مونديال «المحتوى»
بات الموسم الرمضاني أشبه بالمونديال الإعلامي والإعلاني والدرامي، هكذا أرتبها، فالواقع أن نسب التلقي ترتفع في رمضان وأذكر أن قراءة الصحف والمجلات التي باتت اليوم عبر أجهزة الكمبيوتر والجوال ونسخ الـ "بي دي إف" تزداد في رمضان ربما لزيادة الوقت نهارا وتقلص انشغالات الطعام والشراب ورغبة البعض في تزجية الوقت.
أقول "الموسم الرمضاني" فيما يتعلق بالمحتوى الذي يتلقاه القارئ والمشاهد والمستمع وليس ما يتعلق بالعبادات والطاعات التي شأنها بين المرء وخالقه سبحانه وتعالى.
السباق الإعلاني في الصحف والقنوات الفضائية والقنوات الأخرى يتصاعد إبداعيا عاما بعد عام، ولم تعد المسألة تسويقا تقليديا لبيع الخدمة والمنتج بقدر ما باتت بمنزلة الاختبار السنوي لفكر المنشأة الاتصالي والإبداعي وترسيخها لعلامتها التجارية عبر عمل يشد المشاهد أكثر من المسلسل أو البرنامج الذي يتابعه، لقد بتنا في رمضان نتابع إعلانات يتخللها مسلسل أو برنامج ولم يعد الكثيرون يقيمون الإنتاج الدرامي المختلف عليه دوما بقدر ما يقيمون من فاز بالإبداع الإعلاني على أقرانه في القطاع نفسه.
الأفكار والوجوه السعودية الإعلامية والإعلانية والدرامية تزداد عاما بعد عام وهذا حسن لفك احتكارات معينة في المجالات الثلاثة ولتصبح المنافسة بين السعوديين أنفسهم بعد أن كانت محاولات السعوديين لمنافسة غيرهم، رأينا ذلك في صناعة الإعلان، وفي تزايد الوجوه الصاعدة في الدراما، وأيضا تزايد صناع المحتوى الإعلامي في جميع وسائله الأصلية أو التقليدية كما يسميها البعض، وتلك الحديثة التي تتنوع بتنوع المنصات والتطبيقات.
هناك فوز وانتقائية أكثر لدى المتلقي، المتلقي الذي يتغير جدوله نتيجة الوضع الديموغرافي وغلبة نسبة الشباب على المجتمع، فهناك اليوم وقت للنادي، ووقت للتواصل الاجتماعي، وهناك أيضا العمل والدراسة، وهذه الأخيرة أثرت في تقليص أوقات التلقي لحاجة الناس إلى النوم أبكر، وعودة نهار رمضان إلى الوضع الطبيعي بعد نحو عقد ونصف من غياب الدراسة فيه.
يتطور المحتوى للأفضل أو للأسوأ أحيانا تبعا لتطور ذائقة المتلقي، والأهم تبعا لتطور المجتمع الذي لم يعد منمطا وأسير عادات جمعية، بل أصبحت هناك فردانية تتنامى ستزيد المنافسة على انتباه ومتابعة المتلقي الذي يصعب إرضاؤه عاما بعد عام.