أسرار الشفاء
ما زالت ميكانيكية الشفاء من الأمراض هاجس كثير من الأطباء والباحثين، خصوصا بعد نشأة فكرة العلاج الوهمي بواسطة "هنري بتشر" عام 1995 وهو طبيب رائد في التخدير!
فالعلاج الوهمي أو ما يعرف بـ "البلاسيبو" عبارة عن كبسولة خالية من المواد الفعالة تعطى للمريض على أنها دواء حقيقي، وبلاسيبو كلمة لاتينية تعني "سأتحسن"، وفعلا وجد الباحثون أن كثيرا من المرضى تتحسن حالاتهم، بل إن بعضهم يشفى تماما بعد استخدامهم للعلاج الوهمي؟! ما آثار عديدا من التساؤلات التي حاول الباحثون في جامعة هارفرد الإجابة عنها، لنرى ماذا حدث!
أول هذه الأسئلة هل يجب عدم إخبار المريض بالدواء الخادع؟ وإذا علم هل سيتغير شعوره؟
لذا قام طبيب أسنان بخلع ضرس العقل المتجذر في عظم الفك لمريض بعد إيهامه أنه تم تخديره ثم قام بخلعه والمفاجأة أن المريض شعر بألم خفيف فقط رغم صعوبة الحالة وعدم وجود مخدر!
وقام طبيب مختص آخر بإجراء التجربة على فريق سباق دراجات وأوهمهم أنه سيعطيهم في الجولة الثانية من السباق منشطا طبيعيا جديدا ليرى أثره في سرعتهم التي ستحددها الجولة الأولى، وجاءت النتيجة صادمة فأغلبهم كانوا أسرع في الجولة الثانية، بل حطم بعضهم أرقامهم القياسية!
ولم يقتصر الدواء الوهمي على الكبسولات فقط، بل تطور ليصبح عمليات وهمية، فقد قام أحد الأطباء بإجراء خطير وفريد من نوعه لم يوافقه عليه كثير من زملائه، كان يزرع مادة السيمينت في فقرات الظهر ولاحظ تحسن المرضى، ولكن كانت لديه بعض الشكوك، لذا قام بالتجربة الغريبة على 130 من مرضى العمود الفقري وكان أحد المرضى سيدة مسنة تعرضت لكسر في فقراتها، نتيجة انزلاق على أرضية المطبخ، ما أعاقها عن عملها المنزلي والعناية بزوجها! وبعد خضوعها للعملية مع بقية المتطوعين تحسنت حالتها وعادت تلعب الجولف بعد أسبوع من إجراء العملية!
وللتحقق من شطر السؤال السابق قام باحث آخر بإجراء تجربة على 80 شخصا مصابين بالقولون المتهيج ويعانون آلاما حادة لا تطاق، وتم إخبارهم أنهم سيجربون العلاج الخادع (البلاسيبو) لمدة ثلاثة أسابيع، وهي المدة القانونية المسموح بها لاستخدام البلاسيبو، والغريب أن الآلام المبرحة اختفت لدرجة أن بعضهم ذهب إلى الصيدليات للبحث عن العلاج الوهمي ومع الأسف لم يجده لأنه غير مصرح باستخدامه كدواء إلا في الأبحاث فقط!
من هنا عرفوا أن إيهام المريض لا يؤثر كثيرا في شفائه، ونشأ سؤال آخر وهو ما الأمر الذي يحدثه "البلاسيبو" في الجسم، وهل لديه قدرة على التغيير الكيماوي للجسد رغم عدم احتوائه على مواد فعالة؟