الفجوة بين القرار وتنفيذه
أكبر عدو لأي قرار أو فكرة أو رؤية هو القدرة على تحقيق تنفيذها, والتنفيذ هنا عندما تصبح الفكرة أو الرؤية قرارا من أعلى سلطة بعد دراسة متعمقة لتلك الفكرة, واليوم هناك عديد من القرارات التي صدرت ووقف التنفيذ في وجهها, لأن الفكرة عندما درست ونوقشت ووصلت إلى مرحلة القرار وصدر القرار لم تدرس أسلوب التنفيذ ومن المسؤول عنه ومتطلباته من الميزانية والوقت والكفاءات البشرية وغيرها من المتطلبات الأساسية للتنفيذ ولم تحدد زمنا لبدء التنفيذ ومدة المشروع ولهذا ينتهي القرار في أيدي اللجان لتحركه كيفما تشاء وأينما تشاء دون طبعا اتجاه التنفيذ.
الفجوة بين القرار وتنفيذه أصبحت حديث المجتمع وقلقه وإحساسه أن كل جهد يبذل لتنمية الوطن يموت على أعتاب التنفيذ, والموت هنا أن التنفيذ لا يبدأ أصلا أو أنه يبدأ على استحياء أو ضعف ثم يقف في خطواته الأولى أو يتجاوزها بخطوات إضافية ثم يقف, والسبب طبعا هنا غير محدد بشكل دقيق فكل قطاع يرمي على القطاع الآخر المسؤولية في عدم التنفيذ أو بطئه أو توقفه, ونعلم جميعا أن هناك مئات المشاريع الحيوية التي لم يتم الاستفادة منها حتى اليوم وذهبت الفائدة منها ومن أموالها أدراج الرياح.
الحديث عن الفجوة بين القرار وتنفيذه يشمل أيضا القرارات المرتبطة بعديد من الأنظمة والإجراءات المنظمة لشؤون الناس ومتطلبات الحياة الكريمة لهم, ومن تلك الأنظمة والإجراءات ما هو معتمد ويبقى على طاولات اللجان لسنوات عديدة وعند السؤال عنها ولماذا لم تنفذ يقال لك وبشكل مباشر وبعين مفتوحة وسيعة إنه يدرس للتأكد من عدم وجود أي آثار سلبية محتملة من تطبيقه أو أن المبالغ المطلوبة لتنفيذه لم تخصص أو أن الكفاءات البشرية المطلوبة لتنفيذه لم تستقطب أو إبراء للذمة نحتاج إلى إعادة دراسة, أو لأسباب عديدة تجعل السؤال الأول يعود, لماذا لا يصدر القرار بكل متطلباته التنفيذية من الإمكانات البشرية والمادية والبرنامج الزمني لذلك.
التحديات التي تواجه التنمية اليوم تحديات جسيمة من أهمها المنافسة العالمية لجميع دول العالم المتحضر وغير المتحضر المتقدم وغير المتقدم, وهذه التحديات التنموية تفرض علينا في المملكة زيادة سرعة الإنجاز مع المحافظة على الجودة واستدامة المشاريع والبرامج بما يحقق الاستفادة القصوى منها ومعرفة أسباب الإخفاق فيها خصوصا المشاريع التي ترتبط بالمتطلبات الأساسية للإنسان من صحة وتعليم وخدمات وطرق ونقل والتي رصدت لها مليارات الريالات من أجل تنفيذها والتي كما ذكرت سابقا لم ير النور أغلبها وأحد أهم الأسباب لذلك غياب الجدول الزمني الإلزامي لتنفيذها ومتابعة ذلك والمحاسبة عليه وإعلان ذلك في مختلف وسائل الإعلام حتى يعلم المواطنون الجهود التي تبذل من أجلهم وأن من يعيقها أو يقف في طريق تنفيذها ليس في منأى عن المساءلة والمحاسبة.
وقفة تأمل:
" أصادق نفس المرء من قبل جسمه
وأعرفها في فعله والتكلم
وأحسن وجه في الورى وجه محسن
وايمن كف فيهم كف منعم
وأحلم عن خلي وأعلم أنه
متى أجزه حلما على الجهل يندم
وإن بذل الإنسان لي جود عابس
جزيت بجود التارك المتبسم
لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها
سرور محب أو إساءة مجرم"