أخبار الشركات- عالمية

«فولكسفاجن» .. أكبر منتج للسيارات في العالم يتعرض لصفعتين متتاليتين خلال أيام

«فولكسفاجن» .. أكبر منتج للسيارات في العالم يتعرض لصفعتين متتاليتين خلال أيام

مجموعة فولكسفاجن تدير 124 موقعا للإنتاج حول العالم.

خلال الأيام القليلة الماضية تعرضت شركة فولكسفاجن عملاق صناعة السيارات الألمانية، وأكبر شركة لتصنيع السيارات في العالم، لصفعتين متتاليتين، إحداهما كانت قانونية – مالية والأخرى دعائية إذا جاز التعبير.
وقضت أعلى محكمة مدنية في ألمانيا بأن تدفع شركة فولكسفاجن تعويضات لشخص اشترى واحدة من سياراتها التي تعمل بوقود الديزل، وكانت السيارة مزودة ببرنامج يعطي بيانات خاطئة عن انبعاثات العادم. ويعد الحكم مرجعية يعتد بها في نحو 60 ألف دعوى مرفوعة ضد الشركة في ألمانيا. وكانت "فولكسفاجن" قد توصلت سابقا إلى اتفاق لتعويض 235 ألفا من مشتري سياراتها في ألمانيا بقيمة 830 مليون يورو، كما سبق أن دفعت الشركة أكثر من 30 مليار يورو في شكل غرامات وتعويضات منذ انفجار الفضيحة في 2015.
أما الصفعة الدعائية فقد سبقت في حقيقة الأمر قرار المحكمة، وتتعلق بسحب الشركة الألمانية إعلان عن سيارة من طراز جولف، نشر على الصفحة الرسمية للشركة على موقع إنستجرام، وذلك بعدما عد الإعلان عنصريا ومهينا.
وقد يبدو الاعتذار مقبولا خاصة بعدما تقدم به رسميا كبار المسؤولين في الشركة، لكن يبدو أن ماضي الشركة التي تأسست في العصر النازي، وبأمر مباشر من هتلر عام 1937 لإنتاج سيارة رخيصة للمواطنين، لا يزال يطاردها بشكل أو بآخر.
تاريخيا كان تشغيل الشركة قد بدأ على يد جبهة العمل الألمانية وهي منظمة نازية، قامت بتعيين مهندس سيارات نمساوي يدعى فرديناند بورش لوضع تصميم لـ"سيارة الشعب"، وقد اندلعت الحرب العالمية الثانية 1939 قبل أن يبدأ الإنتاج الضخم للشركة، ومع مشاركة المصنع في الإنتاج الحربي، فإنه بات هدفا لغارات الحلفاء، وبنهاية الحرب كان المصنع في حالة من الدمار، وأعيد تشيده تحت إشراف البريطانيين، وبدأ إنتاج "فولكسفاجن" بكميات كبيرة 1946.
وتوسع إنتاج الشركة الألمانية بسرعة في خمسينيات القرن الماضي، وفي الواقع ولجودة السيارات المنتجة كانت المبيعات قوية بشكل عام خارج ألمانيا، ولكن نظرا للأصول النازية للشركة فإن المبيعات كانت بطيئة في البداية في الولايات المتحدة.
ربما لا ترتبط سيارة بتاريخ شركة فولكسفاجن مثل السيارة المعروفة باسم "البيتل" والمشهورة في كثير من البلدان العربية بـ"الخنفساء"، فالسيارة بتصميمها المستدير غير المألوف، ومحركها الذي يقع في الخلف، وحجمها الصغير نسبيا، واستهلاكها المنخفض من الوقود، حيث عدت ملائمة لأبناء الطبقة المتوسطة، وحصدت نجاحا كبيرا حتى في الأسواق الأمريكية المعروفة بميلها للسيارات الفارهة.
ورغم "الخنفساء" التي صممت في ثلاثينيات القرن العشرين، فإنه بدأ إنتاجها بأعداد كبيرة بحلول الأربعينيات، وتواصل الإنتاج حتى سبعينيات القرن الماضي، عندما دفعت الأوضاع المالية المتعثرة للشركة، والمنافسة من الشركات اليابانية، دفعت بشركة فولكسفاجن إلى تغيير فلسفتها في إنتاج السيارات، لإنتاج سيارات ذات تصاميم أكثر حداثة وعصرية.
هذا التاريخ الطويل والمتميز لشركة فولكسفاجن يدفع إلى التساؤل حول أهميتها في هيكل الاقتصاد الألماني؟
تقول لـ"الاقتصادية"، الدكتورة أماندا سميث أستاذة الاقتصاد الأوروبي في جامعة لندن، حول أهمية شركة فولكسفاجن بالنسبة للاقتصاد الألماني، "بعيدا عن العلامة التجارية والدور التاريخي الذي لعبته الشركة لتطوير صناعة السيارات الألمانية، سنجد أن مجموعة فولكسفاجن هي أكبر شركة لتصنيع السيارات في أوروبا والعالم، وتدير 124 موقعا للإنتاج حول العالم، وتبيع مركباتها في 153 دولة، وتقريبا سيارة من كل عشر سيارات تباع عالميا من إنتاج شركة فولكسفاجن، وتسهم الشركة بـ2.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا، 70 في المائة من إنتاج الشركة موجه للتصدير، وتوظف 671 ألف شخص حول العالم، من بينهم 270 ألف عامل وموظف في ألمانيا".
ويضيف "تهدف استراتيجية الشركة إلى إطلاق 30 سيارة كهربائية بالكامل بحلول 2025 والتوسع في إنتاج البطاريات والقيادة الذاتية، وهذا يجعلها أحد مرتكزات صناعة السيارات الألمانية والعالمية خلال العقود الثلاثة المقبلة".
بدوره، يؤكد جاك أرثر الباحث في شركة رولزرويس، عن جوانب القوة في الشركة الألمانية، أن بيانات الشركة تشير إلى أنها باعت 10.96 مليون سيارة العام الماضي من بينها 4.86 مليون سيارة لعملاء أوروبيين، وبزيادة في إجمالي المبيعات بنحو 1.3 في المائة عن العام السابق، وبلغ إجمالي الإيرادات المحققة للسنة المالية 2019 ما يوازي 252.6 مليار يورو، بزيادة تقدر بـ7.1 في المائة من الرقم المماثل في السنة المالية 2018.
وكانت فولكسفاجن قد اشترت شركة السيارات أودي AG في الستينيات، وهي واحدة من أكثر العلامات التجارية المربحة للشركة، وتمتلك فولكسفاجن حاليا حصة 99.64 في المائة في أودي، وفي شباط (فبراير) الماضي أعلن مجلس الإدارة أنه يخطط للحصول على حصة 100 في المائة في أودي.
كما أصبحت العلامات التجارية الفاخرة بنتلي ولامبورجيني وبوجاتي ضمن شركات فولكسفاجن جروب في أواخر التسعينيات، كما انضمت إليها بورش ودوكاتي 2012، وخارج سوق السيارات الفاخرة، استحوذت فولكسفاجن على سكودا، وهي شركة تصنيع سيارات تشيكية 2000 وشركة سيات الإسبانية 1990.
حاليا، الشركة الألمانية وعلى الرغم من ضخامتها، وتنوع مواقع إنتاجها جغرافيا، إذ تمتلك 72 مصنعا في أوروبا من بينهم 28 في ألمانيا، والباقي في أنحاء متفرقة من العالم، لم يكن أمامها سوى الانحناء لعاصفة فيروس كورونا، وتعليق الإنتاج في جميع مصانعها في القارة الأوروبية.
توقف الإنتاج في مصانع شركة فولكسفاجن الإسبانية وفي البرتغال وسلوفاكيا وفي مصانع لامبورجيني ودوكاتي في إيطاليا وكذلك مصانع إنتاج السيارة أودي في بلجيكا وألمانيا والمجر والمكسيك، وذلك بعد أن عطلت الجائحة المبيعات وسلاسل التوريد، بل باتت الشركة أمام تحد حقيقي نتيجة عدم اليقين السائد في الأسواق وأضحى من المستحيل إعطاء توقعات لأدائها هذا العام.
مع هذا يعتقد داميان هندينز نائب رئيس قسم التسويق في شركة جاجور للسيارات، أن فولكسفاجن لديها مزايا تفضيلية ستمكنها من التغلب على الكبوة الراهنة في عالم صناعة السيارات.
ويقول لـ"الاقتصادية"، إن "مجموعة فولكسفاجن تمتاز بتنوع الإنتاج بين السيارات الفاخرة مرتفعة الأسعار وسيارات الطبقة المتوسطة، ما يسمح لها بتعويض الخسائر الناجمة عن توقف الإنتاج، بمجرد استئناف النشاط الاقتصادي على المستوى العالمي".
ويضيف "لكن الجانب الأهم أنها لم تخترق السوق الصينية بعد بشكل كبير، ولم تعزز مكانتها فيه بشكل ملموس، رغم المشاريع المشتركة مع شركات صناعة السيارات الصينية FAW، وهذا يمنحها مجالا أكبر من منافساتها لتوسيع نطاق المبيعات، وبما يمكنها من تعويض جزء كبير من الخسائر الناجمة عن توقف الإنتاج خلال الفترة الماضية".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار الشركات- عالمية