وضع المملكة في تقرير تقنية المعلومات العالمي الأخير

من كل مائة دولار تصرف على تقنية المعلومات في منطقة الشرق الأوسط تستحوذ المملكة على 40 دولاراً منها. وهذه الـ 40 في المائة مؤشر مهم لأهمية سوق المملكة لصناعة تقنية المعلومات، ونموه المضطرد والسريع. ويقدر أن تزيد مساهمة صناعة تقنية المعلومات في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 20 في المائة بحلول عام 2020. وبالنظر للجاهزية الإلكترونية التي تقيس القدرة على استخدام تقنيات المعلومات والاتصال لتطوير الاقتصاد وزيادة الرفاهية العامة وتحقيق التنمية فقد وصلت المملكة إلى 25% عام 2007، محققة المرتبة الـ 46 على مستوى دول العالم، حسب تقدير معهد قيمة الأعمال (آي بي إم) ومن المتوقع أن ترتفع عام 2012 لتصل إلى 44 في المائة. بل إن معدل النمو السنوي في قطاع تقنية المعلومات في المملكة يصل إلى 12 في المائة وهو أعلى من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي البالغ 4.8 في المائة، حسب تقدير صندوق النقد الدولي لعام 2008.
انعكس كل ذلك في تقرير تقنية المعلومات العالمي 2007 / 2008 الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي (في دافوس) فقد احتلت المملكة المرتبة السابعة عالمياً في انخفاض الضرائب العامة على قطاع تقنية المعلومات ما يسهم في نموه المستديم، كما جاءت المملكة في المرتبة السابعة عالمياً في معدل الإنفاق في مجال تقنية المعلومات في التعليم متقدمة على دول طالما سبقتنا في هذا المجال مثل: النرويج، فنلندا، النمسا، وماليزيا. كما حصلت المملكة على المرتبة الرابعة عالمياً في مجال استيراد التقنية. وفي مجال الإجراءات الإدارية الحكومية وحجم إعاقتها لتقدم الصناعة فقد أتت المملكة في المرتبة 20 متقدمة على لكسمبورج، والدنمارك، والنرويج، وكندا.
غير أنه مازال هناك تحديات يجب أن تتخطاها المملكة لتصل لمراتب أعلى في تقارير السنوات القادمة، مثل تكلفة الاتصال بالإنترنت عن طريق الحزم العريضة، حيث أتت المملكة في المرتبة 101 عالمياً، والمرتبة 94 في تصدير التقنية العالية، والمرتبة 104 في سرعة وقلة الإجراءات القضائية المتعلقة بتقنية المعلومات.
يفسر هذا الصعود في المراتب العالمية عدة عوامل لعل أهم أسبابها النمو الاقتصادي المتنامي في المملكة الذي تعكسه الموازنة العامة التي أولت مشروعات الحكومة الإلكترونية "أهمية خاصة"، وكذلك القوة الشرائية العالية البالغة 554 بليون دولار (حسب إحصاءات البنك الدولي لعام 2007) لتضعها في المرتبة الـ 21 عالمياً، والتوزيع السكاني حيث يعيش أكثر من 88 في المائة من السكان في أوساط حضرية، والتوزيع الديموغرافي الذي يشير إلى تنامي فئة الشباب مقارنة بالفئات الأخرى، حيث يبلغ معدل الذين تراوح أعمارهم بين 0 – 14 إلى 38.2 في المائة من السكان، مقارنة بـ 17.9 في المائة في الولايات المتحدة، 17.9 في المائة في بريطانيا، و14.3 في إسبانيا. وحسب أرقام مصلحة الإحصاءات العامة، فإن أكثر من نصف السكان في المملكة تراوح أعمارهم بين 10 و39 سنة.
تبقى الصورة العامة التي يتركها التقرير أن المملكة في حالة صعود مستمر، وأنها تتجاوز المرحلة التي كانت عليها في التقارير السابقة، ما يوحي بأن التقرير القادم سيظهر المملكة في وضع أكثر تقدماً. وهذا التقدم يحفز على مزيد من بذل الجهود ليس فقط للحفاظ على المكتسبات المحققة، بل للمضي قدماً في تطوير وتنفيذ الخطط الرامية للنهوض باقتصاد جديد يعتمد على قطاع تبادل المعلومات، فنحن كما قيل كثيراً نعيش في عصر تبادل المعلومات، وهي آبار النفط في الفترة القادمة التي لا تنضب، بل تزيد. وبها اكتسحت الهند مثلاً الولايات المتحدة لتفرض عليها التعامل معها ليس على قدم المساواة، بل احترام التقدم الهندي في مجال صناعة المعلومات، لتشكل الشركات الهندية العمود الفقري (بشرياً وتقنياً) للشركات الأمريكية، بل لا نكاد نبالغ حين نقول إن شركات تقنية المعلومات في الولايات المتحدة أصبحت واجهات لجهود هندية. وبالمناسبة فقد احتلت المملكة في التقرير مكاناً متقدماً على الهند في مجال بيئة سوق تقنية المعلومات، حيث أتت المملكة في المرتبة الـ 37 في حين جاءت الهند في المرتبة الـ 49.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي