شيفرة الخلق الإلهي في أجسامنا

نحن موجودون ونعيش، ولكن هل خطر في بالنا كيف نجدد أنفسنا، أم كيف يتابع الجسم رحلة الوجود؟ إن هذا متعلق بشفرة أو كود خاص، بكل مخلوق على وجه الأرض، سواء كان تفاحة أم بشرا أم صرصورا، كما عثرت على عائلة ظريفة من الصراصير، بزوجين متحابين وولدين جديدين في علبة القش التي أضع فيها أغراضي الثمينة، فاقتحموها من دون إذن وأسسوا عشا للزوجية هناك.
ولكن جسمنا مركب من مصانع وتراكيب لا نهائية.
والسؤال هو أين بالضبط مكان صناعة هذه التراكيب اللانهائية المعقدة؟
لابد إذا من (كود) أي شفرة تفاهم بين نواة الخلية والجسم.
لقد استطاع الثنائي (جيمس واتسون وفرانسيس كريك) إماطة اللثام عن تركيب كامل المادة الوراثية عند الإنسان عام 1953 م.
وتم هذا الفتح المبين ـ لمن لا يعرف ـ من سرقة غريبة لأعمال السيدة (روزاليند فرانكلين) التي ماتت عن عمر 38 سنة بسرطان الثدي، بعد تطبيقها الأشعة السينية على الأبحاث، ومن سرقها كان المشرف على أبحاثها ولكينز؛ فقدم البحث على طبق من جائزة نوبل لهما، أعني للثنائي المرح، أما كريك فقد مات بعد أن كتب عن كيمياء الحياة، ووجوب قدوم كائنات خارج أرضية لزيارتنا، فلم يزرنا أحد حتى الآن!
وأما واتسون فقد شارك في أبحاث لوس ألاموس في الجينوم البشري، فبعد أن كشف الثنائي الطبيعة العامة للتركيب، جاءت المرحلة الثانية في معرفة تركيب الجينوم البشري على وجه الدقة، وقد وصل العلماء له فيما عرف باسم الجينوم البشري، وحاليا تجري الأبحاث للمرحلة الثالثة بإماطة اللثام عن الكود الوراثي لكل المخلوقات، وهو مشروع قد يستغرق القرن بكامله، ومما عرفوا جينوم الشمبانزي وأن الجينوم عنده مثلنا بفارق 1 في المائة، وكذلك جينوم إنسان نياندرتال الذي اختفى قبل 35 ألف سنة، وجرثومة الإنفلونزا وفيروس السبوتنيك.
أما المرحلة الرابعة والأخطر فهي في كشف التركيب الجيني ضمن الجينوم، وهي 140 ألف جملة مفيدة ومعروفة حتى الآن، قد يتطلب الأمر لكشف سر الإنسان المغيب عملا قد يستغرق قرونا، وهو سيفتح لنا كهف علي بابا داخل جسمنا فنفهم أسراره المغيبة.
ولأخذ فكرة عن الرحلة العلمية فقد تطلب تساؤل شرودنجر في كتابه (ما هي الحياة) عام 1944 م حتى يجاب عليه بجلاء 21 سنة من البحث العلمي المضني، عندما باحت الخلية بسرها لـ (مارشال نيرنبرج) عام 1965 م، وعرف أن الحياة تعمل باحتياطي مخيف؛ فمن أربعة حروف يمكن الإيعاز لتشكيل 64 حامضا نوويا مختلفا، وليست العشرين من الأحماض الأمينية في بدننا إذا تصورت الحروف الأربعة بـ ATCG فيمكن أن تكون على 64 نسقا وجرب ذلك بنفسك لتعرف فقد أحصيته أنا شخصياً (AAAA,ACAA,ATAA,AGAA.ACTA.) وهكذا، ومن هذه التراكيب يبنى كل جسمنا من عظم ولحم وظفر، من خلال شفرة (تتك) على مدار الساعة، لشريط طويل يشبه سحاب البنطلون، لا يكف عن الفتح في أماكن بعينها، مثل تنفس الرئة؟ ويسمح بأخذ كوبي عنه (مشفر) فيوحي بإذنه لتركيب مشابه في مصانع خاصة (الريبوسوم) في الخلية حيث تتابع جمل (الخلق) لتكوين ما يحتاج إليه الجسم.
بقي أن نعلم أن عدد النسخ في الثانية الواحدة تبلغ 500 مليار من دون خطأ واحد.
واعتبرت مجلة ( صورة العلم ) الألمانية أن يوم الخلق الثامن قد بدأ، وبدأت أفلام هوليوود تظهر مخاطر هذه اللعبة على شاكلة فيلم جوراسيك بارك، ويصرح الدكتور (لي سيلفر) باستنساخ الإنسان في خمس سنوات، مما يذكر بقصة (فرانكنشتاين) فما الذي ينظم نمو العلم فعلاً؟ وأين سترسي سفنه عابرة محيط المجهول؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي