العلا .. قمة خليجية تاريخية في الزمان والمكان

العلا .. قمة خليجية تاريخية في الزمان والمكان

العلا .. قمة خليجية تاريخية في الزمان والمكان
العلا .. قمة خليجية تاريخية في الزمان والمكان

عاصمة التاريخ القديم، وواحدة من أهم عواصم الممالك العربية العريقة، على موعد مع العرس الخليجي الكبير، القمة الخليجية الـ41، التي يترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الثلاثاء المقبل، لتكتب صفحة جديدة من التعاون والتكامل بين أعضاء مجلس التعاون في المجالات كافة.
العلا، أو عروس الجبال كما تلقب، اختبأت عن أعين العالم طيلة أعوام وعقود، وعادت مع قصة فريدة، تروي فيها حكاية حضارات تليدة عاشت على أرضها، وأصبحت وجهة تراثية عالمية، تحكمها "رؤية العلا"، التي دشنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبل عامين.

ترحيب بزعماء العالم
استضافة زعماء العالم في العلا ليست بجديدة على موطن الحضارات، ففيها استقبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - في كانون الثاني (يناير) 2020 - رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، الذي ظهر أمام الكاميرات يرتدي بشتا، في بيت شعر، يتبادل حديثا وديا، بحضور مسؤولين من البلدين.
وفي المخيم الشتوي تعرف على تراث المملكة وثقافتها الضاربة في جذور التاريخ، بعد أن رحبت به فرقة شعبية، وقدمت عروضا ورقصات فولكلورية، تبعتها جلسة مباحثات رسمية جرى خلالها تبادل الأحاديث حول العلاقات الثنائية، خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية بما فيها أوجه التعاون وفق الرؤية السعودية - اليابانية 2030، إلى جانب استعراض وجهات النظر في عدد من المسائل الإقليمية والدولية.

لؤلؤة السعودية
إلى الشمال من المدينة المنورة، وعلى بعد 300 كيلومتر، تستقبل العلا ضيوفها بآثارها الفريدة، التي تقف شامخة كمتحف مفتوح يتجول السائح بين جنباته، يكتشف من خلالها الطاقات الكامنة للمدينة الأثرية، ويلمح بريق ملامح البلدة القديمة وسوقها العتيقة بحرفها اليدوية المتوارثة منذ قديم الزمان، بكل ما تحمله من مأكولات وتفاصيل متنوعة.
كانت المدينة التاريخية "العلا" مركزا لحضارات، وممرا لقوافل تجارية، واليوم تستعيد ثقلها السياسي، وتستثمر مكانة المحافظة التاريخية والإنسانية والتراثية والثقافية، بإقامة قمة تجمع دول مجلس التعاون الخليجي في فترة حساسة وظروف راهنة عصيبة يمر بها العالم، وسط تطلعات بأن تكون القمة استمرارا لقمم الخير والازدهار خلال العقود الأربعة الماضية، تعزيز مسيرة التعاون بين الأعضاء، وتحقق تطلعات مواطني دول المجلس، ولا سيما أن مجلس التعاون يبدأ العقد الخامس من مسيرته.

أسرار مثيرة
في قلب العلا تنام آثار مدائن صالح، أول موقع سعودي تم إدراجه على لائحة "اليونسكو" للتراث العالمي، وفيه آثار من فترة ما قبل الإسلام، مثل الحضارتين اللحيانية والنبطية والنقوش والرسوم على صخورها.
واستقطبت هذه الآثار الرحالة والمستكشفين على مر الأعوام، وتحملوا مشقة السفر للتعرف على جمالياتها، ودراسة تراثها وتاريخها، ووصف المؤرخون مدائنها التي تعود إلى 300 عام قبل الميلاد بأنها "مرآة حضارات العالم القديم"، التي لا يزال العالم يعمل على فك لغزها وأسرارها حتى أيامنا هذه.

كنوز تراثية لنماء الإنسان
العلا هي المكان الحلم الذي يحقق النماء للبيئة والإنسان، تشغل مساحة طولية تصل إلى 25 كيلومترا، وعرضها ما بين ثلاثة وخمسة كيلومترات، وتتمتع بموقع جغرافي استراتيجي، استثمرته الدولة من خلال الأمر الملكي بتأسيس هيئة مستقلة لمحافظة العلا، بمسمى "الهيئة الملكية لمحافظة العلا"، لتعكس الهيئة قيمة العلا التاريخية، وما تشتمل عليه من مواقع أثرية، بما يحقق المصلحة الاقتصادية والثقافية المتوخاة، والأهداف التي قامت عليها رؤية المملكة 2030.
تتميز العلا عن غيرها من المواقع الأثرية بتشكيلاتها الجبلية، والتضاريس المتنوعة، والرمال الذهبية التي تشكل لوحة متكاملة العناصر، تضفي عليها مزيدا من البهجة الهواء العليل، الذي تشتهر به المنطقة، كما تشتهر كذلك بخصوبة أرضها ووفرة مياهها، وفيها أكثر من 40 عينا، وعرفت بزراعة الحمضيات، ومنها البرتقال والليمون الحلو والحامض واليوسفي، إضافة إلى الرمان والعنب والمانجو.
كما اشتهر أهل العلا في الماضي، بالصناعات اليدوية المشتقة من النخلة، فصنعوا منها المكتل، القفة، النفية، المجلاد، الخصفة والمهفة، إضافة إلى الصناعات الخشبية وصناعة الجلود والصناعات الحجرية، والرحى والمسن والمهراس.

دهشة عالمية
المنطقة الأثرية في العلا، التي لطالما أحبها الأمير محمد بن سلمان، وزارها أكثر من مرة، والتقط الصور التذكارية على أرضها، وبرفقة سكانها، شكلت دهشة للإعلام العالمي، فبحسب الصحف العالمية، فإن العلا ستشكل رافدا للسياحة في المملكة.
أما صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية كتبت على صفحاتها إن مدائن صالح أو "الحجر" هي مجموعة من المقابر الشاهقة المنحوتة في جوانب التلال وتأخذ لون الذهب المصقول وقت الغروب، وهي امتداد لمملكة النبطيين الذين أقاموا مدينة البتراء الشهيرة في الأردن، ويرجع تاريخ المقابر إلى ملايين الأعوام.
وبالقرب من "مدائن صالح" توجد محطة سكة حديد الحجاز القديمة، وهو خط يعود إلى الحقبة العثمانية، وفي عام 1908 كان يسير 800 ميل من دمشق في الشمال إلى المدينة المنورة، ليمر بمنطقة هيمنت عليها أربع حضارات مختلفة، وشهدت هجرات من حضارات أخرى.

الأكثر قراءة