ركائز مهمة لتطوير استراتيجية إدارة الأعمال

يتطلب إطلاق العنان للموظفين أصحاب المواهب والطاقات المخزونة من القياديين، أن يكون لديهم مخزون متنوع وكاف من الأفعال؛ حيث إن الوعي والمعرفة وحدهما لا يكفي.
يتم تصميم معظم برامج القيادة لصقل المهارات المعرفية والسلوكية للقياديين، على افتراض أن ذلك من شأنه أن ينعكس ضمنيا على الأداء. وبناء عليه عادة ما يطلب من القادة تطوير مهارات مثل:

الوعي والتنظيم الذاتي ومعرفة الغير
ذلك بدوره يتطلب الاستغراق في التأمل والتأمل الذاتي لاستيعاب مكنونات الفرد. فعلى الرغم من أنه من الضروري تنمية مثل هذه القيم، لم يجد الأشخاص الذين طلبنا منهم مراجعة هذه البرامج أي تغير ملحوظ في مستوى القيادة. حيث علق أحد التنفيذيين متسائلا: "ألا يتطلب تغيير شخصية الفرد وسلوكه سنوات من الجهد المتواصل؟ وهل من السهل قياس وتقييم إذا ما كان هؤلاء القياديون سيتبنون هذه الصفات والأساليب الشخصية؟ نظريا يستطيعون، ولكن من الصعب تطبيق ذلك على أرض الواقع". في النهاية، عادة ما يتم إنفاق ملايين الدولارات على ذلك، ولكن من دون حدوث تغيير حقيقي في أسلوب القيادة، على الرغم من الشعور بالحماس في البداية.
على النقيض، ترتكز استراتيجية "المحيط الأزرق للقيادة" على الأفعال، وتركز على الأعمال والأنشطة المطلوبة من القياديين لإحداث قفزة نوعية في الدوافع ونتائج العمل. فخلاصة هذه الأعمال والأنشطة تعادل ملامح استراتيجية الشركة، ولكن الهدف منها تطوير أسلوب قيادة مقنع ومرتكز على الأفعال التي يمكن مراقبتها وقياسها، وتكون مرتبطة بشكل مباشر بمستوى الأداء. هذا الاختلاف في أسلوب القيادة له تأثير مهم في الوقت والموارد المطلوبة لإحداث تغيير ورفع مستوى الأداء. ومن الملاحظ أنه من الأسهل تغيير أفعال الأشخاص على أن تغير من قيمهم وسلوكهم.
بالطبع لا يكمن الحل في تغيير أسلوب أداء القادة فقط، فمن الضروري امتلاك القيم والسلوكيات والصفات الصحيحة. فبالتوجيه والإرشاد السليم تمتلك القدرة على تغيير أسلوب أداء أي شخص كان.

ربط القيادة بواقع السوق من خلال إشراك الموظفين الذين يعملون على أرض الواقع
لاحظنا أن مناهج القيادة التي تتبناها المؤسسات غالبا ما تكون عامة وبعيدة عن مكانة الشركة في عيون عملائها وعن النتائج المرجوة من الموظفين.
على العكس "المحيط الأزرق للقيادة" يركز على الأسباب التي تقف وراء نجاح وفاعلية القادة في ظل الواقع السوقي الذي تواجهه المؤسسات والنتائج المرجوة من الموظفين.

توزيع القيادة على مختلف مستويات الإدارة
من متطلبات الواقع السوقي الذي تواجهه المؤسسات ضرورة توزيع القيادة على مختلف المستويات. لاحظنا أن غالبية برامج القيادة تركز على المستويات العليا فقط، في حين أن سر نجاح المؤسسات يكمن في إعطاء الصلاحية للقادة على جميع المستويات. ومن الصعب على القيادة العليا الارتقاء بالأداء بمفردها، خصوصا أن تقديم خدمة متميزة يتصل بشكل مباشر بدوافع وأفعال الأشخاص الذين على تماس مباشر مع السوق؛ لذا على المسؤولين تفويض الأشخاص من المستويات الأدنى لتقديم مستوى خدمة متميز. المؤسسات بحاجة إلى تطوير أداء القادة عن طريق توزيع القيادة على مختلف مستويات الإدارة، ولكن ليس هذا ما يحصل في معظم الأحيان.
المحيط الأزرق للقيادة عالج هذه الإشكالية عن طريق التركيز على توزيع المسؤوليات على كل مستويات القيادة "العليا والمتوسطة وموظفي المكاتب الأمامية" ولم يحصرها في القيادة العليا فقط، ما يفسح المجال لإطلاق العنان للمواهب والطاقات غير المستغلة.

السعي لتحقيق أفضل النتائج لأعمال وأنشطة القيادة وبأقل تكلفة
غالبا ما ينظر إلى ممارسات القيادة على أنها مهام إضافية على المهام اليومية المعتادة. ولكن مع المنافسة وتخفيض أعداد الفريق الإداري والمساعدين إلى الحد الأدنى، لا يجد القياديون الوقت اللازم لممارسة دورهم القيادي. فالقيام بالمهام اليومية وحده كفيل بوضعهم تحت ضغط العمل، ومن النادر أن يقوموا بأي مهام أخرى. باختصار؛ الوقت غير كاف.
استوعب المحيط الأزرق للقيادة هذا وتخطى عملية المقارنة بين التكلفة وتحقيق النتائج، وذلك من خلال التركيز على الأعمال والأنشطة التي من شأنها إظهار المواهب والطاقات الكامنة لتحسين الأداء، وذلك على حساب أنشطة أخرى. في القيادة، يعزى تحقيق النتائج إلى تحفيز وإشراك الجميع لتحقيق الأهداف المطلوبة، بينما تعزى التكلفة إلى الاستثمار الناجح للوقت الذي يعد من الموارد المحدودة وأكثرها تكلفة.
وجدنا بناء على الأبحاث التي أجريناها أن غالبية الأعمال والأنشطة التي تتطلب من القياديين الكثير من الوقت لا تعمل لمصلحتهم، كما أنها لا تنال تقدير المستويات الأعلى في القيادة، وعلاوة على ذلك تقوم باستنزاف طاقاتهم. عندما يبدأ القياديون في التخلص من هذه الأنشطة والأعمال، سيجدون الوقت اللازم للتركيز على أنشطة جديدة ذات تأثير إيجابي في طريقة إدارتهم للأعمال، وهذا من شأنه أن يسهم في تحقيق النتيجة المرجوة من الأفراد، ولكن سيكون من الصعب تحقيق ذلك ما لم يجد القياديون الوقت اللازم لإدارة أعمالهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي