الإفصاح

تعد القرارات الداعمة لحماية المال العام وتقديم النزاهة عنصرا مهما في تعاملات كل المواطنين وأساليب حياتهم، وموجهة إلى مزيد من إجراءات حمائية مهمة تدخل بها المملكة المنافسة العالمية في المجال الاقتصادي بشكل أساس. ذلك أن الوضوح والشفافية والرقابة التي تعتمدها دول العالم تعد المؤثر الأهم في موقعها من القدرة والمنافسة الاقتصادية. يتضح الأمر حين نراقب أهم اقتصادات العالم، كما أن هناك دولا يمكن أن يرتفع موقعها في ترتيب القدرة والمنافسة الاقتصادية إن ركزت على تحقيق مبادئ الشفافية والمحاسبة.

من هنا تظهر أهمية القرارات الأخيرة التي تركز على ضرورة منع التربح من الوظيفة بطريقة غير مشروعة، وقرار الرقابة على الدخل الذي صدر بأمر ملكي، يعني أن هناك مزيدا من التدقيق في الثروات والتعاملات لكل موظفي الدولة في الدرجة الأولى، وهو مدخلنا إلى اعتماد مفهوم الإفصاح عن الثروات الذي يعد أساسا في تعيين أي مسؤول في دول العالم المتقدم اقتصاديا.
حيث يفصح المسؤول عند توليه المنصب عن كل ما يملك من أرصدة وأصول مالية وغير مالية ويثبتها في قوائم ونماذج محددة، وعليه أن يقدم كل التغييرات التي تحدث في ممتلكاته خلال فترة عمله في المنصب، ويمكن أن تكون الرقابة مستمرة كما هو الحال في دولة مثل ألمانيا بعد خروج المسؤول من المنصب.
هذه السوابق المهمة تعد إضاءة نستفيد منها في تطبيق عمليات التحقق من الثروات والرقابة على المداخيل، كما أن ما تعتمده دول العالم الأول من وسائل حمائية للمعلومة والرقابة عليها تتجاوز مجرد تعبئة البيانات والتحقق من البنوك وكتاب العدل إلى إيجاد وسائل أكثر دقة للمتابعة.
في مستويات قيادية معينة تصبح كل حياة المسؤول تحت الأضواء وهذا أمر يستهدف الرقابة ولا يعني كشف كل ما يدور في حياة المسؤول من محادثات واتصالات وسفريات داخلية وخارجية، عدا تلك التي قد تؤثر في نزاهته وقدرته على الحكم على الأمور والتصرف بما يخدم المصلحة العامة. الاعتقاد أن الرقابة المالية كافية يحتاج إلى تصحيح فكثير من الأخطاء والتجاوزات التي عوقب عليها كثير من المسؤولين تتعلق بأمور بعيدة عن المادة.
الوقوف بقوة مع القرار ودعم تنفيذه بكل الوسائل المتاحة واجب وطني ونتائجه ستكون – بلا شك – إيجابية على الاقتصاد والمصداقية.

المزيد من الرأي