دور المرأة في الاقتصاد .. ريادة في دراسة «2 من 3»
مع ظهور الحركة النسائية في سبعينيات القرن العشرين، أدركت جولدين أين يمكن أن تصنع بصمتها الخاصة: في دراسة مشاركة المرأة في الاقتصاد. وقد كانت تعايش فترة من التغير الاجتماعي الكبير والتحول في التصورات السائدة تجاه دور المرأة.
وفي مقالة تناولت سيرتها الذاتية بعنوانThe Economist as Detective كتبت عام 1998، "أدركت أن هناك شيئا ناقصا، فقد أغفلت عضو الأسرة الذي سيمر بأعمق تغيير على المدى البعيد، وهو الزوجة والأم، سهوت عنها لأن كل المصادر فعلت ذلك، كانت النساء تظهرن في البيانات حين يكن صغيرات وغير متزوجات وكثيرا ما يظهرن فيها حين يكن أرامل، لكن قصصهن كانت تُسمَع. بالكاد بعد الزواج".
وبدءا من أواخر السبعينيات، أجرت جولدين سلسلة من الدراسات، بحثت فيها الأبعاد المختلفة لتطور مشاركة المرأة في سوق العمل في الولايات المتحدة على مدار 200 عام. وفي كتابها بعنوان فهم الفجوة بين الجنسين: تاريخ اقتصادي للمرأة الأمريكيةUnderstanding the Gender Gap: AnEconomic History of American Women 1990 قالت "إن تاريخ فجوات الأجور بين الجنسين لم يمر بتطور مطرد، بل شهد نوبات منفصلة ضاقت فيها فجوات الأجور، مثلما حدث في مطلع القرن التاسع عشر مع الميكنة، وفي مطلع القرن العشرين مع نشأة العمل المكتبي، وفي ثمانينيات القرن العشرين عندما حققت المرأة إنجازات في التحصيل العلمي".
وفي 2006 أجرت جولدين دراسة عنوانها الثورة الهادئة، التي أحدثت انقلابا في عمل المرأة وتعليمها وأسرتها The Quiet Revolution That Transformed Women’s
Employment, Education, and Family حددت فيها أربع مراحل شكلت دور المرأة في الاقتصاد الأمريكي بدءا من أواخر القرن التاسع عشر، وصنفت المراحل الثلاث الأولى باعتبارها المرأة العاملة ووضعت لها عنوان "تطورية مراحل تخفيف القيود عن المرأة حتى العشرينيات"، ثم المستقلة "جذور بين الثلاثينيات والخمسينيات"، ثم المتزوجة العاملة "الثورة بين الخمسينيات والسبعينيات". ثم جاءت الثورة الهادئة بدءا من أواخر سبعينيات القرن العشرين.
وكتبت جولدين أنه رغم الإنجازات المهمة التي تحققت عبر تلك المراحل التطورية، فقد كان الأرجح أن ترى المرأة حياتها العملية آنذاك باعتبارها فترات عمل متقطعة ووسيلة لكسب الرزق، وكانت سيطرتها محدودة على أهم القرارات التي تؤثر في عملها. وعلى العكس من ذلك، كانت المرأة في حقبة الثورة الهادئة عادة ما ترى حياتها العملية كجزء مهم من هويتها الشخصية وكانت تتخذ بنفسها كل ما يتعلق بها من قرارات. وتوصلت جولدين إلى أن هذه المرحلة الأخيرة كانت مدفوعة في الأساس بزيادة توافر وسائل منع الحمل وارتفاع معدل الطلاق.
غير أن الثورة الهادئة لم تسد فجوة الأجور بين الجنسين. ففي دراسة أجرتها جولدين عام 2014 بعنوانA Grand Gender الشامل بين الجنسين: الفصل الأخير،Convergence: Its Last Chapter ذكرت أن تضييق الفجوة هو أحد التحديات الأخيرة أمام تحقيق المساواة بين الجنسين في مكان العمل في الولايات المتحدة وسائر الاقتصادات المتقدمة. وهنا جاء الإنجاز غير المسبوق الذي حققته أبحاث جولدين التي ذهبت بالنقاش إلى ما وراء الشروح المبنية على التحيز الجنساني، وأوضحت أن معظم فجوات الأجور يرجع إلى ارتفاع تكلفة المرونة الزمنية أو عمل النساء لساعات أقل، أو ساعات أكثر مرونة، كي يتمكن من رعاية أسرهن. وبالتالي، فإن تضييق الفجوة يعتمد على إعادة هيكلة الوظائف لتسمح بمرونة أكبر لكل العاملين، ومن ثم تنخفض التكاليف المصاحبة للمرونة. وقد يبدو هذا التغيير الأساسي مهمة شاقة، إلا أن جولدين أشارت إلى حدوث هذا التحول بالفعل في مجالات منها التكنولوجيا والعلوم والرعاية الصحية، وأن ثماره تعود على الرجل والمرأة على السواء... يتبع.