حرب الخصومات في الصين تكشف عمق تباطؤ الاقتصاد

حرب الخصومات في الصين تكشف عمق تباطؤ الاقتصاد

حرب الخصومات في الصين تكشف عمق تباطؤ الاقتصاد

تشهد الأسواق الصينية أخيرا ظاهرة لافتة تكشف عمق التحديات الاقتصادية التي تواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إذ تحولت الخصومات الضخمة إلى أداة جذب أساسية في مختلف القطاعات، لتصبح مؤشرا واضحا على ضعف إنفاق المستهلكين وتزايد الضغوط الانكماشية.

بدأت تطبيقات توصيل الطعام الصينية بتقديم بعض المنتجات مجانًا مطلع الشهر الماضي، وفقا لـ "نيكاي آسيا". قالت امرأة مقيمة في شنغهاي: "طلبتُ وجبتين من البرجر، وكانت مجانية في كلتيهما". استخدمت قسيمة من تطبيق ميتوين، أكبر تطبيق للطلبات الخارجية في البلاد، للحصول على وجبة مجانية للعملاء الذين اختاروا الاستلام بدلا من التوصيل.

سوق الطلبات الخارجية في الصين شهدت منافسة شرسة منذ أن دخلت شركة التجارة الإلكترونية العملاقة جي دي.كوم في وقت سابق من هذا العام مجالا كانت تهيمن عليه ميتوين وإل.وين التابعة لمجموعة علي بابا.

وفي محاولة لكسب حصة أكبر في سوق تزداد تشبعا، أعلنت "علي بابا" عن تخصيص 50 مليار يوان (نحو 6.98 مليار دولار) لدعم الخصومات خلال العام المقبل، فيما التزمت "جي دي" بضخ 10 مليارات يوان في المنافسة.

انعكست هذه الحرب السعرية سلبا على أرباح المطاعم نفسها، ما دفع الهيئة الوطنية لتنظيم السوق لاستدعاء الشركات الثلاث في يوليو ومطالبتها بوقف ما وصفته بـ"الممارسات الفوضوية".

أعلنت الشركات الثلاث في بداية هذا الشهر أنها ستوقف حرب الخصومات. بدأت العروض المجانية بالاختفاء، لكن الشركات لم تتوقف عن إصدار قسائم الخصم أملًا في الحفاظ على عملائها.

تُظهر هذه المنافسة السعرية المُستمرة كيف أن إحجام المستهلكين الصينيين عن الإنفاق قد أثّر الآن في تناول الطعام في الخارج. ووفقًا لبيانات المكتب الوطني للإحصاء الصيني، نمت إيرادات المطاعم لشهر يوليو 1.1% فقط على أساس سنوي.

ولم تقتصر موجة الخصومات على قطاع الأطعمة؛ إذ امتدت لتشمل السلع الفاخرة. شوهد أحد متاجر التخفيضات في بكين وهو يبيع حقائب من علامات تجارية فاخرة بنصف السعر. كانت هذه العلامات التجارية رائجة لدى المستهلكين الأثرياء الذين لم يتمكنوا من السفر إلى الخارج خلال الأيام الأولى لجائحة كوفيد-19.

هذا التراجع في الطلب مدفوع بعوامل أعمق، أبرزها ركود سوق العقارات الذي قلّص ثروات الطبقة الميسورة، إضافة إلى القيود الحكومية الجديدة التي تحظر على المسؤولين الحزبيين تقديم أطعمة أو مشروبات فاخرة في المناسبات الرسمية.

قال ناوتو سايتو، رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية في معهد دايوا الياباني للأبحاث: "نظرا لمحدودية طلب المستهلكين بشكل عام، ستواصل الشركات بذل كل ما في وسعها للحصول على حصتها".

واصل مؤشر انكماش الناتج المحلي الإجمالي – الذي يقيس التغيرات العامة في الأسعار – تراجعه للربع التاسع على التوالي بنسبة 1.3%، في أطول سلسلة هبوط مسجلة.

وقد دقت القيادة الصينية ناقوس الخطر. ففي اجتماع للجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية في الأول من يوليو، حثّ صانعو السياسات على تنظيم الشركات التي تُمارس منافسةً "فوضوية" على الأسعار المنخفضة.

الأكثر قراءة