حقوق الإنسان .. درس المملكة للعالم في رمضان
بالأدلة القاطعة والثبوتيات الموثقة، حققت مملكة الإنسانية منذ نشأتها أفضل المراتب بين دول العالم في حقوق الإنسان، لسعيها الدؤوب الهادف إلى صيانة واحترام حقوق البشرية جمعاء، سواء في دعمها السخي لمساعدة الدول النامية والفقيرة، أو في مبادراتها المميزة الهادفة لمواجهة انتشار الأمراض، مثل جائحة كورونا، تخفيفا لوطأة الأذى الناتجة عنها داخل المملكة وخارجها.
وفي وسط الجدل الدولي القائم حول تداعيات هذه الجائحة على حقوق الإنسان، حيث يعتقد البعض أن الحديث عن هذه الحقوق يعد نوعا من الرفاهية، أثبتت المملكة، خلال توليها رئاسة القمة الاستثنائية لـ«مجموعة العشرين»، أن هذه الرؤية القاصرة تتعارض مع أبسط حقوق البشرية شرعا وحكما، وتتنافى مع أهم الحقوق الأصيلة للإنسان. لذا بادرت المملكة فورا بالمساهمة بمبلغ 500 مليون دولار مساندة للجهود الدولية الهادفة للتصدي لجائحة كورونا.
هذه الخطوة جاءت دعما لاحتياجات الرصد والتنسيق الدولي، وضمان توافر ما يكفي من المعدات الوقائية للعاملين في القطاع الصحي، حيث تم تخصيص 150 مليون دولار لتحالف ابتكارات التأهب الوبائي، و150 مليون دولار للتحالف العالمي للقاحات والتحصين، و200 مليون دولار للمنظمات والبرامج الدولية والإقليمية الصحية المختصة الأخرى. وجددت المملكة دعوتها جميع الدول والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الخيرية والقطاع الخاص إلى المشاركة في الجهود الدولية لسد الفجوة التمويلية اللازمة لمكافحة جائحة كورونا، التي تقدر بأكثر من ثمانية مليارات دولار، وفقا لمجلس رصد الاستعداد العالمي.
وعلى الصعيد المحلي ومنذ بدء أزمة الجائحة، صدر الأمر الملكي الإنساني، القاضي بمعالجة المواطن والمقيم والوافد النظامي وغير النظامي، على حد سواء دون مقابل، في مستشفيات المملكة، ما يؤكد دور المملكة الإنساني وانفرادها بين كل دول العالم بوقوفها إلى جانب الإنسان على اختلاف جنسيته ومذهبه وعرقه، علما أن عدد المصابين بهذه الجائحة من المواطنين يقل عن 25 في المائة من العدد الكلي، بينما يزيد على 75 في المائة من مختلف الجنسيات الأخرى الموجودة في المملكة.
كما سارعت المملكة داخليا بمواجهة تداعيات الجائحة من خلال إصدار حزم تحفيزية للاقتصاد السعودي تتجاوز قيمتها 226 مليار ريال، لتعادل 8.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، محققة بذلك المرتبة الرابعة عالميا في هذه النسبة بعد ألمانيا واليابان وأمريكا، التي حققت نسبة 20.9 و18.8 و10.3 في المائة على التوالي، ومتجاوزة معدلات كل من الصين والهند وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وعلى الصعيد الدولي، ومنذ نشأتها وإيمانها برؤيتها كعضو فاعل في المجتمع الدولي وكقلب نابض للعالم الإسلامي، أخذت مملكة الإنسانية على عاتقها تقديم المساعدات الإغاثية والإنسانية المتنوعة لعديد من الدول النامية، من خلال جسورها الخيرية، مثل مركز الملك سلمان للإغاثة، والصندوق السعودي للتنمية. لذا جاء تقرير منظمة الأمم المتحدة ليعترف أن المملكة حققت المرتبة الأولى من حيث نسبة هذه المساعدات إلى دخلها المحلي الإجمالي، والمركز الرابع فى قيمة هذه المساعدات الإنسانية بعد أمريكا وألمانيا وبريطانيا.
