أزمة الطاقة مشتعلة حول العالم .. برنت "بديل الغاز" يتجاوز 84 دولارا للبرميل

أزمة الطاقة مشتعلة حول العالم .. برنت "بديل الغاز" يتجاوز 84 دولارا للبرميل
انتعاش الطلب على النفط ينبئ بحالة من التعافي تهيمن على الصناعة.

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على ارتفاع جديد ليتجاوز سعر خام برنت 84 دولارا للبرميل، بسبب تعافي الطلب واستمرار قيود المنتجين في "أوبك +" وخارجها على الإمدادات النفطية، بينما تزداد حالة التفاؤل بالتعافي الكامل من جائحة كورونا.
وأشار محللون نفطيون إلى أن ارتفاعات الأسعار مجددا فى بداية الأسبوع جاء بتأثير من أزمة الطاقة العالمية، التي أدت إلى زيادة الطلب العالمي على النفط الخام قبل فصل الشتاء، حيث ارتفع خام برنت 2.17 دولار بما يعادل 2.6 في المائة إلى 84.56 دولار للبرميل، مسجلا أعلى سعر منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وصعد الخام الأمريكي 2.67 دولار أو 3.4 في المائة إلى 82.02 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوياته منذ أواخر 2014.
وذكر محللون أن أسعار الوقود مثل الفحم والغاز الطبيعي آخذة في الارتفاع في أوروبا وآسيا مع انخفاض المخزونات قبل شتاء نصف الكرة الشمالي، ما أدى إلى التحول إلى المنتجات النفطية مثل الديزل والكيروسين، مشيرين إلى أن زيادة الطلب على النفط الخام كبديل للغاز المتأزم والباهظ التكلفة قد تستمر لبعض الوقت.
وارتفعت أسعار النفط أكثر من 2 في المائة اليوم الإثنين لتواصل مكاسبها في ظل أزمة طاقة تعصف باقتصادات عالمية وسط انتعاش في النشاط الاقتصادي وقيود على الإمدادات من كبار المنتجين.
وفي هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية" روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، إن أسعار النفط الخام بدأت الأسبوع على نحو قوي، واستمرت في حصد المكاسب في ظل غلبة التفاؤل على السوق وتزايد المشاعر الصعودية بين المتعاملين مع سوق النفط الخام.
وأشار إلى ارتفاع أسعار الخام الأمريكي بنحو 30 في المائة منذ منتصف آب (أغسطس) الماضي في ظل اشتعال أزمة الطاقة العالمية، موضحا أن نقص الغاز أدى بالفعل إلى زيادة الطلب على النفط بنحو 650 ألف برميل يوميا- بحسب تقديرات مجموعة جولدمان ساكس– التي تؤكد استمرارية ارتفاع الاستهلاك وتنامي التحول من الغاز إلى النفط، وبالتالي زيادة الأرباح من إنتاج الديزل وزيت الوقود في المصافي، خاصة في أوروبا.
من ناحيته، قال لـ"الاقتصادية" ردولف هوبر، الباحث في شؤون الطاقة، ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن الطلب العالمي على النفط الخام ينتعش بقوة، كما أن هوامش أرباح المصافي عادت حاليا بشكل جيد مرة أخرى، ما ينبئ بحالة من التعافي والتفاؤل تهيمن على صناعة النفط الخام العالمية، خاصة بعدما لعبت دور البديل الكفء في تعويض نقص الغاز العالمي وتلبية احتياجات المستهلكين مع قدوم فصل الشتاء ذي الطلب المرتفع.
ونوه إلى أن الارتفاع المطرد في أسعار الطاقة قد يصل إلى المستويات المؤثرة سلبا في نمو الطلب خاصة مع تنامي الضغوط التضخمية في أغلب دول العالم خاصة في دول الاستهلاك، ما ينذر باتساع علامات تباطؤ النمو العالمي، ما جعل بنك جولدمان ساكس يخفض توقعاته للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة هذا العام والعام المقبل، كما قد تؤدي أزمات الطاقة في الصين والهند أيضا إلى تباطؤ النمو في قارة آسيا بشكل عام.
من جانبه، ذكر لـ"الاقتصادية" ماثيو جونسون، المحلل في شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، أن أسعار النفط استهلت الأسبوع على قفزات حادة جديدة، وسجلت أعلى مستوياتها في عدة أعوام خاصة في ظل قيود العرض.
ولفت إلى أن صعود أسعار النفط اتسع كثيرا مع ارتفاع أسعار الغاز بأكثر من 300 في المائة لتتداول عند أعلى مستوياتها منذ 2014 متجاوزة النفط وعديدا من السلع الأخرى.
وأوضح أن المستهلكين سيستمرون في اعتبار النفط بديلا مناسبا للغاز للهروب من ضغوط الارتفاعات الحادة في أسعار الغاز، وفي إطار البحث عن أنواع وقود أرخص بديلة، وذلك بعدما كان المستهلكون في فترات سابقة يتحولون من النفط إلى الغاز بسبب رخص الأخير وقلة انبعاثاته.
وأشار إلى بعض التقارير الدولية التي ترجح أن التحول عن الغاز سيعزز الطلب العالمي على النفط الخام بمقدار مليوني برميل يوميا في غضون بضعة أعوام فقط.
بدورها، أوضحت لـ"الاقتصادية" نايلا هنجستلر، مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أن تكاليف الطاقة في أوروبا آخذة في الاشتعال بشكل قياسي ومؤثر في النمو، موضحة أن الطاقة- سواء كانت في شكل فحم أو غاز طبيعي أو نفط– مطلوبة لمواجهة ارتفاع الاستهلاك، سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة.
وأشارت إلى أن سوق الغاز الطبيعي ضيقة للغاية حاليا، كما أن أسعار النفط العالمية تشهد ارتفاعات متلاحقة في ظل قيود الإمدادات من قبل المنتجين.
وأوضحت أن إعلان روسيا أنها مستعدة إلى زيادة الإمدادات لتحقيق استقرار الأسعار أدى إلى انخفاض الأسعار نسبيا، ولكن استمرار التراجع مرهون إلى حد كبير على ما إذا كانت روسيا ستفي بهذا الالتزام في الأشهر المقبلة.
ولفتت إلى أن شركة غازبروم الروسية الموردة للغاز تعرضت إلى انتقادات شديدة لتعمدها القيام بشحن إمداداتها بما لا يتجاوز الحد الأدنى من التزاماتها التعاقدية هذا العام، كما أن مستويات المخزونات الروسية على وشك بأن تستنفد بسبب فصل الشتاء شديد البرودة.
من جانب آخر، عقدت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، الإثنين، ورشة عمل فنية بالتعاون مع شركات الطاقة الدولية عبر الفيديو.
وقال بيان لمنظمة "أوبك" إن ورشة العمل تعد أحدث مبادرة توعية للمنظمة لتعزيز الحوار والتعاون الدولي لدعم هدفها الشامل المتمثل في تعزيز الاستقرار المستدام في سوق النفط العالمية، موضحا أن الحدث يعد بمنزلة منصة ديناميكية لشركات النفط الوطنية والدولية لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك وتبادل وجهات النظر حول أسواق الطاقة.
وقال محمد باركيندو، أمين عام "أوبك" في افتتاح الورشة أن هذا الحدث يمثل علامة فارقة جديدة في جهود التوعية المستمرة لـ"أوبك" ويبني على تقليدنا الطويل في تعزيز الشراكات مع مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة في الصناعة بما في ذلك مؤسسات وشركات القطاعين العام والخاص.
وأضاف باركيندو قائلا "تتمتع أوبك بصلات تاريخية طويلة مع شركات النفط الوطنية في الدول الأعضاء وقد كثفنا أخيرا جهودنا لعقد اجتماعات غير رسمية، وتبادل المعلومات مع شركات النفط العالمية".
وتابع الأمين العام مؤكدا الدور المهم، الذي من المتوقع أن يلعبه النفط والغاز عالميا في الأعوام المقبلة، مشيرا إلى توقعات "أوبك" للنفط العالمي 2021 التي ترجح أن يزداد الطلب على الطاقة الأولية 28 في المائة في الفترة حتى 2045 وبالتالي، فإن جميع أشكال الطاقة بما في ذلك النفط والغاز ستكون مطلوبة لتلبية هذه المتطلبات المتزايدة.
وشدد الأمين العام على القضية الحاسمة المتمثلة في الاستثمار الصناعي طويل الأجل وأثره في استدامة الصناعة، مضيفا "إننا نقدر أن إجمالي متطلبات الاستثمار المتصل بالنفط التراكمي سيبلغ نحو 11.8 تريليون دولار من 2021 إلى 2045".
وأوضح أنه يمكننا أن نرى نقصا في الإمدادات واحتمال حدوث تقلبات غير مرغوب فيها ومخاطر لأمن الطاقة إذا كانت هذه المتطلبات لم يتم تلبيتها.
وبالإشارة إلى قضية تغير المناخ والمؤتمر المقبل COP26، شدد الأمين العام على الحاجة إلى اعتماد نهج شامل وعادل ومتوازن عند معالجة التحول في مجال الطاقة، لافتا إلى أن "أوبك تدعم الحاجة إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتعزيز الابتكار وتعزيز الكفاءة، ومع ذلك لا يمكن أن يأتي هذا على حساب استنزاف الاستثمار في الصناعة، وتبقى الحقيقة أن العالم يحتاج للطاقة والطاقة تتطلب الاستثمار والاستثمار يعتمد على الشركات".
من ناحية أخرى، فيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط الإثنين لتواصل مكاسبها المستمرة منذ أسابيع وسط قيود على الإمدادات من كبار المنتجين وتزايد الطلب على الوقود في الوقت، الذي تحاول فيه الاقتصادات التعافي من جائحة فيروس كورونا.
وترتفع الأسعار مع خروج مزيد من السكان، الذين تلقوا التطعيمات من إجراءات الإغلاق، ما يدعم النشاط الاقتصادي، إذ ارتفع برنت لخمسة أسابيع وزاد الخام الأمريكي لسبعة أسابيع.
كما تصعد أسعار الفحم والغاز مع تعافي الاقتصادات، ما جعل النفط أكثر جاذبية كوقود لتوليد الطاقة، وهو ما دفع أسواق الخام إلى الارتفاع.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 81.56 دولار للبرميل الجمعة مقابل 78.60 دولار للبرميل.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، الإثنين، إن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، وأن السلة كسبت نحو خمسة دولارات، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 76.38 دولار للبرميل.

الأكثر قراءة