الاحتياطي النفطي السعودي .. ضامن عالمي
بإمكان المملكة أن تزيد حجم احتياطياتها من النفط الخام. هذا ما أثبتته العقود الماضية، التي شهدت ارتفاعاً مطرداً لهذه الاحتياطيات، بينما تستند السعودية دائماً في تقييم أو تحديد الاحتياطيات النفطية إلى جهات مستقلة، لا مصلحة لها إلا بعرض الحقائق الموجودة بالفعل على الأرض، وليس أقل من ذلك. من هنا نفهم كيف أقدمت شركة أرامكو، أخيراً، على تكليف شركتين أمريكيتين بمراجعة محتوى ما لديها من الخام، بينما أكدت جهات مستقلة أيضاً أن الاحتياطيات الموجودة حتى الآن تتطابق مع كل التقديرات بهذا الخصوص، وأن ما تمتلكه السعودية من خام احتياطي سيرتفع في مرحلة لاحقة، خصوصاً في ظل سلسلة من المخططات الرامية إلى رفع الاحتياطي النفطي إلى ربع إجمالي الاحتياطي العالمي. إنها خطة استراتيجية تدخل ضمن نطاق التحول الذي تمضي فيه السعودية، وفق "رؤية المملكة 2030".
مع المخططات السعودية بهذا الخصوص، ستتجاوز المملكة بلداً كفنزويلا من حيث أكبر احتياطي نفطي. في الواقع ستتحرك المملكة لمضاعفة احتياطياتها من أكثر من 266 مليار برميل حالياً إلى أكثر من 416 مليار برميل.. علماً أن حصتها الراهنة من هذا الاحتياطي تصل إلى 17.9 في المائة، وهي في النهاية نسبة كبيرة مقارنة بما تمتلكه عشرات البلدان النفطية الأخرى. وإذا ما سارت الأمور وفق المخططات الموضوعة بهذا الخصوص، فإن السعودية ستتصدر قائمة البلدان الأكثر امتلاكاً للاحتياطي من النفط التقليدي، تأتي بعدها فنزويلا، التي تليها إيران بحصة أقل مما هي عليه الآن. حتى إن حافظت بعض البلدان على موقعها في القائمة، فإنها ستتراجع من حيث الكمية التي تمتلكها.
وبصرف النظر عن التفاصيل الفنية في هذا المجال، فالمخطط السعودي يمضي قدماً جنباً إلى جنب مع الاستراتيجية الشاملة للتحول الاقتصادي، وهي خطة تفتح الآفاق الاقتصادية في كل القطاعات بما فيها النفط التقليدي، وتمنح الفرص أيضاً للاستثمارات في هذا القطاع الذي سيظل حيوياً رغم كل التحولات الدولية على صعيد الطاقة ككل. علما أن السعودية تمضي قدماً أيضا في مجال الاستثمار في الطاقة المتجدّدة، خصوصاً أنها تمتلك مقومات عالية الجودة ومتوافرة بصورة كبيرة، إلى درجة دفعت مختصين ألماناً في مجال الطاقة الشمسية إلى التأكيد قبل سنوات عدة على أن السعودية بإمكانها التفوق على ألمانيا نفسها في مجال الطاقة الشمسية في غضون عقد من الزمن.
في كل الأحوال، كل خطوة إلى الأمام تتحقق على صعيد الطاقة، تضيف نقطة لمصلحة الحراك الاقتصادي العالمي في المملكة. والوقود التقليدي يظل المحور الرئيس للطاقة. وحسب التقديرات المختصة سيظل بهذه المرتبة لعقود قادمة، حتى في ظل تنامي البدائل الأخرى للطاقة بشكل عام. من هنا، فإن ارتفاع الاحتياطي السعودي من النفط الخام، يدفع في الاتجاه الاقتصادي الصحيح. كما أن ذلك يسهم أيضاً في مساندة النفوذ القوي للسعودية في السوق النفطية. وهذا النفوذ في الواقع يصب في مصلحة الجميع، سواء المنتجون أو المستهلكون، بصرف النظر عن أي اعتبارات. ولذلك تمثل المملكة ضامناً حقيقياً في السوق النفطية؛ ليس فقط لأنها تستطيع أن تغير المشهد؛ بل لأنها تلتزم بكل التعهدات التي تقطعها على نفسها سواء في المجال النفطي أو غيره.