ولعل مساهمة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، في إغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج، والمحافظة على حياة الإنسان وكرامته وصحته، جعل منه اليوم مركزا دوليا رائدا بعد مساهمته في إنجاز 1050 مشروعا عالميا بتكلفة إجمالية بلغت أكثر من مليار دولار، استفادت منها قطاعات: الأمن الغذائي، الصحة، التعليم، المياه، الإصلاح البيئي، الخدمات اللوجستية، وغيرها.
وكان من أبرز مشاريع المركز، مشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين من النزاع المسلح في اليمن، والمشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن "مسام"، التي زرعتها الميليشيات الحوثية، وبرنامج تمويل مراكز الأطراف الصناعية لدعم المصابين بحالات البتر والإصابات.
لذلك، وفقا لتقرير مكتب الأمم المتحدة، تصدرت المملكة، كل الدول المانحة لخطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن لعام 2019، والمقدرة بمبلغ 4.19 مليار دولار، حيث قدمت المملكة مبلغ 968.4 مليون دولار بـ 28 في المائة من إجمالي قيمة الخطة، تليها الولايات المتحدة بمبلغ 907.6 مليون دولار بـ 26 في المائة.
أما الصندوق الاجتماعى للتنمية، فقام، منذ تأسيسه 1974 كمنظمة لمساعدات المملكة الرائدة، بتخصيص 30 في المائة من إجمالي المساعدات لمنح قروض ميسرة للدول النامية فاقت 45 مليار ريال، فى حين خصص الصندوق 70 مليار ريال لإغاثة الدول الفقيرة فى أنحاء العالم.
أما الصندوق السعودي للتنمية، الذي بدأ نشاطه 1997، فأسهم في تمويل 582 مشروعا و27 برنامجا تنمويا في 82 دولة نامية تتوزع في إفريقيا وآسيا بمبلغ إجمالي تجاوز 51 مليار ريال، مساعدة لهذه الدول على تحسين مستوى معيشة شعوبها. كما أسهم في تقديم المنح لدعم الدول الفقيرة لمواجهة الظروف الطبيعية الطارئة، مثل حفر الآبار بمبلغ 330 مليون دولار في 12 دولة إفريقية لمواجهة الجفاف وتوفير مياه الشرب لأكثر من ثلاثة ملايين مواطن إفريقي يعانون الجفاف وقلة المياه. وطبقا لإحصاءات منظمة الأمم المتحدة، تبوأت المملكة العام الماضي المرتبة السادسة ضمن قائمة أكبر عشر دول مانحة للمساعدات الإنمائية في العالم، حيث تجاوز إجمالي ما أنفقته على برامج المساعدات الإنسانية خلال العقود الأربعة الماضية مبلغ 115 مليار دولار، استفاد منها أكثر من 90 دولة في العالم. وطبقا لمنظمة "الأونروا"، قدمت المملكة خلال العقد الماضي ما يقارب من سبعة مليارات دولار لتوفير المساعدات الإنسانية والاحتياجات الأساسية لأكثر من 5.5 مليون لاجئ فلسطيني.
وتزامنت هذه الإحصاءات مع صدور تقرير هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية الذي أكد أن المملكة أصبحت تغطي اليوم أكثر من 70 في المائة من دول العالم، وقدمت خلال الأعوام القليلة الماضية 136 مليار دولار مساعدات للدول النامية، ومليار دولار لمكافحة الجفاف ودرء الكوارث، و800 مليون دولار لتعزيز التكافل الاجتماعي بين المسلمين. وبهذا استحقت المملكة صفة المشارك في لجنة المساعدات الإنمائية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي تعد أكبر تجمع للدول المانحة في العالم.
في هذا الشهر الفضيل، يجب علينا نشر هذه الحقائق الثابتة، التي رفعت اسم مملكة الإنسانية عاليا، وأسهمت بجدارة في تلقين العالم درسا واقعيا في حقوق الإنسان.