جفاف عاطفي

يعاني كثير من الأزواج والزوجات والأبناء الجفاف العاطفي وافتقاد مشاعر الحب في العلاقات الأسرية، وهي مشكلة يتخذها البعض مجالا للتندر وحياكة النكات والطرائف حولها إما هروبا منها أو محاولة فاشلة للتقليل من شأنها!
لا نختلف على وجود الحب والعاطفة بين الزوجين وأفراد الأسرة من أبناء ووالدين وغيرهم، ولكن هل التعبير عن هذا الحب يتحول إلى شيء ملموس كالتعبير الشفهي بالكلمات العذبة، أو الحضن الدافئ، أو الثناء، أو التحفيز المعنوي؟!
ــــ لماذا يصر البعض على أن تبقى عواطفه حبيسة أعماقه، حيث عتمة الخوف والتردد غير المنطقي؟ ما فائدة تكوين المشاعر الجميلة نحو شخص ما دون أن تخبره عنها، هل تدرك روعة تلك اللحظة التي تبوح له بصفاء عاطفتك نحوه، ومدى تأثير ذلك فيه؟ يقول - عليه الصلاة والسلام - "إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليعلمه، فإنه أبقى في الألفة، وأثبت في المودة".
ـــ حين تسأل البعض لماذا هو متحجر في ألفاظه، قاس في عباراته، متشنج في عباراته، يفتقد العاطفة الجياشة في التعبير، ويبرع في إطلاق الكلمات الموجعة؟! فسيجيبك "أنا ابن بيئتي كما قال ابن خلدون فكيف ترتجي مني نعومة في الحديث وتدفقا في العواطف وجمالا في التعبير الحسي، وأنا تربيت في بيئة صحراوية قاسية وفي أسرة تفتقد أساليب التعبير والاحتضان والعواطف؟" وهكذا سيخدعون أنفسهم بمقولة ابن خلدون وبشماعة "أهلنا علمونا الجلافة"، متناسين أن أغلب شعراء الغزل والعواطف والأحاسيس والشعر الرومانسي في العصر الجاهلي والإسلامي ولدوا في البيئة الصحراوية ذاتها. إذن ذلك ليس بعذر إطلاقا!
ـــ إن تدارك الوضع قبل أن يسوء ومعالجة الجرح قبل أن يستعصي هو الحل الوحيد الذي سيقود خطاك نحو البداية الحقيقية، ابدأ في إظهار مشاعرك المتدفقة لزوجتك امتدح شكلها وطبخها وتفانيها، واحرص على أن يكون ذلك أمام أولادك ليتعلموا منكما الدرس لحياتهما القادمة، احتضن ابنك وأخبره كم تحبه وتعتمد عليه وركز على إيجابياته وتغاضى عن سلبياته حتى يشعر بثقتك ويقوم بإصلاحها تلقائيا. حاور ابنتك وأشعرها بمحبتك لها وقربك منها، عبر لوالديك عن امتنانك لهما، أخبرهما كم أنت فخور بهما. فاجئهما بدعوتك لهما وحدهما على عشاء في مطعم، أو هدية جميلة!

وخزة:
جاء الأقرع بن حابس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرآه يقبل الحسن بن علي، فقال الأقرع: أتقبلون صبيانَكم؟ فقال رسول الله: نعم. فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم قط. فقال له رسول الله: «من لا يرحم، لا يرحم».

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي