Author

أفكار للادخار "1"

|

مهما كانت القوانين التي ستقرأها عن الادخار جميلة فإنها لن تكون ذات جدوى بالنسبة إليك إن لم تقم بتطبيقها، وتكن مؤمنا في داخلك أنه يتوجب عليك تغيير كثير من عاداتك الاقتصادية. يجد أغلب الأشخاص أنفسهم في ورطة مالية قبل نهاية كل شهر، ولو قاموا بتقييم شامل لطريقة تعاطيهم مع النواحي المالية وقرأوا قليلا عن تجارب غيرهم في الادخار، لأدركوا أنه قد حان وقت التغيير لكثير من أفكارهم وسلوكياتهم الاستهلاكية!
تقدر ثروة اينغفار كامبراد مؤسس شركة "إيكيا" وثاني أغنى رجل في أوروبا بنحو 40 مليار دولار، ورغم ثروته الطائلة فما زال يسافر على الدرجة الاقتصادية، ويأكل من مطعم الشركة نفسه، كما يستخدم الحافلة في تنقلاته وكذلك سيارته الفولفو القديمة التي لم يغيرها، أما وارن بافيتثاني أغنى رجل في العالم، الذي تقدر ثروته بـ 60 مليار دولار، فما زال يسكن المنزل الذي اشتراه عام 1958 نفسه، ولا يغير جواله إلا نادرا، كما يأكل من المطعم الصغير الذي اعتاده!
إشكاليتنا أننا "لخبطنا" بين الأولويات والكماليات، فجعلنا الثانية تحتل المركز الأول، ولذلك مهما بذلنا من جهد لتجفيف ينابيع الصرف المهدرة فلن نستطيع ما لم نقم بإرجاع الأولويات إلى الواجهة، والتخلص من التقليد الأعمى، والأفكار الاستهلاكية للكماليات، التي نعتقد واهمين أنها تمنحنا السعادة، وهي ثقافة روج لها مشاهير التواصل الاجتماعي بدفع المتابعين لهم إلى الشراء المجنون للماركات والسلع من خلال دعاياتهم وإعلاناتهم، التي يضعون ثمنها في جيوبهم، لكن يدفع ضريبتها الحقيقية المتابع لهم، حين يندفع بلا وعي إلى شراء ما تم الإعلان عنه من قبل هؤلاء!
لا أستوعب كيف يشتري موظف لا يتعدى راتبه ستة آلاف ريال عطرا بألف أو حتى 500 ريال، لمجرد أن مشهورا قام بالإعلان عنه! ولا أستوعب حقا كيف تقوم موظفة لا يتجاوز راتبها سبعة آلاف بشراء حقيبة يد سعرها ألفان أو ثلاثة آلاف ريال! ولا أستوعب أيضا كيف يقوم رب أسرة راتبه لا يتجاوز ثمانية آلاف ويسكن في شقة إيجار، بتعويد أبنائه على الذهاب أسبوعيا إلى المطعم بحجة الترفيه عنهم!
نحن أمام إشكالية حقيقية ويجب علينا الاعتراف بها أولا، حتى نتمكن من اتخاذ الخطوات العملية لطرح الحلول لها.
في المقال المقبل - بإذن الله تعالى - سأطرح عددا من الأفكار والتطبيقات العملية، التي ستجعلك تندهش ليس فقط كيف لم تفكر مسبقا في الأساليب الاقتصادية في معيشتك، بل أيضا في الادخار بشكل شهري؟!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها