إصابات متزايدة وتعاف معطل وتضخم مرتفع «2 من 3»

بينما يستمر التعافي تستمر أيضا احتمالات التباعد المثيرة للقلق عبر الدول. ففي حين يتوقع للاقتصادات المتقدمة العودة في العام الحالي إلى اتجاهات ما قبل الجائحة، يتوقع لعديد من الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، أن تسجل خسائر كبيرة في الناتج حتى فترة من المدى المتوسط. وتشير التقديرات إلى أن عدد من يعيشون في فقر مدقع قد زاد نحو 70 مليون نسمة عام 2021 مقارنة بالاتجاهات السائدة قبل الأزمة، ما أعاد التقدم في الحد من الفقر عدة أعوام إلى الوراء.
وتخضع هذه التنبؤات لدرجة عالية من عدم اليقين، ويميل ميزان المخاطر إلى الجانب السلبي على وجه الإجمال. فقد تطول الأزمة نتيجة ظهور سلالات متحورة أخرى أكثر خطورة. ويمكن أن تتفاقم انقطاعات سلاسل الإمداد العالمية مع اعتماد الصين استراتيجية عدم التهاون المطلق في مواجهة عدوى الفيروس، وإذا انتشر الضغط المالي الراهن في قطاعها العقاري ليشمل الاقتصاد ككل فمن شأنه أن يحدث تداعيات يمتد تأثيرها على نطاق واسع. وإذا حدثت ارتفاعات مفاجئة في التضخم في الولايات المتحدة، فمن الممكن أن تدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى تشديد السياسة النقدية بصورة حادة وأن تتسبب في تضييق حاد للأوضاع المالية العالمية. كذلك تفرض التوترات الجغرافية السياسية والقلاقل الاجتماعية مخاطر على الآفاق المتوقعة.
وبشأن الجهود العالمية لمعالجة كثير من المصاعب التي تواجه الاقتصاد العالمي، من الضروري إضعاف قبضة الجائحة على الأوضاع العالمية. ويتطلب هذا جهدا عالميا لضمان انتشار عمليات التطعيم، واختبارات تشخيص الإصابة، وفرص الحصول على العلاجات، بما في ذلك الأدوية الجديدة المضادة للفيروس. فحتى الآن، لم يتم التطعيم الكامل لأكثر من 4 في المائة من سكان الدول منخفضة الدخل في مقابل 70 في المائة في الدول مرتفعة الدخل. إضافة إلى ضمان قابلية التنبؤ بإمدادات اللقاح للدول النامية منخفضة الدخل، ينبغي توفير المساعدة اللازمة لتعزيز الطاقة الاستيعابية وتحسين البنية التحتية الصحية. ومن الإجراءات المطلوبة على نحو عاجل أن يتم سد الفجوة التمويلية البالغة 23,4 مليار دولار واللازمة لمبادرة تسريع إتاحة أدوات مكافحة كوفيد - 19 ACT وتحفيز عمليات نقل التكنولوجيا للمساعدة على التعجيل بتنويع الإنتاج العالمي للأدوات الطبية الضرورية، خاصة في إفريقيا.
وعلى المستوى الوطني، ينبغي أن يستمر تطويع السياسات حسب الظروف الخاصة بكل بلد، بما في ذلك مدى التعافي، ومدى الضغوط التضخمية الأساسية، ومدى الحيز المتاح للحركة أمام السياسات. وسيتعين أن يسير كل من سياسة المالية العامة والسياسة النقدية في تناغم كامل لتحقيق الأهداف الاقتصادية. ونظرا لارتفاع مستوى عدم اليقين، يجب أيضا أن تظل السياسات سريعة الاستجابة وتتكيف مع ما يرد من بيانات اقتصادية جديدة.
ومع تقلص حيز الحركة أمام السياسات في عديد من الاقتصادات، والتعافي القوي الجاري في اقتصادات أخرى، من المتوقع أن ينكمش عجز المالية العامة في معظم الدول هذا العام. وينبغي أن يستمر إعطاء الأولوية المالية للقطاع الصحي، كما ينبغي توجيه التحويلات بكفاءة إلى الفئات الأشد تضررا، إذا دعت الحاجة إلى ذلك. وسيتعين تضمين كل المبادرات في أطر متوسطة الأجل للمالية العامة تحدد مسارا موثوقا لضمان بقاء الدين العام في حدود يمكن الاستمرار في تحملها... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي