إعادة البناء على نحو أكثر شمولا «2 من 2»

البرامج الضخمة ذات المقاس الواحد الذي يناسب الجميع التي يجري تصميمها في عاصمة وطنية أو عاصمة إحدى الولايات، من غير الممكن أن تعالج التحديات المحددة التي يواجهها مجتمع محلي بعينه. فمن منظور أحد المجتمعات، ربما تتمثل المشكلة الأكبر في غياب القدرة على الوصول السريع والميسور إلى شبكات النقل، ومن منظور مجتمع آخر، ربما تتمثل في الافتقار إلى المنافذ الآمنة لطاقات الشباب. الواقع: إن سكان أي مجتمع هم الأقدر على فهم احتياجاتهم الأكثر إلحاحا.
تتضمن الإجابة - بكل تأكيد - مزيدا من التمويل الخارجي، بما في ذلك مزيد من الإعانات الضريبية لتشجيع الاستثمار في مناطق الفرص. بيد أن هذا لا يكفي. ففي غياب قيادة محلية ملتزمة تبتكر الخطط لمعالجة تحديات محلية محددة، ومجتمع متفاعل لإعانة القيادات ومراقبة عملها، يصبح إهدار الأموال أكثر ترجيحا. ومن المؤسف أن أعواما من اليأس من الممكن أن تستنفد طاقات القيادات في أي مجتمع، وتجعل أفراده في حالة من الفتور وعدم الاكتراث.
لكن ما الذي قد يستحث التغيير؟ يتلخص أحد الاحتمالات في قيام الحكومة الوطنية أو حكومة الولاية أو المؤسسات الخيرية بإنشاء مسابقات المنح لتمويل مجموعات بمقترحات مبتكرة بإقامة مشاريع في مجتمعاتها. في الظروف المثالية، يحظى المشروع بدعم قيادات المجتمع الرسمية، مثل مكتب رئيس البلدية، لكن هذا ليس أساسيا بالضرورة إذا كان بوسع المشروع أن يستمر دون دعم هذه القيادات.
غير أن مدى مشاركة المجتمع في المشروع تشكل مع ذلك معيارا مهما للتمويل. وعلى هذا، فإن إنشاء حديقة عامة وصيانتها من قـبـل المجتمع، على سبيل المثال، ستكون أفضل من حديقة ينشئها مقاول. ويجب أن تكون قيادات المجتمع الأقوى والمشاركة المحلية الأوسع من الموروثات المهمة للمقترحات الممولة.
وسيحظى قادة المشروع أيضا بالقدرة على الوصول إلى المستشارين المحترفين، الذين يمكنهم المساعدة على علاج نقاط الضعف التي تعيب الاقتراح، فضلا عن قادة المشاريع المماثلة في أماكن أخرى، حتى يتسنى نشوء مجموعات دعم مخصصة. لن يتم تمويل كل المقترحات - بطبيعة الحال، لكن العملية المتمثلة في اجتماع مواطنين عاديين معا لتصميم مشروع من الممكن أن توجد نواة قيادة محلية جديدة إذا كانت القيادة الحالية نائمة على عجلة القيادة. وإذا كانت المنافسة على الـمنح قادرة على إحياء أو توليد طاقة محلية أوسع، فإن هذا يكفل لها النجاح.
علاوة على ذلك، من الممكن أن يعيد مقدمو الطلبات غير الناجحين تقديم مقترحات مشاريعهم في مسابقات لاحقة بعد معالجة نقاط الضعف السابقة، وبالتالي إدامة الحماس الذي ولده الاقتراح الأولي. أخيرا، من الممكن تبادل الدروس المستفادة من المبادرات الناجحة مع مجتمعات أخرى تبحث عن مشاريع خاصة بها، بهدف إنشاء شبكة تعلم قادرة على تبادل الأفكار والخبرات وأفضل الممارسات، فضلا عن التنبيه إلى المزالق الشائعة.
هذا ليس تنظيرا خاملا. كانت دول متقدمة، مثل كندا، تعمل على إنشاء مثل هذه الشبكات لتشجيع العلاجات من القاعدة إلى القمة للمشكلات المحلية التي ظلت حتى الآن مستعصية على الحل.
تنفق الدول المتقدمة مبالغ طائلة من المال في محاولة للتعافي من الجائحة. وإنه لأمر مؤسف للغاية أن تـهـدر هذه الأموال على مخططات عتيقة ومنهكة ونادرا ما أحرزت أي نجاح. ينبغي لهذه الأموال أن تذهب إلى من هم في أمس الحاجة إلى فرص جديدة، ويعرفون كيف يوجدونها. وقد يكون هذا أحد أفضل آمالنا للبناء بشكل أفضل.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي