التأثيرات الاقتصادية للمنشآت العسكرية الغربية

في تطور لافت في الأسابيع القليلة الماضية نجح حلف الناتو في تعزيز وجوده العسكري في دول مجلس التعاون الخليجي. والإشارة هنا بشكل محدد إلى تدشين قاعدة عسكرية فرنسية في الإمارات فضلا عن الإعلان عن خطة لتوسيع وجود البحرية الأمريكية في البحرين.

قاعدة فرنسية في الإمارات

الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي شارك شخصيا نهاية أيار (مايو) الماضي في تدشين القاعدة العسكرية في ميناء زياد في إمارة أبو ظبي. تعد المنشأة الأولى من نوعها لفرنسا خارج الأراضي التابعة لها, ستضم القاعدة 500 من العناصر العسكرية الفرنسية ما بين سلاح البحرية والقوة الجوية وقسم للتدريب.
اللافت في الأمر سرعة تنفيذ المشروع, حيث تم الإعلان عنه عام 2008, وتزامن الإعلان عن القاعدة مع توقيع فرنسا اتفاقية للتعاون النووي مع فرنسا. ويبدو أن فرنسا في عهد ساركوزي موافقة فرنسا الأمر المؤكد هو أن الإمارات تنشد السلام لكن جاء تدشين القاعدة في مرحلة دقيقة بالنظر لموقف فرنسا المتشدد من إيران, خصوصا برنامجها النووي.

تهديدات فرنسية
وكان ساركوزي قد أعلن أثناء تدشين القاعدة أن أي اعتداء على الإمارات سيكون بمثابة اعتداء على فرنسا. وربما أراد الرئيس الفرنسي تبديد الشكوك الإيرانية حول الوجود العسكري الفرنسي في الإمارات حين استقبل وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي في باريس الأسبوع الماضي.
وبغض النظر عن تهديدات ساركوزي يمكن القول بكل ثقة إنه لن يكون هناك رابح في حال نشوب حرب في المنطقة. وهذا الكلام يمثل جانبا من الأحاديث التي نجريها هذه الأيام في العاصمة الأمريكية واشنطن ومنها أرسلنا هذا المقال. ونأمل أن نكتب مقالا تفصيليا الأسبوع المقبل حول زيارتنا.

تعزيز البحرية الأمريكية في البحرين
يتخذ الأسطول الأمريكي الخامس من منطقة ميناء سلمان في المنامة مقرا له حيث يحتفظ بأكثر من 15 سفينة. يعود تاريخ وجود البحرية الأمريكية في البحرين لعام 1946 عندما كانت البلاد واقعة تحت الحماية البريطانية. نالت البحرين استقلالها عام 1971. الجديد في الأمر هو الكشف عن رغبة البحرية الأمريكية الاستفادة الكاملة من منطقة ميناء سلمان, ومرد ذلك انتقال جميع أعمال ميناء سلمان إلى ميناء خليفة في منطقة الحد الصناعية في وقت سابق من العام الجاري.
الأمر المؤكد هو أن الجانبين الأمريكي والبحريني أنهيا المفاوضات المتعلقة بتوسيع الرقعة الجغرافية التي ستستفيد منها البحرية الأمريكية في البلاد, وبقي الإعلان عن موعد لدخول الاتفاقية الجديدة حيز التنفيذ على أن يكون أغلب الظن في موعد لاحق من العام الجاري. ويمكن تفسير عدم الإعلان عن تاريخ التطبيق الخطة التوسعية بعدم إثارة أطراف أخرى غير راضية عن هذا التطور بما في ذلك روسيا وإيران. كما أن تزامن مشروع التوسعة مع تدشين القاعدة البحرية الفرنسية في الإمارات ربما دفع البحرية الأمريكية إلى عدم الإيحاء بوجود خطة لدول حلف الناتو بتعزيز وجودها العسكري في المنطقة.

نفقات ضخمة

هناك انعكاسات متباينة لهذين التطورين بالنسبة إلى اقتصاد كل من الإمارات والبحرين. الأمر المؤكد هو أن الاقتصاد الإماراتي سيستفيد من وجود أفراد من القوة العسكرية الفرنسية الذين بدورهم سيقومون بصرف الأموال على مختلف الأمور المعيشية. لكن يتوقع أن تصرف الإمارات أموالا ضخمة على مشتريات الأسلحة من فرنسا. تحتل الإمارات المرتبة الثالثة دوليا على مؤشر مشتريات الأسلحة.
حقيقة القول، تسهم البحرية الأمريكية بشكل نوعي في الاقتصاد البحريني, الأمر الذي أسهم في إقناع الجانب الرسمي البحريني بالموافقة على الطلب الأمريكي بتوسيع أنشطتها العسكرية تحت ذريعة تعزيز الأمن الإقليمي مثل محاربة القرصنة.
تضخ القاعدة الأمريكية 150 مليون دولار سنويا في الاقتصاد البحريني. تتوزع النفقات على الأمور التالية: 62 مليون دولار للسكن والمعيشة، و28 مليون دولار للمرافق، و21 مليون دولار للخدمات التجارية، و11 مليون دولار للإقامة في الفنادق والمنتجعات، و11 مليون دولار للموارد البشرية، وعشرة ملايين دولار تكلفة تشغيلية، إضافة إلى أربعة ملايين دينار للمنتجات والخدمات التي تباع في القاعدة وثلاثة ملايين دولار للصرف على الأنشطة الترويحية والاستجمام.

3500 جندي

لا يشمل هذا الرقم ما ينفقه الجنود وعددهم 3500 في الأسواق والمجمعات والمطاعم والفنادق في البحرين. على الأقل لا توجد خطة لزيادة عدد أفراد القوات الأمريكية في البحرين في الوقت الحاضر. وفي كل الأحوال يعرف عن الأمريكيين ميلهم إلى الصرف وشراء الهدايا. تعد منطقة الجفير, حيث يتمركز فيها أفراد البحرية الأمريكية, من أكثر المناطق الحيوية في البحرين, حيث ينتشر فيها عديد من المحال التجارية, خصوصا الفنادق والمطاعم والمقاهي ومحال المجوهرات.
وكرد جميل للموافقة البحرين على توسيع النشاط البحرية الأمريكية قامت حاملة الطائرات أيزنهاور بزيارة مجاملة للبحرين في أيار (مايو). وربما تؤدي الموافقة البحرينية على عودة أفراد أسر البحرية الأمريكية للبحرين. يشار إلى أن الولايات المتحدة قررت سحب رعايا الجنود عام 2004 بسبب التوترات السياسية في المنطقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي