مزايا الضمان الاجتماعي وسباق الرئاسة الأمريكية «1من 3»
مع احتدام السباق الرئاسي في الولايات المتحدة، توجه أوليفيا ميتشيل خبيرة شؤون التقاعد البارزة تحذيرا للمرشحين. تقول خبيرة الاقتصاد ذات الـ 66 عاما: "إن بعض المرشحين لمنصب رئيس الولايات المتحدة تحدث عن زيادة مزايا الضمان الاجتماعي لكنه رأي خاطئ للغاية". وتشير إلى أن مجرد الحفاظ على ملاءة النظام الحالي سيتطلب زيادات هائلة في ضريبة الأجور أو تخفيض المزايا.
وتشير البحوث التي أجرتها ميتشيل إلى أن الأمريكيين سيكونون أفضل حالا إذا ما تم رفع السن القانونية للتقاعد، وزيادة الوعي المالي، وتقديم مزايا اقتصادية تشجع على الادخار والتخطيط والاستثمار الذكي. ودعت إلى تنظيم حوار وطني لإصلاح نظم الاستحقاقات قبل نفاد التمويل المخصص للمزايا. وحسب رؤيتها الباعثة على التفكير، يجب على المواطن العمل فترة أطول، وزيادة مدخراته وتوقع القليل.
وميتشيل أحد مؤسسي بحوث التقاعد الأكاديمية الحديثة. ولها أكثر من 250 کتابا ومقالا منشورا، كما عملت مستشارا لعدد من الحكومات حول العالم، وحصدت ما يزيد على 60 تكريما وجائزة عن مسيرتها المهنية.
وعندما بدأت ميتشيل الانخراط في هذا الموضوع منذ 40 عاما كان هذا المجال مقصورا بدرجة كبيرة على التحليلات الإكتوارية "أي الحسابات الرياضية والإحصائية للحجم والمخاطر". وقد كرست مسيرتها المهنية لدمج الاعتبارات الاقتصادية، ولا سيما المرتبطة بالاقتصاد السلوكي في نظام معاشات التقاعد. وخلال حديثها من مكتبها في كلية وارتون في جامعة بنسلفانيا تصف ميتشيل نظام معاشات التقاعد بأنه عالم صغير يغطي جميع المجالات: الديموغرافيا والموارد البشرية والضرائب والمالية وعلم النفس والاقتصاد وغيرها.
ويقول جيفري جاريت، عميد كلية وارتون، إن الخبرة الواسعة العميقة التي تتمتع بها أوليفيا في مجال معاشات التقاعد أمر لافت للنظر. وآراؤها تشمل جميع المجالات التي تؤثر في اقتصادات التقاعد، بما في ذلك أزمات التمويل في نظم معاشات التقاعد الخاصة والعامة وتراجع المعاشات الممولة من أرباب الأعمال، والعوامل الديموغرافية المتغيرة، والأوضاع المالية للأسر، ومراكمة الثروات، والحاجة إلى التوعية المالية. وتعكس أعمالها الفترة التي شهدت تغيرات هائلة في نظم معاشات التقاعد، وتتناول قضايا أخرى خارج حدود الولايات المتحدة.
بين عامي 2006 و2016 ارتفع عدد السكان الأمريكيين في سن الـ 65 أو أكثر من 37 مليون نسمة إلى 49 مليون نسمة، وسيتضاعف العدد تقريبا بحلول عام 2060 ليصل إلى 90 مليون نسمة. ويعد نظام الضمان الاجتماعي الذي يبلغ رصيده تريليون دولار أمريكي المصدر الأساسي لدخل التقاعد في الولايات المتحدة، لكن من المتوقع أن تتجاوز تكلفته الإجمالية مجموع دخله خلال عام 2020. وبحلول عام 2035 ستنضب احتياطيات النظام ولن يكون في الإمكان سوی سداد ثلاثة أرباع المزايا المقررة. وتتكرر القصة في جميع أنحاء العالم. وتتيح أبحاث ميتشيل خريطة طريق لصناع السياسات لمساعدتهم على التصدي لهذه الأزمة الشائعة.
ولدت ميتشيل في لينكولن في ولاية نبراسكا، حيث عمل والدها مدرسا للاقتصاد الزراعي في جامعة نبراسكا. والتقى والداها أثناء عملهما لدى الحكومة الأمريكية في كوريا، ودرسا بعدها الاقتصاد في جامعة هارفارد. ولم تكن دراسة النساء للاقتصاد أمرا شائعا في هذا الوقت، وتم قبول والدتها في البرنامج بشرط أن تتولى طباعة دراسات المشرف.
وخلال الجزء الأكبر من طفولة ميتشيل عمل والدها لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، حيث تم تكليفه بالعمل في البرازيل وتشيلي وكولمبيا وجواتيمالا وإيطاليا والمكسيك وباكستان وبيرو. وأكسبت هذه التجربة ميتشيل ولعا بالثقافات الأجنبية واللغات والطعام والسفر لازمها طيلة حياتها. وكان علم الاقتصاد يكتنف كل مناحي طفولتها.
تقول ميتشيل "كان الاقتصاد عنصرا أساسيا في نشأتي. فقد كانت تزين الجدار أعلى طاولة المطبخ ساعة حائط كتب عليها "الوقت من ذهب"، أضعها الآن على طاولة المطبخ". وتقول، إن أباها استخدم مفهوما اقتصاديا بديهيا لإقناعها بجز الحشائش في حديقة منزلهم. تقول "عندما كنت في الخامسة من عمري كانت لدينا أرض مزروعة بالخضراوات، وأخبرني والدي أن وقته أثمن من وقتي، لذلك وجب علي جز الحشائش. وبدا الأمر منطقيا للغاية حتى إنني قررت أن أجعل لوقتي قيمة أكبر. وقد فعلت... يتبع.