متعة الأبحاث العلمية
في الأشهر الأربعة الماضية شهدت المملكة عشرات المؤتمرات واللقاءات وورش العمل العلمية في مجالات عديدة، والمشاركات العالمية في هذه المؤتمرات بارزة وواضحة، وهناك أسماء كبيرة في إنتاجها العلمي والفكري كانت حاضرة، وكثرة هذه المناسبات توجد لوسائل الإعلام أزمة متابعة .. فكل مؤتمر ولقاء هو فرصة للموضوعات الإعلامية المهمة والشيقة.
أقول شيقة لأن فيها (متعة) وفيها رسالة أمل، فالأبحاث والدراسات تسعى إلى تقدم الحياة وحل مشكلاتها، فحياتنا مازال فيها كثير من المعطيات الإيجابية التي تجعلنا نسعى لعمارة الأرض لتكون الحياة نعمة تأخذ الإنسان إلى مقومات الحياة الكريمة، والنتائج العلمية التي تقدم الأمل لعلاج الأمراض المستعصية وجعل الحياة أكثر يسرا وسهولة وأقل عذابا، كل هذه تقدم المتعة في التلقي الإيجابي.
والمتعة الإعلامية الإيجابية تكاد تكون المتنفس والنافذة التي يرى عبرها الناس الجوانب المشرقة لحياتنا اليوم، فطفرة القنوات الفضائية الإخبارية وكثرتها جعلها تتسابق إلى المشاهد عبر المواد الأسهل والأقل تكلفة والأكثر إثارة، وهذا جعلنا نتلقى يومياً سيلا جارفاً من أخبار الحوادث والكوارث والحروب، وهذا في أدبيات الإعلام يعرف بـ (الأخبار السالبة).
إنها تسلب من الناس الإحساس بأهمية التفاعلات الإنسانية والاجتماعية والخيرة والإيجابية بينهم، والحياة تقوم على أنها صراع دائم بين الخير والشر، صراع يكاد يبرر كل ما نراه من مآس وكوارث، فكل يرى أنه مظلوم ومسحوق وهذا تجلى في الأزمة المالية العالمية الراهنة، فالنائحون في شوارع الدول العظمى ممن فقدوا وظائفهم ومدخراتهم يكادون يتفوقون في عذاباتهم على معدمي الدول الفقيرة، الذين أدمنوا المعاناة والتعب.
ما تقدمه البشرية من تطورات جديدة في مجالات العلوم والتقنية فيه مادة إعلامية ماتعة، لأن الاكتشافات والمخترعات، في مدى تأثيرها في الحياة وقدرتها على اختزال الجهد واختصار الزمن والمسافات، تكاد تقترب من الخيال العلمي، فالناس ترى وتكاد لا تصدق، وهذا جانب الإثارة والمتعة الذي تجلبه على الملتقى الإعلامي.
لقد أصبحت المملكة ورشة عمل للعلوم والاختراعات ولعل هذا يدفعنا لأن نستثمرها في دعم الاستقرار الاجتماعي لبلادنا، وهذا هو الجانب المشرف الأهم لتحولنا إلى مجتمع ينتج المعرفة، ويعوّد أبناءه على التفكير العلمي حين مواجهة ظروف الحياة وتحدياتها.