الاعتداد والاستعداد

جرعة جديدة ومعززة ـ على طريقة الأطباء ـ من الاعتداد والفخر بالوطن وقيادته تلقاها السعوديون ومن يحبهم ومن يكون عادة منصفا في حكمه على المواقف والدول والشعوب.
بيان سعودي مختصر ومركز وواضح حول رفضنا التصريحات الأمريكية بشأن قرار اقتصادي اتخذته بلادنا مع أكثر من 20 دولة أخرى، يتعلق بتوازن سوق الطاقة والحفاظ على مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء.
أصبح الجميع صباح الخميس الماضي على وطن له موقف شامخ يرفض الانصياع للإملاءات أيا كان مصدرها، والأهم من وجهة النظر الاتصالية، يوضح للرأي العام العالمي والمحلي تلقيه طلبا له مغزى انتخابي لمصلحة فرد واحد وحزبه ضد مصلحة اقتصاد العالم.
البيان السعودي من وجهة النظر الإعلامية يعد نقلة نوعية في طريقة التفكير، ومن ثم إيصال الأفكار التي تعبر عن موقف وثوابت المملكة، وهو لم يحاول المجاملة، وأيضا لم يحاول أن يكون فظا أو متعاليا، إنه ببساطة كان مهنيا ولا يقبل التنبؤات والتوقعات التي قد يمارسها بعض الصحافيين غير الموضوعيين حول العالم.
إن محاولة اتهامنا بتسييس قرارات اقتصادية جماعية هي فقط، كما اتضح جليا، ذر للرماد في العيون حتى لا تنتبه إلى التسييس المضحك في طلب تأجيل القرار لمدة شهر، أي أن الاعتراض على التوقيت، وليس على الفكرة، ما يعني أن هناك قناعة بأنها خطوة صحيحة ومتوقعة، لكن هناك أنانية أو عنجهية تطلب تأجيلها، فإذا لم يتم تأجيلها تغير الموقف منها.
القصة مهمة ليس على الصعيد الوطني فحسب، بل لأنها تعيد لفت الانتباه إلى أهمية الإعلام والاتصال والعلاقات العامة في الساحتين السياسية والاقتصادية، وإلى أهمية استثمار الموارد في هذا الشأن بطريقة أكثر دقة على المدى الطويل، فهذه الحادثة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.
إعلاميا لا يمكن الاتكاء على تصاريح ومناوشات الحزب المنافس الذي يقف إلى جانبنا أحيانا نكاية في الآخر لا حبا فينا.
ما يمكن الاتكاء عليه أولا هو اللغة والمحتوى اللذان قدمهما البيان السعودي الخميس الماضي، ثم العمل طويل الأمد على إيصال أفكارنا المعتدلة ومواقفنا المنصفة إلى الداخل الأمريكي أو الأوروبي أو الآخر أيا كان وفي أي قضية كانت.
نحن على حق يمنحنا القوة، لكن الإعلام والاتصال ليسا منصفين أو محايدين، ومن يسيطر عليهما يغير رأي المتلقي العالمي في كل مكان، وهدفنا المستقبلي هو مزيد من الوصول برسائلنا، وهذا عمل لا يتم بالاجتهادات المستعجلة، إنه ينجز بالجهود الدؤوبة والمستمرة التي تنظر إلى هدف هناك في البعيد الذي يجب الاقتراب منه.