أربيكيا – أصل القهوة

عماد عمر سرحان

قد لا يعلم الكثيرون بأن القهوة التي نشربها الآن أيا كان نوعها أو مصدرها سواء كانت قهوة عربية أو تركية أو أمريكية, هي في الأصل منتج عربي أصيل صدرناه للعالم بأسره على مر القرون الماضية فأبدع فيه الآخرون أكثر مما فعلنا ونسينا أننا العرب والمسلمين لنا الفضل الأول في هذا المنتج بما حبانا الله به من نعمة, فأصبحنا نصدر أجود أنواع القهوة من أراضينا العربية والإسلامية كاليمن وأثيوبيا وأندونيسيا ونستورد أسوأها من البرازيل معتقدين أنها الأجود.

لقد ظهرت نبتة البن أول ما ظهرت في اليمن أو أثيوبيا -حيث اختلفت الآراء حول ذلك- في فترة ما من القرن التاسع الميلادي فعشقها العرب واعتبروها مشروبهم الأول بلا منازع وسحر بها كل من تذوقها فاحتضنتها الدولة العثمانية أبان حكمها للعالم الإسلامي ومنعت تصدير نبتتها للعالم سعيا لاحتكار سرها, لكن تم تهريبها إلي الخارج فكانت أندونيسيا في أسيا وإيطاليا في أوربا أول من استقبلها وذلك في حدود القرن الخامس عشر الميلادي ثم انتشرت بعد ذلك في بقية دول أوربا ثم الأمريكيتين وأصبحت المشروب المفضل عند كثير من الشعوب حول العالم وعشقها وتفنن في تحضيرها الكثيرون.
ويطلق على السلالة الأصلية لنبتة البن "أربيكيا" نسبة إلي مصدرها العربي وتتميز بالجودة العالية الناتجة عن الطريقة المميزة في زراعتها وتجفيفها وتحضيرها. تتميز نبتة الأربيكيا عن سلالة أخرى حديثه لنبتة البن يطلق عليها "الوريستا" وهي أقل جودة نتيجة لأسلوب زراعتها الردئ والتجاري. ويستخدم بن الرويستا في البن التجاري رخيص الثمن أو في صنع القهوة سريعة التحضير.
الجيد في الأمر أن سلالة البن العربي –أربيكيا- تمثل 75% من حجم الإنتاج العالمي للبن ويقدر حوالي 10% من هذا الإنتاج بأنه بن متميز ذو نكهة ورائحة خاصة جدا. ويعتبر بن اربيكيا بشكل عام عالي التكلفة. وتزرع نبية البن من السلالة العربية في ثلاث مناطق رئيسية في العالم: ويختلف مذاق البن في كل منطقة من تلك المناطق سواء في الطعم أو الرائحة أو اللون مما زاد سحر القهوة في العالم فرغم أنها ذات النبتة إلا أنها تختلف عناصرها بحسب مكان زراعتها وأهم تلك المناطق:
المنطقة العربية والأفريقية التي تتركز باليمن وفي كل من يورجاكيميا وسدامو وهرار في أثيوبيا حيث نتنج هذه المناطق الأربعة أفضل أنواع البن العربي الأصيل والذي يميل إلي الحلاوة في التذوق.
منطقة أندونيسيا والتي تتركز في أكثر من 10 مناطق أندونيسية مختلفة تزرع أفضل أنواع البن قليل الحموضة في العالم وأهم هذه المناطق جاوا وسومطره وسانومي.
منطقة أمريكيا اللاتينية والتي تزرع أكبر كمية من البن الهجين عالي الجودة ذو النكهات المختلفة وأشهر تلك المناطق جامايكا وكولومبيا وكوستاريكا وبنما.

ويمكنك من خلال الخلط بين نوعين أو ثلاثة من نبتة البن أن تحصل على طعم ورائحة مختلفة فمثلا من أشهر الخلطات المعروفة والتي ابتدعها الإيطاليون الخلط بين بن اليمن (الموكا) وبن جاوا (الجافا) بحيث تجمع هذه الخلطة بين حلاوة المذاق في بن الموكا وقوة النكهة في بن الجافا.

وتعتبر طريقة تحضير القهوة أحد أهم عوامل جودتها إضافة إلي المنطقة الزراعية القادمة منها فعملية التحميص والطحن والتقطير يجب أن تتم بطريقة تسمح باستخلاص أفضل مذاق ممكن للقهوة وقد أبدع الغرب في تحضير القهوة فلم يستمروا على ما كان عليه العرب أو الأتراك في طريقة التحضير بل اخترعوا الأجهزة المختلفة التي تعمل على تقطير القهوة بشكل يتم من خلاله الحصول على أفضل نكهة كما الحال مع آلات الإسبرسوا التي أحدثت نقلة نوعية في التحول من الأسلوب التقليدي الذي كان متبعا في تقطير القهوة إلي أسلوب أكثر إبداعا فأصبحنا نرى أنواعا مختلفة من فناجين القهوة حول العالم كالقهوة الأمريكية والكابتشينو والموكا والقهوة الفرنسية ونحوها.

أما القهوة البرازيلية التي يعتقد الكثيرون في عالمنا العربي أنها أجود أنواع القهوة فهي في غالب الأمر قهوة تجارية رخيصة الثمن. فالبرازيل تعتبر أكبر منتج للبن التجاري في العالم والذي يستخدم على نطاق واسع في تصنيع القهوة الجاهزة سريعة التحضير نظرا للتكلفة المنخفضة التي تقل بأكثر من النصف عن القهوة العربية الأصل كما يستخدم في عالمنا العربي على نطاق واسع في تحضير القهوة التركية لأننا نعتمد في الحصول على مذاق القهوة على كثرة البن الذي يتم وضعه في الفنجان الواحد وليس على جودة البن أو التحضير.

والآن فإنك عندما تجلس في أحد المقاهي لتطلب فنجانا من القهوة الأمريكية أو التركية أو العربية أو الفرنسية فعليك أن تعرف قبل كل شئ مصدر تلك القهوة وأي نبته وكيف تم تحضيرها وأن تشعر بذلك من مذاق ورائحة ونكهة ما تشرب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي