تحسين التعامل مع الديون المستحقة على الدول «2 من 2»

شفافية الديون لا تتعلق فقط بالبيانات. فهي تستتبع أيضا شفافية عمليات الاقتراض: فقد توجد بيانات، لكنها قد تعكس ممارسات اقتراض مبهمة أو غير مشروعة أو باهظة التكلفة على نحو غير معقول. وتحدد بحوث جديدة للبنك الدولي ثلاثة مجالات رئيسة للقلق: ومنها الدين الداخلي. عادة لا يتم الإبلاغ عن متأخرات المالية العامة لأن المحاسبة المستندة إلى الاستحقاق لا تنفذ في الدول المتقدمة منخفضة الدخل. علاوة على ذلك، لا يستخدم سوى 41 في المائة من هذه الدول المزادات المستندة إلى السوق كوسيلة رئيسة لإصدار الديون المحلية، ولا تقوم تلك الدول التي تستخدم المزادات إلا بالإفصاح عن معلومات غير مباشرة للمستثمرين.
ثانيا: القروض المدعومة بالموارد، التي تستخدم تدفقات الإيرادات المستقبلية كضمانات. ويخرج معظم هذه القروض من الإحصاءات لأن البلد المدين لا يعترف بها أو أنها متعاقد عليها خارج الموازنة. وعلاوة على ذلك، فإنها غالبا ما تحمل أسعار فائدة أعلى من مصادر التمويل المماثلة غير المضمونة.
وثالثا دين خارجي غير قابل للتسويق. المعلومات المتعلقة بتداول القروض التجارية وإعادة هيكلتها محدودة. وقد يؤدي بعض أدوات البنك المركزي أيضا إلى مفاجأة تتعلق بالديون أو تضعف حقوق الدائنين، كما هي الحال في ودائع النقد الأجنبي غير المعلن عنها أو عمليات إعادة الاكتتابات المفرطة مع الأوراق المالية الخاصة.
وللدول النامية كثير يمكن أن تجنيه من خلال تحسين شفافية الديون. وينبغي أن تقوم بما يلي:
ضخ الاستثمارات اللازمة في القدرات والأنظمة لإنتاج بيانات دقيقة عن الديون. وينبغي للدول معالجة القيود التشغيلية التي تحد من النشر المنتظم لتقارير الديون الشاملة. وينبغي أن تتضمن مطبوعة الديون السنوية إحصاءات الديون العامة والمضمونة من الحكومة العامة، بما في ذلك معلومات عن أدوات الدين الفردية المتعاقد عليها. ويجب أن تقدم المطبوعة تعريفا للدين العام بما يتماشى مع المعايير الدولية. وأيضا زيادة شفافية الإطار القانوني. يجب أن يضع الإطار القانوني لإدارة الدين العام أحكاما واضحة بشأن الإذن بالاقتراض، ويشترط الإفصاح عن معلومات الدين العام، وتنظيم محتواها وتواترها. ويجب أن يعرض أيضا قائمة بأدوات الدين أو المعاملات أو مصادر التمويل المسموح بها، ويتطلب مراجعات منتظمة للديون القائمة.
وكذلك اعتماد آليات إصدار تستند إلى السوق المحلية للدين. ولتعزيز الإصلاحات في هذا المجال، أطلق البنك الدولي أخيرا أداة لتتبع شفافية إصدارات الحكومة المحلية أوراق الدين. ووضع واعتماد عملية تحليل ومتابعة صارمة للموافقة على القروض المدعومة بالموارد وتنفيذها. ويجب أن يشمل هذا الخطوات التالية: أولا، تقييم دقيق لكيفية تأثر الاستدامة، ثانيا، التحقق من أن الشروط والأحكام المقترحة تراعي بصورة عادلة قيمة الضمان المقدم، ثالثا، التحقق من أن الأبعاد القانونية والتقنية للهيكل المقترح تؤخذ في الحسبان تماما، رابعا، التقييم الدقيق لكيفية تأثير منح الضمانات على عمليات التمويل الأخرى، في سياق استراتيجية البلد المعني لإدارة الديون. ومع ذلك، ينبغي ألا تقع مسؤولية زيادة الشفافية على عاتق الحكومات في الدول المقترضة وحدها. إذ يمكن للدائنين أيضا تشجيع ممارسات التمويل الشفافة عن طريق تقديم معلومات تفصيلية عن حافظة قروضهم. ويجب أن تحد من استخدام بنود السرية وتمتنع عن تلك التي تتطلب السرية. كما يتعين عليها أيضا نشر معلومات تفصيلية عن حافظة قروضها، كما توصي إرشادات العمليات الخاصة بالتمويل المستدام الصادرة عن "مجموعة العشرين".
كما أن للمؤسسات المالية الدولية أهمية بالغة لتحقيق نتائج جيدة بشأن شفافية الديون واستدامتها. ونعتقد أن الممارسات العالمية لجمع البيانات عن الديون يجب توحيدها وتجميعها. ومن خلال مجموعة متنوعة من الأدوات، يشجع البنك الدولي الإصلاحات من خلال تقديم تقييمات منتظمة لالتزام الدول بالمعايير الإحصائية والمحاسبة الدولية. وفي أعقاب جائحة كورونا، لا يسعنا أن نظل راضين عن التصدي لتحديات شفافية الديون في الدول النامية. لقد حان وقت العمل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي