوات دين طرحا عاما من سداد المقابل المالي المحصل للهيئة عند تقديم طلب تسجيل أدوات دين، وذلك حتى نهاية 2025.

وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات