الصناديق العقارية .. الخيار الأفضل للاستثمار العقاري

من الطبيعي أن يبحث الأفراد عن قنوات استثمارية لتنمية مدخراتهم مهما كانت أحجامها، فبقاؤها في حسابات بنكية لا يحقق لهم أي مكاسب, خصوصا أن معظمهم يتجنب العوائد المضمونة التي تتيحها لهم بعض البنوك. من هنا كان البحث منذ أن بدأت الطفرة حتى اليوم عن أفضل الطرق لتنمية هذه المدخرات, وكان وقتها الاستثمار في العقارات بأنواعها المختلفة من أفضل الطرق التي حاول كثير من الأفراد الدخول لعالم الاستثمار من خلالها، إلا أن ارتفاع أقيامها في السنوات الأخيرة جعلها خيارا مستبعدا لشريحة مهمة من الأفراد الذين لم تمكنهم مدخراتهم المتواضعة من سلوك هذا الطريق.
كانت المتاجرة في الأراضي البيضاء المطورة وغير المطورة تجتذب رساميل ضخمة من أموال تجار العقارات المعروفين ولم يكن التطوير العقاري المتمثل في بناء الوحدات السكنية والمكتبية والترفيهية مرغوبا، لأنه يحتاج إلى جهود مضاعفة وإلى وقت أطول لتحقيق الربح المستهدف, فكان ذلك سببا مؤثرا في ظهور الفجوة بين العرض والطلب على الوحدات السكنية من جهة وإلى ارتفاع أسعار الأراضي البيضاء من جهة أخرى، أي أن الطفرة العقارية السابقة لم تكن متوازنة ونتجت عنها سلبيات متعددة ما زلنا نعانيها إلى اليوم.
المكاسب المغرية التي يحققها تجار الأراضي شجعت فئة محسوبة عليهم على الاستثمار في هذا النشاط فكانت النتيجة ظهور المساهمات العقارية التي يقال إنها ورطت عشرات الآلاف من الأفراد وحجزت عشرات المليارات من أموالهم بعد أن تعثرت لأسباب عديدة, أهمها افتقاد التجار الجدد الخبرة الكافية واستسهالهم جمع المال دون أن تكون لديهم خطط واضحة لتحقيق الأرباح الموعودة وعدم وجود خبراء قانونيين وماليين يساعدونهم على صيانة تلك الأموال وتنميتها.
أدى تعثر العشرات من المساهمات العقارية إلى نشوء أزمة لم يكن ينبغي أن تظهر في الأساس وهو ما جعل مجلس الوزراء يتدخل لوضع خطة للتعامل مع تلك المساهمات ورد حقوق المساهمين.
نخلص إلى أن حجم الأموال التي يرغب أصحابها في استثمارها كبير وأن الطرق السابقة المتعارف عليها لم تعد مقبولة في هذه الظروف, كما أنها لا تفيد الاقتصاد الوطني, لأن الاستثمار في الأراضي البيضاء غير منتج عكس الاستثمار في التطوير العقاري والصناعي والسياحي والخدمي وهو ما تحتاج إليه المملكة، لذا نعتقد أن الخيار الذي بدأت تسلكه بعض شركات التطوير العقاري المعروفة بتأسيس صناديق عقارية خيار أفضل من الخيارات السابقة لعدة أسباب, أولها أن هناك رقابة صارمة عليها من قبل مديري تلك الصناديق المتمثلة في شركات الوساطة المالية التي تمتلك من الخبرة والتأهيل القدر الذي يمكنها من القيام بهذا الدور لحفظ حقوق المساهمين، والسبب الثاني أن تلك الصناديق تعمل على توفير سلع تحتاج إليها المملكة مثل الشقق والفلل والمنتجعات, أما السبب الأخير فيتمثل في توافر قناة استثمار آمنة نوعا ما للأفراد الذين يبحثون عن قنوات لاستثمار أموالهم تبعدهم عن الطرق المشبوهة التي ضيعت مدخراتهم في السنوات الأخيرة.
بعض الأخبار تؤكد أن نحو 80 صندوقا عقاريا ستطرح للاكتتاب في الأشهر المقبلة, وهذا أمر جيد يتطلب الإسراع في إنشاء سوق ثانوية يمكن من خلالها تداول أسهم تلك الصناديق, وهذا ما نطمح إلى أن يتحقق في القريب ـ بإذن الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي