«دبلوكس وشقتين»
لكل عقد من الزمن أفكار وتصاميم تضع رحالها في بناء البيوت، ولكل مرحلة علاقة وثيقة بالجانبين الاقتصادي والاجتماعي وأيضا الديموغرافي. والمتابع لهذا الشأن يستطيع أن يحدد زمن مرحلة التصميم والبناء، خصوصا في التحول من التمدد الأفقي إلى الرأسي.
فمثلا التجول في الأحياء القديمة في الرياض، ولنقل مثلا حي الملز، فهو كفيل بمشاهدة التصاميم القديمة التي كانت تعتمد على المساحات الكبيرة والمجالس والغرف الواسعة، إضافة إلى الأحواش الأمامية والخلفية، وهذا أمر مرتبط بوفرة المنح، وبداية صندوق التنمية العقاري.
حاليا اختلف الوضع تماما، وأصبحت البيوت تعاني النحافة بسبب التمدد الرأسي لصغر مساحات الأراضي. وهذا أمر قد يؤخذ في الحسبان، كون العالم الاقتصادي تغير، والأسعار اختلفت، ما جعل البعض يقوم ببناء بيت صغير "دبلوكس"، ثم يضع أعلاه شقتين مستقلتين من أجل أن يسهم تأجير الشقتين في تسديد جزء من قروض البناء أو الشراء، وهنا مصدر القلق.
الأمر الذي لم يؤخذ في الحسبان هو أن مساحة تلك البيوت لا تتجاوز 250 مترا مربعا، وعرض البيت على الشارع يصل أحيانا في أفضل الأحوال ما بين عشرة و12 مترا. وفي الغالب تكون شوارع تلك البيوت ما بين 12 و15 مترا. والمشكلة التي سببت قلقا لسكان تلك الحارات هي مواقف السيارات، فالذي أجر الشقتين جاء بسيارتين وربما أكثر لينازح نفسه وجيرانه، علاوة على الوقوف الطولي للسيارات!
مع كود البناء، توقف منح فسح البناء لمثل هذه الممارسات، لكن المشكلة لا تزال قائمة، الذي يتجول في أحياء جنوب الرياض وشمالها الجديدة بعد الساعة 12 ليلا، سيعرف جيدا صعوبة الدخول والخروج، فضلا عن توافر مواقف. بالمختصر، القرارات الأخيرة ناجحة، لكن الأهم إيجاد حلول لمن تورط في تلك الأحياء.